سيصدر قريبا عن إحدى المطبوعات الفرنسية، مؤلف جديد بلغة فولتير للكاتب الجزائري "سلامنية بن داود" عنوانه "ألبير المغترب، كامو الجزائري"، والذي تضمن عدة فصول بلغت 24 فصلا، ومنها "أم الهم، شمس الفطنة، أرض إستقبال، جو الثقة، أرض النضال، الأسلوب الحاد والفعل الجذاب، رجل المقاومات"، وغيرها من العناوين التي تتضمن أدق تفاصيل حياة الأديب ألبير كامو من مولده والظروف التي ساهمت في نشأته وتكوينه ومصدر إلهامه وإرهاصاته الإبداعية، محاولا الإلمام بالصفات التي كانت تميزه كصحفي وكاتب والغوص في الحالة الاجتماعية وجميع التناقضات التي أحدثت ثورة في حياته، من معاناة أمه والتحدي الذي رفعته أمام تدني الوضع المعيشي ووفاة أبيه وظروف الحرب. ولقد شمل الكتاب الذي جاء في 200 صفحة، إبراز الرحلة الأدبية الإستثنائية للكاتب "ألبير كامو"، وكيف رفع سلاح القلم بكثير من المباشرة في وجه المعاناة التي كان يعيشها الإنسان الجزائري تحت أحد عناوينه الصحفية بجريدة الجزائر الجمهوري "البؤس من منطقة القبائل"، والتي تطرق فيها للخصوصية الثقافية والدينية والإستراتيجية الفريدة من نوعها في الدفاع عن الأرض والمقاومة ضد الهجوم الضاري الذي شنته القوة الاستعمارية. واستند "سلامنية" في ذلك على العديد من مقولات كامو تدعيما لرؤاها التي كانت تؤكد بعيدا عن الغوغائية أن فرنسا ليس من شأنها جعل الشعب الجزائري أكثر تحضرا، لاسيما مع المأساة الكبيرة التي كان يعيشها الشعب الجزائري ويكافح بكل قوته لمحاربة الموت. ويرى المؤلف "بن داود" أن "ألبير كامو" لا يعود للعصر التنويري، ولكنه شمعة أضاءت سماء الجزائر يوم 10 ديسمبر 1957، بنيله جائزة نوبل، مقتنعا أنه هو الابن الحقيقي للجزائر، البلاد التي كرس لها أفضل الكتابات والقصص لوصف طبيعتها ومواقعها الساحرة ونسيجها الثقافي بأسلوب محكم ورصين جمع فيه الليونة والعاطفة، لدرجة أن القارئ لهذا الكتاب يستشعر أن الكاتب لايريد الإبحار في المعركة الخالدة الني قادها كامو تجاه جميع أشكال عدم المساواة و الظلم الإجتماعي، دون أن يغفل إسقاط أفكاره على واقعنا الراهن. ويأتي صدور هذا الكتاب في خضم الضجة الإعلامية التي مرت على الذكرى الخمسين من وفاته بين المثقفين والسياسيين، مبرزا أنه من غير الإنصاف ومن الأمور غير المعقولة أن يكون "ألبير كامو" غير مرغوب في مسقط رأسه الجزائر ولا في فرنسا، قائلا: "الطبيعة أعطت الحق للجزائر في الاحتفال بعيد ميلاده ولم تستغله، وفرنسا أعطته حق التأبينية، والعيب كل العيب على الجزائروفرنسا أن لا تقدر قيمة الأدباء ولا تستطيع الفصل بين الثقافة والسياسة"، ليختم قوله "لايوجد كاتب يضاهي ما كتبه كامو عن جمال الجزائر، وإن كان جثمانه يرقد في فرنسا، إلا أن عينيه تبقى تنظر للجزائر". ومما ينبغي الإشارة إليه، أن للكاتب "سلامنية بن داود" عدة مؤلفات أصدرها في ظرف ثلاث سنوات منها "الجنوب أول عاصمة الغد الواعد"، "الحرڤة" و"الرياضة الجزائرية.. أمجاد وإخفاقات"، وغيرها من الكتب بعضها نشر والبعض الآخر ينتظر الصدور، منها الرواية التي يعكف على إنهاء آخر رتوشاتها وعنوانها "على الرصيف"، والتي تتطرق لمشكل التواصل بين الأجيال، وأخرى خاصة بحياته عنونها ب "فجر الكتابة عند مقتبل الشيخوخة".