من تأمل أفعال الباري سبحانه، رآها على قانون العدل، و شاهد الجزاء مراصداً، و لو بعد حين، فلا ينبغي أن يغتر مسامح، فالجزاء قد يتأخر. ومن أقبح الذنوب التي قد أعد لها الجزاء العظيم، الإصرار على الذنب، ثم يصانع صاحبه باستغفار، وصلاة، وتعبد، وعنده أن المصانعة تنفع. وأعظم الخلق اغتراراً، من أتى ما يكرهه الله تعالى، و طلب منه ما يحبه هو، كما في الحديث: (والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني). ومما ينبغي للعاقل أن يترصد، وقوع الجزاء، فإن ابن سيرين قال: عيرت رجلاً فقلت: يا مفلس، فأفلست بعد أربعين سنة. و قال ابن الجلا: رآني شيخ لي وأنا أنظر إلى أمرد، فقال: ما هذا؟ لتجدن غبتها، فنسيت القرآن بعد أربعين سنة. و بالضد من هذا، كل من عمل خيراً أو صحح نية، فلينتظر جزاءها الحسن، وإن امتدت المدة. قال الله عز وجل: (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين). وقال عليه الصلاة والسلام: (من غض بصره عن محاسن امرأة أثابه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه). فليعلم العاقل أن ميزان العدل لا يحابى.