انطلقت نهاية الأسبوع بمنطقة رأس درعة الساحلية جنوب مدينة طان طان بالمغرب مناورة عسكرية مغربية أمريكية مشتركة يشارك فيها أكثر من 300 عسكري امريكي يتوزعون على قوات البحرية والمارينز، مقابل 1200 ضابط وجندي من الجهة المغربية. وحسب مصادر مغربية فإن المناورة التي تحمل اسم "الأسد الإفريقي 09" هي امتداد لتدريبات مشتركة بين قوات البلدين. ويرافق الطاقم العسكري الأمريكي فرق من الوحدات الخاصة من القوات الجوية جاءت بحسب معلومات مغربية من القاعدة الأمريكية بشتوتغارت بألمانيا مقر قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا المعروفة اختصارا ب"افريكوم"، حيث وصل الطاقم الأمريكي منذ أسبوع ونقل مباشرة الى منطقة المناورة حيث تم تنصيب خيم للإقامة ومنها ما تم إعداده خصيصا للجنرال عبد العزيز بناني المفتش العام لقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية الذي تابع يوم أمس السبت شطرا من هذه المناورات البرية والبحرية. وتأتي هذه المناورات في إطار بحث المغرب على دور الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة على نحو يؤدي لا محالة الى استضافة" شبه قاعدة عسكرية" أمريكية في المنطقة. وتأتي هذه الأنباء في الوقت الذي نفت فيه الرباط، سابقا بشكل قاطع، طلبها استضافة القيادة العسكرية الأمريكية الإفريقية "أفريكوم"، وأعلنت أغلب الدول الافريقية رفضها أو تحفظها إزاء إقامة هذه القيادة. في واقع الأمر إن قوة "أفريكوم" ستكون سادس قوة أمريكية للتدخل الإقليمي السريع في العالم، علما أن التفكير فيها والقدوم على تأسيسها جاء بالأساس، تنفيذا لخطة وضعها المعهد الإسرائيلي الأمريكي للدراسات السياسية والاستراتيجية المتقدمة التابع للمحافظين الجدد. وهي القوة السادسة بعد "نورد كوم" (أمريكا الشمالية) و"ثاوثكوم" (أمريكا الجنوبية والوسطى) و"سنتكوم" (الشرق الأدنى والأوسط وأفغانستان وآسيا الوسطى وجمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا) و"باكوم" (المحيط الباسيفيكي والصين) و"أيكوم" (الدولة الأوروبية). إن المنطلق لرواج بعض الأخبار عن استقبال المغرب لمناورات عسكرية لكن تحت قيادة "أفريكوم" هو ما تسرب من بعض اجتماعات البنتاغون، إذ كشف معهد الدراسات والأبحاث التابع للكونغرس الأمريكي في دراسة ظهرت تحت عنوان "القيادة الإفريقية، المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة ودور العسكريين الأمريكيين في إفريقيا" بشأن تمركز وتموقع الجيش الأمريكي لمكافحة الإرهاب في العالم، حيث تسعى واشنطن، ومنذ ثلاث سنوات، للحصول على قواعد عسكرية في القارة السمراء. وقد لمح هذا التقرير إلى أن دولتين أعربتا عن استعدادهما لاستقبال قيادة "أفريكوم" وهما المغرب وبوستوانا. ونفس هذا التقرير هو الذي أبرز إشكالية إقامة قاعدة عسكرية بالمغرب، والتي أسالت الكثير من المداد، إذ جاء فيه بالحرف ما يلي: "... وتجدر الإشارة إلى أن البنتاغون يتوفر على مساحة كبيرة في إقليم طان طان للتدريب العسكري...". اعتمادا على هذه المعطيات بدأت بعض الصحف المستقلة المغربية الحديث عن شبه قاعدة عسكرية أمريكية قد تتحول إلى قاعدة حقيقية مستقبلا، وبعد ذلك تحدث الإعلام المستقل عما أسماه بالتنازلات التي قدمها المغرب للبيت الأبيض مقابل تأييد الاقتراح المغربي لطي ملف الصحراء. المؤكد هو أن تقرير مركز خدمة البحوث للكونغرس الأمريكي أكد بأن المغرب من الدول التي تحظى واشنطن فيها بتسهيلات عسكرية من قبيل استعمال ترابه للقيام ببعض العمليات العسكرية. ويذهب بعض المراقبين السياسيين إلى أن المغرب مستعد لكل الخيارات مستقبلا في سبيل سيطرة نزعته التوسعية على المنطقة المغاربية.