توحي تصريحات المسؤولين الأمريكيين أن الولاياتالمتحدةالأمريكية مقتنعة بأن تنامي الجماعات الإرهابية في إفريقيا من شأنه أن يعرض مصالها الإستراتيجية بالمنطقة للخطر، وهو ما يفسر إقدامها على وضع خطة جديدة تسعى لتنفيذها من خلال قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، لمحاصرة المد الإرهابي بالمنطقة، وربما الحيلولة دون أن تستهدف تلك الجماعات الإرهابية أهدافا في أوروبا وفي الولاياتالمتحدة ذاتها، مثلما يقول قائد الأفركوم، الجنرال الأمريكي كارتر هام. فقد ذكر هذا الأخير خلال جلسة استماع للجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الأمريكي انعقدت مؤخرا أن المنظمات الإرهابية التي تهدد الأمن في إفريقيا هي: التنظيم الإرهابي المسمى " القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، الذي ينشط في شمال وغرب القارة السمراء، وكذا جماعة بوكو حرام في نيجيريا، وحركة الشباب المجاهدون في الصومال، والتي تتبع خطة اختطاف الأجانب ومن ثم طلب الفدية، لتمول الأعمال الإرهابية، في مناطق مختلفة في إفريقيا، خصوصا بالدول التي تعيش وضعا هشا، وتجد صعوبات بالغة للتصدي لتلك المجموعات الإرهابية، وتحتاج لمساعدات عاجلة للحيلولة دون استهدافها في الصميم، مثلما حدث في مالي. وقال الجنرال كارتر هام، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى لتدعيم "قدرات وفعالية الجيوش الإفريقية التي تخوض معارك ضد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والجماعات المتطرفة المرتبطة به" ، وأوضح أن هذه الخطة التي ستعتمدها واشنطن تضم عشر دول يتهددها خطر الإرهاب في شمال وغرب القارة من بينها الجزائر. وأضاف هام خلال ذات الجلسة، أن تصاعد التهديدات في منطقة الساحل وفي منطقة جنوب الصحراء "يجب أن يكون دافعا للجهود التي نبذلها في تطوير الجيوش المتحالفة معنا في محاربة التنظيمات المسلحة". مؤكدا أن المقاربة الأمريكية في هذا الخصوص تكمن في "التعامل مع التهديدات التي تمثلها هذه الجماعات في المدى القريب، وبناء شراكة بعيدة المدى فيما بعد". وفي شرحه لماهية هذه الإستراتيجية الجديدة، ذكر المسؤول العسكري الأمريكي أنها تقوم على 5 ركائز أساسية ، تتمثل "في مواجهة المنظمات المتطرفة، وتعزيز الأمن البحري، وتقوية القدرات الدفاعية، ووضع استراتيجية فعالة لذلك، وكذلك إجراء تدريبات على مواجهة أي أزمة". واعترف المتحدث ضمنيا أن الجماعات الإرهابية تتواصل فيما بينها وأن ذلك يشكل في حد ذاته خطورة بالغة على الدول الإفريقية في إشارة لمعلومات أوردتها تقارير إعلامية غربية تشير إلى وجود صلة بين جماعة بوكو حرام التي تتخذ من نيجيريا قاعدة لها، وبين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وخلافا لما تهذب إليه بعض الكتابات الصحفية والتقارير الإعلامية، عبر هام عن دعم واشنطن " للعمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الفرنسية في مالي، عبر تقديم المعلومات وتزويدها بالوقود في حربها على تنظيم القاعدة في مالي، ويستشف من خلال تصريحات الجنرال الأمريكي أن الولاياتالمتحدة حريصة كل الحرص على مواجهة الخطر الإرهابي في إفريقيا، خشية أن تستهدف مصالحها على المديين المتوسط والبعيد في حالة نجاح المجموعات الإرهابية في فرض منطقها (الإرهابي) في بعض الدول الإفريقية، خصوصا في منطقة الساحل. يذكر أن قائد الأفريكوم كان قبل التدخل العسكري الفرنسي في مالي قد أكد في مؤتمر صحفي عقده بالجزائر في مؤتمر صحفي عقد أمس بالعاصمة الجزائرية معارضة بلاده للحل العسكري في مالي، وقال حينها أن " البديل الوحيد الذي لا يجب أن يكون هو الوجود العسكري الأمريكي في شمال مالي"، وأضاف أن "أحد الجوانب الأساسية في تسوية الأزمة المالية يكمن في التمييز بين المجموعات المسلحة بالمنطقة والتمييز بين الإرهابية منها وغير الإرهابية" ويتقاطع هذا الطرح مع الموقف الذي تبنته الجزائر .