تثير التنبيهات الأمنية التي تصدر عن السفارة الأميركية في عمان جدلا بين الحين والآخر، فيما يرى خبراء أن هذه التنبيهات لها أهداف سياسية وأمنية تدخل في حسابات صانع القرار الأميركي. أحدث التنبيهات التي أثارت جدلا كان التنبيه الذي أصدرته السفارة الأميركية الأربعاء الماضي وحذرت فيه رعاياها من التوجه لميناء العقبة (350 كلم جنوب عمان)، ولم توضح السفارة نوع التهديد، فيما نفت السلطات الأردنية وجود أي تهديد. التنبيه الأخير أثار تساؤلات لدى الكثيرين، إذ إن السفارة الأميركية أطلقت التنبيه دون التنسيق مع الحكومة الأردنية التي علمت بالتنبيه من وسائل الإعلام. وأكد مصدر رسمي أردني للجزيرة نت أن السلطات الأردنية أجرت اتصالات مع نظيرتها الأميركية لمعرفة طبيعة المعلومات التي تملكها، رغم تشديده على أن تقديرات الأجهزة الأمنية تؤكد أن لا وجود لأي تهديد للعقبة. وتشير سلسلة التنبيهات الأمنية المنشورة على موقع السفارة الأميركية في عمان إلى أنها تحذر رعاياها خلال مناسبات مختلفة بعضها اجتماعية، مثل إعلان نتائج الثانوية العامة، حيث حذرت السفارة رعاياها من عيارات نارية، يطلقها بعض الشبان خلال تجوالهم بسياراتهم ابتهاجا بنجاحهم. كما أصدرت تنبيهين في نهاية مايو/أيار ومطلع يونيو/حزيران، حذرت فيهما من تحول مسارات سلمية متوقعة في عمان ومخيمات فلسطينية على خلفية "الاعتداء الإسرائيلي على سفن أسطول الحرية التي كانت متوجهة لقطاع غزة"، لأعمال عنف. أما التنبيهات المتعلقة ب"الإرهاب" فصدر أحدها مطلع العام الجاري بعد تعرض موكب السفير الإسرائيلي لتفجير عبوة ناسفة على جانب الطريق المؤدي للبحر الميت، إضافة لتنبيه صدر في 2/8/2010 بعد سقوط صاروخ في مدينة العقبة. لكن التنبيه الأكثر لفتا للانتباه هو تحذير الرعايا الأميركيين ممن يسلكون الطريق المؤدي لمدينة سحاب جنوب العاصمة بناء على "معلومات عن انفجار بجانب طريق يسلكه أجانب"، وهذا التنبيه صدر رغم عدم تأكيد أي مصدر رسمي لوقوع الانفجار. والطريق المشار إليه يسلكه خبراء أجانب يعملون بمركز دولي لتدريب الشرطة أشرف على تأهيل الأجهزة الأمنية بالعراق وأفغانستان والسلطة الفلسطينية. السفارة الأميركية في عمان واكتفت السفارة الأميركية وبعد سلسلة من الأسئلة التي وجهتها الجزيرة نت عن السياسة التي تتبعها السفارات في إصدار التحذيرات بإحالتنا على صفحتين على موقع وزارة الخارجية والسفارة تحث الرعايا الأميركيين على التسجيل في سفاراتهم عند السفر خارج الولاياتالمتحدة. هدف أميركي وبرأي المدير السابق لمركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية اللواء المتقاعد موسى الحديد فإن واشنطن لا تصدر أي تنبيهات أو تصريحات إلا و"لها هدف من ورائها".وقال للجزيرة نت إن الإستراتيجية الأميركية تقوم على اعتبار المعلومة ملكا لها، وأنها فقط من يملك كيفية التعامل معها أو التنسيق مع أي طرف بشأنها. وأضاف أن "بث أي معلومات أو تنبيهات في وسائل الإعلام له غايات وأهداف يقدرها الأميركيون بدقة مع العلم أن بعض هذه المعلومات صحيح".ووفقا للحديد فإن "الأميركيين يريدون استمرار التشويش على الرأي العام بالمنطقة وإقناعه بأن القاعدة وتنظيماتها هي الخطر الأكبر الذي يهددهم، وبث كل ما من شأنه إقناع الرأي العام بخطر القاعدة لتبرير الوجود الأميركي والضربات الأميركية التي توجه على أنها ضد القاعدة في أكثر من مكان".وحسب الحديد فإن "الإقليم مخترق بشكل كامل من الاستخبارات الأميركية والموساد الإسرائيلي وما يصدر عن هذين الجهازين من معلومات يكون أكثر دقة في بعض الأحيان من معلومات استخبارات الدول المعنية مباشرة".وتحدث عن وجود "خطوط ساخنة" بين الاستخبارات الأميركية و"اجتماعات دورية" مع استخبارات دول الإقليم.