قد يميل الكثير من البشر احيانا للإنفصام عن الواقع والإنسياق وراء عالم الخيال، وقد يكون سبيلهم إلى ذلك اقتناء مختلف روايات الأدب أو أجمل دواوين الشعر أو حتى حجز تذاكر لحضور أفلام سينمائية تكون سيناريوهاتها مؤثرة من شأنها أن تحرك بداخلهم مشاعر الفرح.. الحزن.. الخوف.. الحب.. مسلمين بأن كل تفاصيلها غير حقيقية ونابعة من مخيلة الكاتب أو ما هي إلا علامة من علامات ابداع وفحولة الشاعر، مغفلين أهم حقيقة وهي أن هذه الأخيرة ما هي إلا ترجمة لأحاسيس اختلجت يوما ما في قلوب هؤلاء الكتاب أو مواقف عايشوها هم أو من حولهم، ايقظت شيئا في ذواتهم زعزع روحهم فخطها حبر أقلامهم.. هذه القصص والحكايات ما هي إلا تعبير عن تاريخ بيوت المدن أو بمعنى آخر تاريخ سكانها والذي لم تؤرخه سجلات التاريخ ولكن دونته كتب الفن والأدب... حكاية اغرب من الخيال، قد يظن قارئها أن كل تفاصيلها هي نسج من خيوط الخيال، ولكنها في الحقيقة أصدق تعبير لحياة ومعاناة يومية عايشتها مجموعة من النساء شاء القدر أن يختارهن ويضعهن في هذا الإمتحان الصعب، ولكن ليس كل ما يبتغى ينال، فكان مصيرهن بالإجماع الفشل مخلفا وراءه أضرارا ومعاناة عاشها أولادهن في وقت لاحق، وكان المتسبب فيها هو أحد الرجال الذين اغرقوا أنفسهم في إدمان من نوع خاص جدا وهو "إدمان اعادة الزواج". هو السيد (ب.ب) القاطن بولاية البليدة، تجاوز العقد الخامس من عمره، لكن تفاصيل حياته ومدخلاتها تساوي ثلاثة أضعاف عمره. اثارتنا قصته وأردنا معرفة بعض تفاصيلها ولكن هدفنا لم يكن مجرد السرد القصصي المطنب أو التداخل في خصوصيته وحياته أو التدخل فيما لا يعنينا، ولكن اردنا إظهار بعض صور الأسى والألم التي الحقها هذا الرجل بمن شاركته يوما من الأيام مخدعه، وهذه الصور المؤلمة لم تشملهن فحسب، بل تعدت ذلك الى ثمرات هذه المشاركة أو ما يسمون بأبنائه وبناته وأكثرهم لا يملكون له صورة ولو حتى في مخيلتهم. أردنا ذكر هذه الواقعة حتي تكون عبرة لمن يعتبر، ويفهم بعض اللذين تستهويهم مثل هاته المغامرات أن آثارها جسيمة وأنها تتعدى دائرة حرياتهم وحياتهم الشخصية ومن شأنها أن تؤثر في حياة اشخاص أكثر وفي اغلب الحالات دون أن يتفطن الفاعل بأن مغامرته المسلية قد تحدث كل هذا الأثر النفسي والطويل المدى على الآخرين. خلطة الذكاء والشعوذة رجل جعل من ذلك الرباط القدسي الذي أوجده الله عز وجل كضابط لشهوات النفس وحافظا للنسل ومانعا لإختلاط الأنساب السبل لتحقيق عكس ذلك، فجعل من الزواج لعبته المفضلة، مارسها 25 مرة في حوالي 58 سنة كزوج من نساء من مختلف ولايات الوطن وجعل من أبغض الحلال عند الله الطريقة الأسهل للإبتعاد والتهرب من المسؤولية عند الملل. اثمرت نزواته أكثر من 21 طفلا -المتعرف عنهم لحد الآن - حيرتنا طريقته الذكية في جذب هذا الكم من النساء واللائي تميزن بالجمال والعلم والغنى في كثير من الأحيان، سألنا إحدى زوجاته السابقات السيدة »ب« عن طريقته في جذبهن، فذكرت بأن هيبته ومظهره الخارجي كان يوحي بالوقار والهيبة، أما كلماته بإجماع من نسائه كانت حسب قولهن إما ساحرة أو مسحورة، وتضيف زوجته عاملا آخر مساعد له على جذبهن فندكر بأنه بالإضافة إلى عمله السابق قبل تقاعده، حيث كان موظفا بديوان الترقية والتسيير العقاري، كان يمارس الشعوذة فتقول "كان طالب"، حيث أن زوجته الأخيرة وهي من عائلة جد غنية وذات مركز مرموق، تزوجها بخدعة ذكية حاك تفاصيلها هو وأخته، حيث أن هذه الأخيرة صودف وأن كانت لها إبنة تعاني من مرض وكانت تبحث عن راق أو طالب فدلتها أخته عليه، وما أن وضعها القدر في طريقة حتى لاقت مصير سابقاتها فخدعها بكلامه ومظهره وتزوجها.وتضيف محدثتنا بأنه يستغلهن ماديا بشكل كبير، فهو يختار عمدا زوجات عاملات حتى يتمكن من الإستفادة من راتبهن بالإضافة الى الإستغلال الجسدي والنفسي، فهو يمضي معهن ما يحلو له من الوقت وما أن يمل حتى يهجرهن ويسافر الى منطقة أخرى ويختار ضحية أخرى من ضحاياه، يمارس معها نفس التجربة السابقة ويتوصل آليا الى نفس النتائج ويتسبب في كل المرات في ترك هؤلاء النسوة وحيدات ويشعل بداخلهن نارا ويتركهن حائرات، وفجأة مسؤولات على ولد أو اثنين بحكم الفترات القصيرة التي يقضيها معهن. نفسيات مدمرة وأنساب مختلطة...اما من ناحية الآثار التي تركتها مغامراته على الأولاد، فنقلها لنا بكل أسف وحزن أحد أبنائه وهو الشاب (ي.ب) وهو ابنه من زوجته الثانية، ذكر لنا هذا الشاب حادثة كلما تذكرها تمزق قلبه وأحس بالسخط على والده والتحقير لنفسه فذكر هذا الشاب أنه في مرحلة مراهقته حين بدأ اهتمامه يتوجه نحو الجنس الآخر كان يميل الى احدى البنات في الثانوية وكانت هذه الفتاة تقطن بنفس حيه وهذا ما عزز كثرة اختلاطه بها وكان بإمكان علاقتهما أن تتطور إلى أكثر من صداقة لولا أن الله رقيب لا تخفى عليه خافية فسخر السبب الذي كان حسب قول هذا الشاب "القطرة اللي أفاضت الكأس"، ففي خضم تطور هذه العلاقة كان أخ هذا الشاب وهو الإبن الأكبر قد مال الى الإلتزام والتدين فبدأ بمحاولة جمع اخوته حتى لا تختلط الأنساب واكتشف (ي.ب) ان تلك الفتاة التي أعجبته في يوم من الأيام كانت أخته من نفس الأب، وهذا ما أثر على نفسيته بشكل كبير وأدى به إلى رفع دعوى قضائية ضد أبيه واحتقاره إلى الأبد، وبدأت سلسلة الإكتشافات بعد ذلك، فتبين أن ثلاثة من إخوته كانوا يسكنون في نفس حيه دون أن ويعرف أحدهم الآخر، فحقيقة أنه في بعض الأحيان لا يكون للأبوة من الصلب وللأخوة من الرحم أي معنى.كان هذا جانب من حكاية هذا لرجل وقد تكون مثل هذه الحالة نادرة جدا، ولكنها موجودة. والملاحظ أنه لو اجتمع في وطن واحد أقل عدد من هذه الظواهر من شأنه أن يحدث أكبر كم من الخسائر.. والعبرة لمن يعتبر..