أثار الحديث عن مشاركة الطائرات الأميركية بدون طيار في الحرب على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب باليمن مخاوف من تزايد التدخل الأميركي في البلاد، وطرح تساؤلات عن حقيقة التدخل العسكري الأميركي باليمن وعن تداعياته وأهدافه. وفي حين نفت السلطة ما كشفته وسائل إعلام أميركية مؤخرا عن وجود طائرات أميركية بدون طيار تحوم في سماء اليمن منذ أشهر، وعن تسلحها بصواريخ لضرب عناصر تنظيم القاعدة، فإن ثمة مؤشرات بحسب العديد من المحللين على أن التدخل الأميركي يتصاعد. وأعاد الحديث عن طائرات أميركية بدون طيار إلى الأذهان حادثة اغتيال رجل القاعدة الأول باليمن أبو علي الحارثي، الذي قصفت سيارته بصاروخ من طائرة بريداتور أميركية بصحراء مأرب في نوفمبر 2002، وذلك إثر تفجير المدمرة الأميركية يو إس إس كول في ميناء عدن عام 2000، والذي قتل فيه 17 جنديا من (المارينز) مشاة البحرية وجرح 37 آخرون. وجاء استهداف مركز تدريب للقاعدة في قرية المعجلة بمحافظة أبين في 17 ديسمبر 2009 بقصف جوي، ومقتل 42 مدنيا معظمهم من النساء والأطفال، ليفتح ملف التدخل الأميركي المباشر، وقد استجوب البرلمان الحكومة بشأن الحادثة، وفي مارس الماضي قدمت الحكومة اليمنية اعتذارا رسميا للأهالي ووعدتهم بالتعويض.ورأى المحلل السياسي محمد الغابري في حديث للجزيرة نت أن الوجود الأميركي في اليمن مدروس ومخطط، ويعتقد أنه "من خلال ما نشر بالصحافة الأميركية يبدو أن هناك خشية من تهاوي النظام في اليمن"، مشيرا إلى أن "الأميركان يقومون بخطط وقائية لحماية مصالحهم في المنطقة". وبحسب الغابري فإنه "ليس لدى أميركا الصبر ولا الموارد اللازمة للحيلولة دون انزلاق اليمن في حالة الدولة الفاشلة"، لكنه مع ذلك يرى أن مسألة الطائرات بدون طيار "خطوة أولى من مراحل قادمة". واعتبر أن القضية أكبر من وجود طائرات بدون طيار، أو وجود قواعد أميركية "فالمشكلة الكبرى في اليمن هي أن هناك قوى أربع تعمل على إضعاف الدولة اليمنية وتقويضها، فهناك القاعدة والحوثيون والحراك الجنوبي وأيضا السلطة، جميعهم يهددون وجود الدولة اليمنية، ويقدمون الذرائع والمبررات للآخرين لكي يكونوا موجودين عسكريا لحماية مصالحهم". من جانبه قال رئيس مركز دراسات الجزيرة والخليج أحمد محمد عبد الغني "إن عدم مصداقية صنعاء في تعاملها مع "ملف الإرهاب" استخدم من قبل الولاياتالمتحدة الأميركية للوجود المباشر تحت غطاء دعم السلطات اليمنية في مواجهة القاعدة، وتحت مبرر حماية الأمن القومي الأميركي وحماية طرق الملاحة الدولية وشريان الطاقة النفطية. وبشأن إعلان اليمن امتلاكها طائرات بدون طيار رأى عبد الغني في حديث للجزيرة نت أنه "نوع من التبرير للأدوار الأميركية المباشرة القادمة" ويعتقد –في ضوء ذلك- أن "الحرب على الإرهاب" في الأرض اليمنية "سوف تأخذ أبعادا ومسارات جديدة، قد تكون شبيهة بما يجري في منطقة القبائل بباكستان".أما تداعيات التدخل الأميركي المباشر، فأكد عبد الغني أنه "سيزيد من تفاقم الأوضاع والأزمات اليمنية بشكل عام، كما سيزيد من نقمة الشعب اليمني تجاه السلطات الحاكمة، وسيزيد من ضعف النظام وعدم قدرته على السيطرة الفعلية على البلاد".كما اعتبر أن كل ذلك سيكون مبررا لمزيد من التدخلات الأجنبية المباشرة تحت حجة مساعدة السلطات اليمنية في مواجهة التهديدات الإرهابية، واحتواء عوامل فشل الدولة اليمنية وانهيارها.