خيب المنتخب الوطني أول أمس آمال كل الجزائريين بأدائه الهزيل جدا والنتيجة المخوفة التي حققها أمام منافس متوسط المستوى ومتواضع قدم إلى الجزائر من أجل العودة بأخف الأضرار، ليفرض التعادل على الخضر الذين قد يرهنون حظوظهم في التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2012 بالغابون وغينيا الاستوائية، وكان المنتخب التنزاني في متناول أشبال سعدان لوأظهروا الإمكانيات التي اعتاد عليها الأنصار خاصة خلال تصفيات المونديال الماضية، ومما لا شك فيه فإن الإخفاق في أول خرجة يعني الكثير ويطرح العديد من التساؤلات التي ينبغي إيجاد حل عاجل لها قبل فوات الأوان، لأن المردود الذي قدمه الخضر يبعث على القلق. فرغم الحضور القياسي للأنصار الذين لم يتوقفوا عن التشجيع إلا أن الأمور لم تتغير وكانت العشوائية السمة الغالبة على أداء الخضر، وتبين أن هناك عملا جبارا ينتظر الطاقم الفني خاصة من الجانب النفسي. خطة مبهمة، انسجام غائب ولاعبون يبحثون عن الاستعراض فقط لم يفهم الكثير من المتتبعين الخطة التي انتهجها المدرب سعدان، حيث ظهر عدم الانسجام جليا بين الخطوط الثلاثة، فكانت هناك هوة كبيرة بين خط الدفاع ووسط الميدان مما جعل لاعبي هذا الأخير يواجهون ضغطا رهيبا أمام استيلاء الخصم على المنطقة، وبالتالي فلم يقدم المنتخب الوطني ما كان منتظرا منه في الشوط الأول، رغم تواضع مستوى المنافس واعتماد سعدان على خطة 4/4/2 ذات نزعة هجومية، بإقحام غزال وبلحاج كظهيرين وبودبوز وزياني كلاعبي وسط هجوم، بل كاد يعود إلى غرف تغيير الملابس منهزما لولا قديورة الذي أنقذ الموقف في الدقيقة الأخيرة من هذه المرحلة التي عرفت تكتل منتخب تنزانيا في الوراء واكتفائه بالدفاع فقط، تاركا المبادرة للخضر الذين استهتروا بالمنافس من خلال اللجوء إلى اللعب الفردي وتفضيل الاستعراض على الفعالية، مثلما كان يفعل زياني وبودبوز وكذا يبدة وبلحاج. العقم الهجومي يلازم الخضر إلى الأبد ومن جهة أخرى بدا واضحا أن المشكل ليس في إقحام عدة مهاجمين ولكن في بناء اللعب من الخلف والإنسجام بين الخطوط، حيث ورغم دخول كل من زياية وجبور كمهاجمين حقيقيين إلا أنهما لم يقدما شيئا وكانا شبه معزولين وسط دفاع المنافس الذي لم يترك لهما الحرية، وبالمقابل لم يستطع لا بودبوز ولا زياني ولا حتى بلحاج إيصال الكرات إلى الأمام بسبب عدم التركيز والاعتماد على المجهود الفردي الذي استفاد منه التنزانيون. وهكذا يبدو أن مشكل العقم الهجومي يلازم الخضر في كل المباريات دون اهتداء سعدان إلى حل نهائي لهذا الهاجس الذي يؤرق الجزائريين. بلحاج وزياني لم يحسنا استغلال الكرات الثابتة والمعروف أن نقطة قوة المنتخب الوطني هي الكرات الثابتة والتي عادة ما كانت الحل الوحيد لفك طلاسم دفاع المنافسن، لكن في مباراة تنزانيا لم يتم استغلالها كما ينبغي وذلك راجع إما إلى عدم التركيز عليها في التدريبات أولعدم ثقة اللاعبين في أنفسهم، حيث لم تشكل كل المخالفات والركنيات التي استفاد منها المنتخب الوطني أي خطر على مرمى الخصم، فبلحاج المعتاد على التنفيذ ظهر بعيدا جدا عن مستواه الحقيقي، إذ أن كل كراته لم تتعد القائم الأول، في وقت يتكتل زملاؤه في القائم الثاني مما يسهل المهمة لدفاع تنزانيا لإخراجها، ونفس الشيء حدث مع زياني، الملقب بمنبع الأهداف، حيث كل محاولاته وتوزيعاته باءت بالفشل لاعتماده على نفس طريقة بلحاج في التنفيذ. هدف تنزانيا يبين حالة التسيب التي أصابت الفريق والأمر الذي يبين حالة التسيب التي أصابت لاعبي الخضر في مباراة أول أمس يمكن استخلاصه من خلال لقطة الهدف الذي سجله اللاعب التنزاني بكرة ثابتة، حيث لم يقم لا الحارس مبولحي ولا اللاعبين المشكلين للجدار بدورهم، فالأول كان من الأجدر به تنظيم الجدار حسب رؤيته إضافة إلى عدم التموقع الجيد على خط المرمى، بينما لم يحافظ الآخرون على تماسك الجدار كما ينبغي، فبمجرد قذفة اللاعب التنزاني تفكك كليا مما فتح الطريق واسعا أمام الكرة لتسكن الشباك. الأنصار يطالبون بإقالة سعدان وإبعاد بعض اللاعبين بعد نهاية المباراة أبدى الأنصار سخطا كبيرا على اللاعبين والطاقم الفني، حيث لم يتوقفوا عن السب والشتم والمطالبة بإقالة المدرب سعدان الذي، حسبهم، كان سبب المهزلة التي حضروا لها وكذلك إبعاد بعض اللاعبين من المنتخب، بينما كادت الأمور أن تفلت من أيدي رجال الأمن خارج الملعب بسبب حالة الهيستيريا التي أصابت العديد من المناصرين الذين كانوا في قمة الغضب، خاصة وأنهم تحملوا مشقة السفر والصيام والإنتظار والإفطار على الماء من أجل رؤية مسرحية هزلية. سعدان يتواجد على المحك وعليه التدارك سريعا وفي حال استمرار سلسلة الإخفاقات في هذه التصفيات وعدم تمكن المنتخب الوطني من التأهل إلى نهائيات كان 2012 فإن ذلك يعني أن سعدان يتجه نحو باب الإقالة مباشرة خاصة في ظل الانتقادات الكثيرة الموجهة إليه وكذا المعارضة الشديدة التي لقيها قبل إعادة تنصيبه على رأس الجهاز الفني للخضر، حيث كان رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة قد أكد أن تأهل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2012 شرط لبقاء رابح سعدان المدير الفني للفريق، حيث قال إنه لا ينبغي للخضر أن يغيبوا عن هذه النهائيات بعدما أصبح الفريق يمتلك كل الإمكانيات التي تجعل الجزائر تشارك في كل الدورات. ومن جهة أخرى، شدد على ضرورة تدعيم الجهاز الفني للمنتخب عند انطلاق التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم التي تقام عام 2014 بالبرازيل، وهو المطلب الذي لقي حتى الآن معارضة من جانب سعدان.