لم يمر إقبال اللاعبين المحترفين من أصول جزائرية على اللعب لفائدة المنتخب الجزائري لكرة القدم، واستعدادهم اللامشروط لتلبية دعوات مدرب الخضر رابح سعدان، دون أن يثير علامات استفهام حول هذا التهافت لحمل الزي الوطني والدفاع عن ألوانه، في ظل الصعوبات التي كانت تحف بإقناع بعضهم باللعب تحت لواء الخضر. فهل هو سحر التأهل لكأس العالم 2010؟ أم هو، حقيقة، حب الدفاع عن الراية الوطنية؟ تعددت آراء الجزائريين في البحث عن تفسير لفك رموز هذه الظاهرة الملفتة للانتباه، على الرغم من كونها مفيدة للخضر والكرة الجزائرية عموما. فقد ذهب شق أول إلى ربط المسألة بالتجاهل الذي يلقاه زين الدين زيدان في فرنسا على الرغم من كل ما قدمه للكرة الفرنسية، فيما عزاه شق ثان إلى النقلة النوعية التي يعيشها المنتخب في عهد محمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائري للعبة، بينما أرجعه شق ثالث إلى سعي اللاعبين فقط للعب في المونديال والبحث عن المصلحة الشخصية. الكل يريد اللعب للمنتخب الوطني الجزائري واعتبر تقرير مفصل للصحافة الجزائرية أنه "قبل فترة قصيرة كان من المستحيلات السبعة إقناع بعض اللاعبين الجزائريين المغتربين الذين يلعبون في البطولات الأوروبية بحمل الألوان الوطنية، على خلاف ما يحدث اليوم، حيث يسارع معظم اللاعبين من ذوي الأصول الجزائرية وحتى من تربطهم شعرة معاوية بالجزائر إلى تقمص زي الخضر".وذكر التقرير عددا من الأسماء التي تنكرت للجزائر، ورفضت الانضمام للخضر في فترات سابقة، وأبرزهم: كمال مريم وإبراهيم حمداني وعلي بن عربية، الذين رفضوا مرارا وتكرارا الانضمام للخضر في فترات كثيرة، على الرغم من أن الأخيرين قد لعبا فترة، لكن لم يكونا قادرين على قيادة الخضر إلى أي إنجاز. واستغرب التقرير التغيير المفاجئ في سلوك المحترفين ذوي الأصول الجزائرية، خاصة وأنه لا تكاد تخلو الصحف الرياضية وحتى الإخبارية من حوارات أو تقارير رياضية عن أسماء لاعبين يعرضون خدماتهم على سعدان للانضمام للخضر، ومن أبرزهم: مايكل فابر وسفيان فيغولي ورياض بودبوز والحارس وهاب رايس مبولحي. فما هي الأسباب الخفية وراء هذا التهافت الكبير لهؤلاء اللاعبين للانضمام للخضر؟ تألق الخضر وتأهلهم إلى مونديال 2010 وعلى الرغم من عدم التشكيك في وطنية هؤلاء اللاعبين الذين لعبوا للمنتخب الفرنسي في الفئات الشبابية، وعرفوا نجاحات كبيرة بعد تتويج بعضهم بكأس العالم تحت 18 عاما، وكأس أوروبا بنفس الفئة العمرية، إلا أن التقرير تساءل عن الأسباب الخفية وراء هذا التهافت الكبير لهؤلاء اللاعبين للانضمام للخضر، وهو ما ربطه بعض المتابعين بتألق الخضر وتأهلهم إلى مونديال 2010، ورغبة هؤلاء اللاعبين في الظهور بالتظاهرة الكبرى في العالم، وخاصة في ظل عدم انضمامهم للمنتخب الفرنسي الأول، وخوفا من مرور العمر وعدم وجود فرصة ثانية للعب في هذه التظاهرة. تجاهل زيدان والعنصرية في فرنسا وراء رغبة الانضمام وقد رأى البعض أن رغبة هؤلاء اللاعبين في الانضمام للخضر ترجع إلى شعورهم بالتجاهل الذي يتعرض له الأسطورة زين الدين زيدان الذي تنكر الفرنسيون لخدماته على رغم إهدائه لقبَ المونديال الوحيد لمنتخب الديوك، والعنصرية التي يواجه بها الأجانب في فرنسا عموما، والمغاربة بشكل خاص، بعد أن كثر عدد اللاعبين المغاربة المغادرين للدوري الفرنسي مع نهاية كل موسم، على غرار التهميش الذي تعرض له كريم زياني في مرسيليا الموسم الماضي، مما أجبره على الالتحاق بنادي فولفسبورج الألماني، فضلا عن تدني مستوى تشكيلة المنتخب الفرنسي، التي لم تقتطع تأشيرة التأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا إلا بعد إجرائها مقابلة الملحق ضد أيرلندا. تطور كرة القدم الجزائرية وتغييرها نحو الأفضل فيما حاول آخرون ربط هذه الموجة بتطور أحوال الكرة الجزائرية التي كانت عاجزة حتى عن إجراء مقابلة ودية كبيرة، مثلما حدث مع الخضر في منتصف التسعينات عندما رفض نادي أوكسير الفرنسي لعب مباراة كاملة مع المنتخب وطلب الاكتفاء بشوط واحد، لكن منذ تولي روراوة شؤون الكرة الجزائرية تغيرت الظروف للأفضل، وهذا ما وضح من خلال الامتيازات التي حصل عليها الخضر.