صدرت رواية جديدة للكاتب الجزائري واسيني الأعرج عن منشورات بغدادي بالجزائر بعنوان كريماتوريوم... سوناتا لأشباح القدس، وهي عبارة عن مأساة امرأة فلسطينية من أصول بربرية أندلسية فقدت أرضها. وتدور أحداث الرواية حول مأساة امرأة تدعى مي، وبينما هي على فراش الموت بمستشفى نيويورك المركزي عام 1999، تقرر مي الاتصال بمؤسسة أليس ايلند لمصاحبة الموتى إلى راحتهم الأخيرة، لتمنح جسدها للمحرقة، بحيث يوضع الإنسان في كريماتوريوم يعمل على درجة ثماني مائة وخمسين درجة مائوية، ولا يبقى من جسده إلا العظام. وتدرك مي جيدا أن أكبر محرقة يعيشها المرء هي أن تسرق منه أرضه ويرمى على حواف المبهم. كما اتخذت مي قرارا ثانيا، وهو الشروع في كتابة يومياتها، بكل الصدق الذي يملأها، لتنسى الموت بشهوة الكتابة. وبالكتابة استطاعت أن تتخلص من بعض أنينها العميق، والكتابة تفتح كل الجراح المغلقة وتدفع بعواصف الدم الجارف نحو الخروج للمرة الأخيرة.إذ تستعيد طفولتها في حارة المغاربة بالقدس. بدء بسنة 1947 حينما تقرر تقسيم فلسطين، فتذكرت حالة الحزن التي كانت تملأ الوجوه .ثم تاريخ 15 مارس 1948 عندما أعلن الإنجليز انتهاء الانتداب بعد أن سلموا كل شيء للجنود ، وقاموا ببيع الفلسطينيين لليهود، فتأكد ل مي يومها أن شيئا مهما في المدينة الطيبة التي كانت تسمى مدينة الله قد انكسر.وتعود إلى طفولتها بحي المغاربة بالقدس، فتحس بالراحة الداخلية،و تكتب عن هواجسها الفنية، عبر العنوان الذي أعطته لمعرضها سلطان الحياة، ومنه تتحدث عن هويتها المبهمة ، وتسرد تفاصيل هجرة العائلة إلى أمريكا بعد أن قضت فترة في بيروت رفقة خالها بحثا عن الخلاص، في مدينة نيويوركالمدينة الكبيرة ، التي يدخلها المهاجرون بمحاذاة تمثال الحرية. ومن جهة أخرى تستعيد مي أحيانا مأساة العائلة، وكيف عرفت وهي في أمريكا أن بعضهم باع أرضه لإنجليزي ، والذي باعها بدوره ليهودي، وكيف اتخذ جدها قرارا عائليا بتحريم بيع الأراضي .وتجدر الإشارة أن الكاتب الجزائري واسيني لعرج عبر عن هذه الرواية أنها مليئة بالرموز، وأكد على أن الفكرة الجوهرية في مثل هذه الرموز أن إسرائيل وظفت الجانب الرمزي لبنائها، لأنه أكثر نفوذا وقوة من الأسلحة وقد تفطنت إسرائيل لذلك واشتغلت عليه حيث رفضت دفن الرئيس ياسر عرفات وإدوارد سعيد لأنها تدرك أن وجود القبر له دلالة رمزية تتحول إلى حقيقة رمزية لاحقا، وبالتالي رسالتها تقول إنه يمكن أن نقاومهم برمز آخر هو رمادنا الذي سيتغذى منه التراب والماء.الهام سعيد