"بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين و على آله وصحبه إلى يوم الدين أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو أصحاب الدولة و المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة يسرني أن أتوجه مستهلا بخالص الشكر وعميق الامتنان إلى أخي فخامة الرئيس محمد حسني مبارك على ما لقيناه من حفاوة الاستقبال و كرم الوفادة منذ حلولنا بأرض الكنانة. و الشكر موصول لأخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة رئيس القمة العربية الاقتصادية الأولى لقاء الجهود المخلصة التي بذلها من أجل تهيئة الشروط المواتية للانطلاق الفعلي في مشروعنا التنموي الشامل. كما أشكر معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية على ما بذل تحت رعايته من جهود موصولة في سبيل التوصل إلى تنفيذ قرارات قمتنا الأولى بالكويت و التحضير لهذه القمة التي نأمل أن تخرج بقرارات تكون في مستوى طموحات شعوبنا. فخامة الرئيس نحن نجتمع اليوم للوقوف على مدى تنفيذ نتائج قرارات القمة الاقتصادية الأخيرة والقرارات المماثلة الصادرة عن القمم العادية. إن قدرا غير قليل من التقدم قد حصل فعلا في تنفيذها وإن لم يبلغ لسبب أو لآخر المستوى المأمول. إلا إنه يجدر التنويه بما تحقق والإشادة بجهود كل الجهات التي أسهمت فيما تم تطبيقه من القرارات. وأخص بالذكر في هذا المقام مبادرة أخي صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بإنشاء صندوق لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في العالم العربي التي وصلت قيمة المساهمات المصرح بها ما يقارب المليار ومائتي مليون دولار مع أن هذه المساهمات طوعية وغير إجبارية مما يقيم الدليل على توفر الإرادة السياسية الكافية لدى بلداننا للنهوض بمجتمعاتنا وهذا يكفل إيجاد فرص العمل للشباب العربي وتخفيض نسبة البطالة التي يعانيها. وقد سبق و أن انعقد الملتقى العربي الخامس للصناعات الصغيرة و المتوسطة بالجزائر يومي 14 و15 مارس 2010 تحت شعار "نحو تعزيز قدرة الصناعات الصغيرة والمتوسطة على الإبداع والابتكار". و الذي اختتم أعماله بالدعوة إلى اعتماد الميثاق العربي لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة و المتوسطة. و من بين القرارات التي اتخذتها قمة الكويت وشرع في تنفيذها ذلكم القرار المتعلق بالربط الكهربائي العربي و في هذا الصدد تنسق الجزائر مع جيرانها الأشقاء في المغرب العربي لإتمام هذا المشروع حيث تم تفعيل خط كهربائي بطاقة 400 كيلو فولت مع المغرب الشقيق بينما الخط جاهز مع تونس الشقيقة بنفس الطاقة إذ بلغت الأشغال طور الانتهاء. أما فيما يخص الربط مع ليبيا الشقيقة فالأعمال جارية في الجزائر لتقوية الشبكة الداخلية و المتوقع الانتهاء منها سنة 2012. ونتطلع إلى أن تكون الأمور على حال مماثل في بقية الدول العربية خاصة و أنه تم إقرار الدراسة الشاملة لهذا المشروع. في هذا السياق احتضنت بلادي في يونيو 2009 أعمال الدورة الأولى للمجلس الوزاري العربي للمياه التي تم خلالها وضع إستراتيجية للأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستديمة تماشيا مع قرار قمتنا الاقتصادية الأولى الرامي إلى تحقيق الأمن المائي العربي. وتنفيذا للقرار المتعلق بالأمن الغذائي العربي الصادر عن قمتنا تلك تم اعتماد الخطة التنفيذية الإطارية للبرنامج الغذائي العربي و ذلك خلال اجتماع المنظمة العربية للتنمية الزراعية على المستوى الوزاري بالجزائر يومي 28 و29 أفريل 2010. كما احتضنت الجزائر في نوفمبر 2009 المؤتمر العربي الأول لتشغيل الشباب الذي تم خلاله استعراض تجارب الدول العربية في مجال التشغيل. السيد الرئيس في إطار دعم أهداف التنمية الشاملة في الوطن العربي عن طريق استكمال البنى الأساسية و القاعدية التي تردفها حققت الجزائر العديد من الإنجازات من مثل الطريق السيار الذي بات الانتهاء من انجازه وشيكا و الذي يشكل حلقة استراتيجية في الربط بين مغرب العالم العربي ومشرقه هذا فضلا عما قمنا به من تحديث وعصرنة شبكة الطرقات و زيادة قدرة استيعاب الموانئ. لقد بات من الأجدى بنا العمل وفق أولويات مع توخي الواقعية و النجاعة. ذلك أن تحقيق كل الأهداف دفعة واحدة أمر مستبعد خاصة بسبب التباين الاقتصادي بين قطر و آخر. ينبغي لنا بذل جهد أكبر لتكييف أطرنا التشريعية والتنظيمية و جعلها عملية أكثر مواءمة و مرونة بقدر يتسنى معه فتح المجال واسعا أمام الاستثمارات و رؤوس الأموال العربية على اعتبار أن الاستثمارات العربية البينية هي المدخل الأفضل لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي و تجسيد التنمية الاقتصادية العربية المنشودة. السيد الرئيس إن إقامة التكامل الاقتصادي الذي نبتغيه تقتضي السهر على تنفيذ ما تم إقراره فضلا عن إقرار مشروعات جديدة ومن هذا المنطلق ترحب الجزائر بالمشاريع الجديدة التي سيتم إطلاقها في هذه القمة خاصة مشروع الربط البحري بين الدول العربية بالنظر لأهمية النقل البحري الذي يتكفل ب 90 % من حركة البضائع في العالم. لقد آن الأوان إذن لإصلاح موانئنا و تطوير الخطوط الملاحية البينية العربية لتواكب مستوى الموانئ الدولية المتطورة و بهذا تتيح الانخراط ضمن حركة نقل البضائع العالمية. وإدراكا منا لضرورة اندماج العالم العربي في الاقتصاد العالمي من خلال تكوين علاقات شراكة مع المؤسسات المالية الدولية تتيح للدول العربية الاستفادة مما تتمتع به من التجارب والخبرات و المهارات و هذا سيساعدنا بلا ريب على المضي قدما نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في الوطن العربي تلك الأهداف التي نؤكد مرة أخرى التزامنا بتحقيقها في الإطار القطري و الإقليمي على حد سواء. السيد الرئيس لقد اتخذت قمتنا في الكويت قرارا بإعادة إعمار قطاع غزة في أعقاب ما لحق به من دمار وحشي بفعل العدوان الإسرائيلي الغاشم. وفي هذا الإطار أعلنت الجزائر مساهمتها المقدرة ب 200 مليون دولار أمريكي لرفع الغبن و المعاناة عن إخواننا الفلسطينيين. لكن عملية الإعمار و يا للأسف الشديد لم تعرف الانطلاق بعد جراء الحصار الإسرائيلي الجائر الذي ما انفك مفروضا على هذا القطاع. إننا إذ ندعو إلى رفع الحصار الإسرائيلي و إزالة كل العراقيل التي وضعها الاحتلال و التي حالت دون الشروع في عملية الإعمار نرى ضرورة الإسراع في وضع الآليات العملية المناسبة القمينة بإتاحة تجاوز العراقيل المفروضة و علينا أن نقوم بحشد الجهود على المستوى الدولي لرفع الحصار و الانطلاق في عملية الإعمار. إن طريق عملية السلام في الشرق الأوسط أصبح مسدودا دون أي أفق منظور. و هو الأمر الذي قد يتسبب في تفاقم الأوضاع ويضع المنطقة برمتها مجددا على طريق المجهول. إن أسباب هذا الانسداد والمتسبب فيه معروفة لدى الجميع. فالمجتمع الدولي لم يستطع إقناع إسرائيل بأهمية السلام ليس بالنسبة إلى الفلسطينيين فحسب بل و إلى السلم الدولي كله و لا هو استطاع إجبارها وفقا للشرعية الدولية على الاعتراف بالحقوق العربية المشروعة. و من أجل تفادي الانزلاقات الخطيرة و تبعاتها على السلم و الأمن الدوليين بسبب تعنت إسرائيل و إصرارها على مواصلة الاحتلال يتعين على القوى الدولية لا سيما الرباعية التي أنيط بها إيجاد حل شامل لقضية السلام في الشرق الأوسط. لا يفوتني في هذا المقام أن أجدد دعم الجزائر المطلق لصمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال و لحقه في استرجاع كافة حقوقه الشرعية غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة و عاصمتها القدس طبقا للشرعية الدولية و القرارات ذات الصلة إضافة إلى الانسحاب من سائر الأراضي العربية المحتلة. السيد الرئيس ختاما أجدد شكري لأخي فخامة الرئيس محمد حسني مبارك ولجمهورية مصر العربية حكومة و شعبا على احتضانها هذه القمة الهامة في مسيرة العمل العربي المشترك متمنيا أن تكلل جهودنا بالسداد و التوفيق و أن تحقق قراراتنا و مساعينا