صديقي الأستاذ الذي عاد إلى النشاط، كما يقال في اللغة الإدارية، الأسبوع الماضي، بعد عطلة صيفية طويلة أرهقت الجسوم والجيوب، إذ الحياة لم تعد بالتي تطاق في الجزائر، ذلك ما تسمع الناس يرددون على ألسنتهم، أينما وجدتهم، في السوق أو في المستشفى، أو محطات النقل أو الحدائق العمومية... غير أن المفارقة كبيرة، فرغم صعوبة العيش بكرامة، التي يعيشها أغلب الجزائريين بمقياس الأرقام المتداولة في بعض الوزارات، التي توزع الفقر والغنى على الأفراد، كما توزع قفف رمضان، رغم ذلك، تجد الناس يظهرون في شهر رمضان بمظهر المترفين، حيث يستهلكون ميزانية ثلاثة إلى أربعة أشهر في شهر واحد!! يصنعون بذلك فرحة التجار الذين يستغلون فرصة انغماس الناس في بحر اللهفة الذي يبتلع كل ما يدخل جوفه. سألته عن الدخول المدرسي، كما نسأل عن الصحة، فقال ببرود:" أي دخول أتكلم عنه؟ في الأعوام الخالية، كنا نتشوق للعودة إلى المدرسة، كانت الأجواء تفتح الشهية للإقبال على العمل، لم يخطئ من قال بأن اليوم الذي يذهب أحسن من الذي يأتي..قاطعته قائلا: ولكن الحكومة "نغنغتكم بزيادات في الأجور ومضاعفة المنح؟ قال:" صحيحا، ما تقول، غير أن المال لا دخل له في المعاناة اليومية التي نكابدها، هل تعلم بأن المجتمع كله بما فيه وزارتنا الوصية.. ضدنا ؟ قلت له: هذا كلام كبير، لا أستطيع هضمه بسهولة. قال: المجتمع بكل عيوبه وأمراضه وتناقضاته، ومشاكله، .. ينتظر منا أن نجد العلاج لأمراضه، والحل لمشاكله، والتوفيق بين متناقضاته، والتغطية على عيوبه، وهكذا، يطلب منا أن نقوم بكل الأدوار، ما هو من اختصاصنا، وما هو من غير اختصاصنا، ثم عندما يخفق أبناؤهم، يعودون باللوم علينا، بل يصوبون أصابع الاتهام إلينا، ويحملون لنا مسؤولية كل الإخفاقات التي تسببت فيها أطراف أخرى بما فيها طرفهم كأولياء... وهذه التهمة وحدها كافية لتهد جبلا بثقل ضغطها، وما بالك بإنسان هش مثلي..!