لازالت ظاهرة رمي الأطفال الرضع في ارتفاع مستمر ،حيث تشير آخر الإحصاءات الأمنية أنّه جرى العثور على 130 رضيعا خلال ال25 شهرا المنقضية، بينهم 73 وجدوا ميتين وفي حالة متقدمة من التحلل، بينما تمكنت المصالح المختصة من إنقاذ حياة 57 رضيعا بأعجوبة في حالات انتبه فيها سكان محليون إلى أنين رضع أنهكهم البكاء وسط أكوام القمامات أو على أطراف مناطق معزولة.و مع تفاقم هذه الظاهرة وبلوغها منحنيات مخيفة في السنوات الأخيرة بالتزامن مع تضاعف أعداد ما صار يُعرف ب"الأمهات العازبات" اللواتي يربو عددهنّ عن العشرة آلاف فتاة ، أصبح من الضروري التصدي لهذه الآفة بإصدار نصوص و تشريعات تحمي الأطفال الرضع من التشرد و القتل ، و سن قوانين ردعية لإجبار الآباء على الاعتراف بأولادهم وانتسابهم إليهم.و يرى بعض المختصون أنّ اتساع رقعة رمي الرضع حديثي الولادة متصل رأسا بالاعتداءات الجنسية، إضافة إلى إفرازات العلاقات الجنسية المقامة خارج إطار المؤسسة الزوجية، ورغبة الفتيات المتورطات التخلص من حملهنّ الذي يمثل عارا وفضيحة بأعين المجتمع الجزائري المحافظ ، فتلجأ غالبيتهنّ إلى رمي فلذات أكبادهنّ في عرض الشوارع، علما أنّ ما لحظه عناصر الشرطة هو أنّ غالبية الرضع الذين عثر عليهم كانوا موضوعين داخل أكياس سوداء وكثيرا ما كانت أجسادهم الصغيرة عرضة لسعار الكلاب والفئران.وما يبيّن خطورة مثل هذه الظاهرة، هو المصير المجهول لكثير من الرضع الذين تكتب لهم العناية الإلهية أعمارا جديدة، وتقول جمعيات الطفولة المسعفة أنّ في الجزائر ما يزيد عن خمسة آلاف طفل مشرّد متروكين لحالهم في الساحات العامة والأقبية، وعادة ما يكون هؤلاء بين مطرقة الفقر وسندان الانحراف، في صورة بشعة تتبدى على واجهات جزائر 2009.ويلقي مراقبون باللائمة على السلطات التي سارعت إلى إقرار منح لصالح الأمهات العازبات والإكثار من إنشاء دور الحضانة، مركّزة على النتائج وتاركة الأسباب، حيث يرى خبراء اجتماعيون أنّه كان ولا يزال من الأجدر أن تهتم الجهات الرسمية بعامل التوعية والتوجيه وتحسيس أولياء الأمور بحتمية مراقبة أبنائهم وعدم تركهم ينجرفون إلى الرذيلة وما يترتب عنها من انعكاسات غاية في الوخامة.