تشير المؤشرات الدبلوماسية إلى جهود يجري بذلها في الخفاء بين دول محورية من أجل لملمة شمل الأمة العربية، في ظرف تركز القوى الكبرى اهتمامها على إيران العدو الجديد للغرب ولأمريكا بوجه خاص وصنيعتها المدللة إسرائيل. ومن أجل إحكام قبضتها على المنطقة العربية وإلهائها لبعض الوقت عن القضية المركزية '' فلسطين ''، عمدت واشنطن مدعومة بالأوروبيين إلى توجيه الأضواء وتسليطها على ما تعيشه الساحة الإيرانية من تجاذبات وصلت لحد الاضطرابات السياسية المؤقتة لكنها مؤهلة للدوام إذا لم تعرف كيف تخمد نيرانها حكومة طهران المعزولة عربيا وإسلاميا . عربيا، شكلت الجزائر الأسبوع الماضي محطة هامة في الجهود الدبلوماسية التي قد تمهد لمصالحة عربية خلال القمة العربية في ليبيا أواخر الشهر المقبل، وترجمت زيارة نائب رئيس الوزراء السعودي وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز وتباحثه مع الرئيس بوتفليقة وكبار المسؤولين في الدولة . مصادر مطلعة أكدت أن الوضع العربي كان في صلب المباحثات التي استغرقت ساعات، ونظرة المملكة العربية السعودية لقضايا اليمن والسودان والأزمة الناشبة بين الجزائر والقاهرة ولبنان والقضية الفلسطينية وخاصة الملف النووي الإيراني. وقد تلقي هاته الملفات بثقلها على مواضيع القمة العربية، التي قد تعرف غياب عدد كبير من القادة العرب بحجة قضايا داخلية مثلما هو الشأن بالنسبة لليمن والبحرين والسعودية والأردن ومصر وسلطنة عمان والاكتفاء بإيفاد وفود بتمثيل أدنى .. فيما تؤكد مصادر خاصة ل '' المستقبل '' حضور الكويت والإمارات والدول المغاربية ولبنان وسوريا والعراق بأعلى مستوى للتمثيل. السعودية أيضا تأمل أن تشكل قمة ليبيا العربية في مارس المقبل نهاية صريحة وحقيقية للخلافات العربية، وربما طلبت الرياض من الجزائر بذل مساعي لدى العقيد معمر القذافي لاستثمار زيارة قادة الدول العربية من أجل بعث الحوار العربي - العربي واعتماد خطاب عربي وحدوي وهادئ ينهي سنوات الجفاء بين طرابلسوالرياض وعدة عواصم عربية لا تزال تتحفظ في ما يخص تطوير العلاقات مع حكومة القذافي بسبب ما تعتبره '' مزاجا متغيرا وغير متوقع للقيادة الليبية ''. بالنسبة إلى الجزائر، وبحسب مصادر مطلعة، القمة العربية المقبلة تعد قمة مغاربية بالدرجة الأولى، إذ يرتقب حضور ومشاركة جميع رؤساء الدول المغاربية الخمسة، وذلك طمعا في مناقشة مبادرة الجزائر الرامية الى تحويل الاتحاد المغاربي المتعثر إلى تكتل اقتصادي يتبنى البراغماتية الاقتصادية والتجارية شعارا وخريطة طريق وحيدة للعمل المشترك بين هذه الدول . من جانبها، الجزائر لا تمانع في رؤية علاقاتها مع المغرب تتحسن إذا ما قبلت الرباط بمنطق التفاوض المباشر مع البوليزاريو والتوقف عن توريط الجزائر في صراعها مع جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. شرط جزائري لن يكون سهل التلبية إذا لم ترى الرباط حدودها الشرقية المغلقة منذ 1994 تفتح مجددا أمام حركة تنقل الأفراد والسلع. ولعل الزيارة التي يقوم بها الوزير الأول أحمد أويحيى إلى طرابلس لترأس أشغال اللجنة المشتركة العليا مع ليبيا ستتطرق إلى هذه الموضوعات بشكل مستفيض، كما ستكون لأويحيى الفرصة لتبليغ العقيد معمر القذافي رسالة بوتفليقة حول العلاقات الثنائية والعلاقات العربية والمغاربية وخاصة القمة العربية .