ديكور يومي أصبح يعيشه المواطن و مستخدم الطرقات في عاصمة البلاد ، أزمة سير خانقة ولا منتهية تعرفها شوارع وطرقات الجزائر العاصمة السريعة و الفرعية منها ،مشكلة باتت الشغل الشاغل للفرد الجزائري وحديثه اليومي. ظاهرة اكتظاظ الطرقات وان أسالت الكثير من الحبر عن أسبابها المباشرة و الغير مباشرة ،الى أنها في تزايد مستمر يوما بعد يوم ،جريدة" المواطن" أرادة معرفة الأسباب الحقيقية التي خلقت هذه الأزمة في السنوات الأخيرة ،لكن أردنا معرفه أراء الشارع الجزائري وركزنا على مستخدمي الطرقات بشكل يومي ، وكانت وجهتنا الأولى سائقي السيارات الأجرة ،وقفنا عند عمي "محمد" الذي يعمل علي خط ساحة أول ماي – المدنية و الذي قال :" أن العاصمة هي سبب المشكل، فهنا يوجد المستشفي و الجامعة و الوزارة و المؤسسة وبهذا تكتر فرص العمل ،مما يجعل الكثير من المواطنين يأتون من ولايات عديدة ،هذا ما سيخلق فوضى في جميع المجالات خاصة الطرقات ويضيف اذا ابتعدنا عن العاصمة سنلاحظ حتما الفرق " ، وفي طريقنا صادفنا سائق حافلة عمومية وطرحنا عليه نفس السؤال وما يراه سبب في أزمة السير الحالية ، هذا المواطن الذي صب جام غضبه على السلطات التي لم تجد حل سريعا للازمة بل زادتها سوءا بنصبها للحواجز الأمنية الموجودة حتى في الطرقات السريعة، يقول محدثنا الذي رفض ذكر اسمه ،انه كان يعمل اكثر من خمسة عشر رحلة في اليوم ليتقلص العدد إلي تسعة رحلات في اليوم ،أو ربما اقل مما ساهم في تقليص الربح بالنسبة لسائقي الحافلات العمومية . كانت وجهتنا الثانية بلدية القبة'، أين التقينا السيدة "كريمة" و التي كانت على متن سيارتها متجهة ألي مقر عملها ببن عكنون ، تقول: "أن هناك عدة أسباب جعلت طرقاتنا هكذا، فنحن لما استردنا السيارات كان من الأولوية لنا أن نوسع الطرقات بنفس الوتيرة ،وهنا طرحنا سؤال علي السيدة "كريمة" مفادها أن الفرد الجزائري أصبح يميل لثقافة الاستهلاك ومنه امتلاك سيارة اكثر من ذي قبل ،فتبتسم محدثتنا وتضيف بالطبع مدام هناك قانون دخيل اسمه القروض البنكية ، إذ أصبح بمقدور كل واحد ولو كان عاملا بسيط أن يمتلك سيارة وفي وقت وجيز" ، وفي نفس المنطقة التقينا" فارس" وهو طالب في كليه العلوم السياسية و الاعلام و الذي قال:" أن هذه الأزمة وليدة السنوات الأخيرة أي بعد ظهور البيع بالتقسيط،، حيث كنا نستخدم الطريق طوال النهار ولم نر مثل هذا الاكتظاظ إلا في أوقات معينة كساعات العمل و الدخول والخروج الرسمي، بالرغم من أن وسائل النقل متوفرة خاصة لنا نحن الطلبة ، إلا أن أزمة السير هي العائق الوحيد في التأخر عن مواعيدنا و عن مقاعد الدراسة إذ أصبحنا نتأخر دائما عن الحصة الأولى ، ويعود السبب إلى رداءة الطرقات وكثرة السيارات الجديدة وأصحاب الرخص الجديدة، خاصة بعد أن تمكن معظمهم من شراء سيارات بالتقسيط"و يقول السيد" عبد العزيز ": إن أزمة الطرقات في العاصمة قد أصبحت أمرا عاديا ومألوفا بل جزءا من حياة المواطن الجزائري· و المحير في الأمر أن المسؤولون في الجزائر لا يعرفون بداية ولا نهاية لأزمة المرور، فاليوم لا فرق بين الدخول المدرسي وأوقات العطلة الصيفية كلها سواسية و الاكتظاظ نفسه ، فالمسؤولية يتحملها المسؤولون الذين فشلوا في تنظيم حركة المرور في الشوارع الرئيسية، ويقول السيد" عمر": لا يوجد في الجزائر اليوم نظام سير صارم ، ضف الى ذلك مخالفة قوانين المرور وعدم احترام الإشارات من قبل السائقين ، ولا ننسى أيضا الحالة المزرية لطرقاتنا فهيا إما ضيقة أو متهرئة". وان تباينت أراء الشارع الجزائري حول أسباب ازدحام حركة المرور،الا أنها إصابة موطن الداء ،فبعد أن كان الاختناق يقتصر علي أيام معينة من الأسبوع، أو أوقات محددة تكون اغلبها ساعات الدخول أو الخروج من العمل ،أو علي مناطق تصنف علي أنها نقاط سوداء ، الي أن المشكل تفاقم اليوم و كسر هذه القاعدة ، وما يجب معرفته أن هناك سببين أساسيين يتدخلان في هذه المشكلة ، سبب داخلي يمثل الطريق و السائق من جهة، وسبب ثاني يتمثل في عدة عوامل خارجية تزيد الوضع سوءا .و أول ما يلاحظه مستخدم الطرقات أما السريعة أو الفرعية كثرة الحواجز الأمنية في طرقاتنا ،وان كانت هذه الظاهرة نتيجة حالة أمنية معينة عاشتها البلاد في فترة زمنية ماضية ،فرضت وجود مثل هذه حواجز،الا أن وجودها اليوم لا يقتصر علي حفظ الأمن فقط، بل تعداه وأصبح له أغرض أخرى فمصالح الأمن تقوم بالمراقبة ومعاقبة المخالفين ومتجاوزي القوانين ،لكنها في نفس الوقت تعد من أهم أسباب الاكتظاظ ،كما أن السائق يلعب دورا كبيرا في مضاعفة الأزمة ، فإذا كان المواطن يعاني من الازدحام فهو جزء منها وسبب رئيسي من أسبابها ،فأما أن يكون السائق متهورا ومخلا بضوابط المرور أو مفرطا في السرعة ، وكذا التجاوزات الخطيرة التي تسبب حوادث مرور مميتة تخلق فوضى عارمة تزيد من حدة المشكل .أما عن الأسباب الخارجية فنلاحظ الارتفاع المذهل للحظيرة الوطنية للسيارات اذا تزايد 3 0اضعاف ما كان علية سابقا، فقد سجلت هذه الأخيرة أرقاما مذهلة كانت خارج التوقعات وكذا انتعاش سوق استراد السيارات في الجزائر، وتطبيق قانون القروض البنكية مما سهل اقتناء المركبات بصورة اكثر مما كانت عليه ، وبالمقابل لم تتسع طرقاتنا وبقيه على مكانة عليه ،فمثلا الطريق الوطني رقم 05 الذي يعتبر المنفذ الوحيد أمام 06 ولايات من شرق الوطن لدخول العاصمة يستقبل يوميا حوالي 3 ملايين سيارة ،علما أن قدرته الاستيعابية لا تتحمل هذا الكم الهائل من المركبات .وكذا حالة بعض الطرقات التي لا تصلح لسير فدرجة الاهتراء بها وصلت الى حد كبير، هذا ما يسبب الازدحام ، مثل منطقة الحميز بالدار البيضاء والتي تعتبر من أهم النقاط السوداء بالنسبة للمناطق الشرقية للعاصمة ،ولا ننسى كذلك أشغال تهيئة الطرقات أو توسيعها فالجزائر العاصمة تعتبر اليوم ورشة بناء كبرى فمثل أشغال انجاز الطريق الاجتنابي الجديد(طريق سريع) و الرابط بين ولاية بومرداس (بود واو ) بولاية تيبازة ( زرالدة) ،وكذا أشغال الترامواي الذي من المقرر أن تنتهي أشغاله في 2010 والذي سينقل حوالي 185 ألف راكب يوميا ، تزيد أشغاله من الاختناق مثل ما تعانيه منطقة باب الزوار و منطقة برج الكيفان شرق العاصمة ،وهو نفس المشكل الذي تعرفه عدة مناطق من العاصمة بسبب أشغال الميترو.و هناك عدة أسباب تعد ظرفية كسوء الأحوال الجوية ،فطرقات العاصمة تكون في أسوء حالاتها في موسم تساقط الأمطار وهو سبب طبيعي، إذ أن السيارات تعمل علي تخفف السرعة ،وكذا الدخول الاجتماعي الذي يشهد حركة كثيفة مقاربة بموسم الاصطياف، أين يتناقص المشكل بشكل كبير ،كما أن السياسة الوطنية تزيد من تأزم الأوضاع ،باعتبار أن أوقات الدخول و الخروج لكافة قطاعات و مؤسسات الدولة محددة ، ونفس الشيء بالنسبة لأيام الاستقبال إذ من الملاحظ أن الازدحام في السنوات الأخيرة يبدأ من الساعة السادسة في ضواحي العاصمة ليمتد الي الوسط ويستمر كامل الوقت ، لينتهي بعض الأحيان على الساعة 20:00 في بعض المحاور و الطرق الرئيسية. وان تعددت الأسباب اختناق الطرقات في الجزائر العاصمة فالمشكل واحد و أزمة السير لن ترى النور الى اذا تضافرت جهود الدولة من جهة وجهود المواطن من جهة أخرى .قريسي صارة