رغم انقضاء ما يزيد عن 44 سنة عن عرض الفيلم الثوري معركة الجزائر إلاّ أنّ هذا العمل الظاهرة الذي أبدعه المخرج الإيطالي الراحل جيلو بونتيكورفو بالأسود والأبيض، لا يزال يصنع الحدث على طريقته، وارتأى أحد صانعيه وهو المجاهد المخضرم ياسف سعدي الذي أدى أحد أدوار البطولة في الفيلم، العودة بقطار الذكريات إلى خمسينيات القرن الماضي حينما استفزت معركة حي القصبة الشهير بين الفدائيين الجزائريين والمظليين الفرنسيين، قريحة ياسف سعدي وجعلته يسهم في تجسيدها بعد استقلال الجزائر إلى ملحمة سينمائية جسدت انتفاضة الجزائريين ضدّ المحتلين، نجحت بافتكاك إعجاب عالمي منقطع النظير. وقال الوجه الثوري المخضرم ياسف سعدي ، أنّ فيلم معركة الجزائر هو ملك لكل شهداء الثورة وأبناء الجزائر، وأضاف قائد المنطقة الحرة أثناء ثورة الجزائر التحررية ، بأنّ فكرة إنجاز هذا الفيلم خطرت بباله في السجن بعدما حكم عليه قضاء الاحتلال الفرنسي للمرة الثالثة بالإعدام، وأثناء عزلته المطوّلة في زنزانة انفرادية بسجن سركاجي أعالي العاصمة ، سعى ياسف سعدي آنذاك إلى تخزين كل الأعمال البطولية التي قام بها رفقة مجاهدي جيش التحرير، وحضّر نفسه لكتابة مجموعة من الأوراق المتناثرة تمهيدا لسيناريو حول حقبة مهمة من تاريخ الجزائر. ويقول ياسف سعدي أنّه عندما اعتلى الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول سدة الحكم، أصدر أحكاما بالسجن على عدد كبير من الثوار الجزائريين الذين حُكم عليهم بالإعدام قبل ذلك، فتمكن سعدي حال تنقله إلى سجن آخر بفرنسا من البدء بكتابة ما كان بجعبته من ذكريات ثورية منذ انتسابه إلى المقاومة الوطنية أوائل العام 1948، وصولا إلى اعتقاله سنة 1957، لينتهي في آخر سنوات أسره من كتابة سيناريو سماه ذاكرة معركة الجزائر.بيد أنّ ياسف سعدي وبعد تنقله إلى إيطاليا وعرضه السيناريو على المخرج الإيطالي الراحل جيلو بونتيكورفو، أقنعه الأخير بإعادة كتابة السيناريو من طرف السيناريست الإيطالي الواقعي فرانكو سولوماس لإعادة كتابة سيناريو الفيلم، لتسير الأمور على نحو سريع، وبدأ بونتكيرفو رفقة فريق العمل بتصوير مشاهد هذا الفيلم المطوّل أوائل العام 1965. وفيما يخص تمثيله لشخصية الهادي جعفر في الفيلم رغم انعدام أي تجربة له في الميدان، أوضح ياسف سعدي بأنّ ذلك تم بعد مشاورات عديدة مع مخرج الفيلم الذي أقنعه بأنه هو الأليق للعب الدور، مشيرا إلى أنه قبل لعب الدور بهدف تأمين القيمة والحقيقة التاريخية للفيلم، لذا كان الحرص مضاعفا على إعادة إنجاز وبناء كل الأماكن والمواقع الحقيقية التي جرت فيها وقائع الفيلم بدقة متناهية، ما أهلّه لنيل جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي في تلك السنة. الهام سعيد