لا يوجد شخص مهما كان لم يمر ولو حتى في حياته ولو مائة مرة على كرسي الحلاق، ولو كان –فرطاسا-، يعني سيمر ولو من باب الفضول وان لم يجلس ويمر على هذا الكرسي من باب الفضول فقد مر من هذا الكرسي في صباه، بمعنى أن كرسي الحلاق يظل ثابتا ويمر عليه الناس، يجلسون دقائق يمر الحلاق على رؤوسهم، ثم يمضون إلى حال سبيلهم، ولا يذكر الحلاق واحدا منهم إلا وجوه قليلة تكون بشوشة أو لها ثقافة واسعة أو يشدون الانتباه، ومهما كان هؤلاء الناس رائعون في نظر الحلاق فسوف يمضون ولن يبقوا جالسين على كرسيه إلى الأبد، لكن ماذا لو رفض أي زبون النهوض من كرسيه، حين يتم الحلاق قص شعره وتصفيفه وبتشبث بالمقعد، المنتظرون لدورهم سيعقبون عليه بالقول أن ثمة خلل في عقله ، والحلاق يبقى حائرا ويتوقف منتظرا بلطف، ولكن حين يبلغ السيل مبلغه يحمله الحلاق هو والكرسي ويرميه إلى خارج المحل، فما بال رؤساء وملوك العرب ومسؤولين كثر في الدول العربية التصقت مؤخراتهم بكرسي " الحلاق " والحلاق هنا ليس سوى الزمن، الذي يمر الناس على كرسيه، لكن عندنا يريد البعض أن يمضي الحلاق ويبقى هو ، لكنه لا يقوم من محله، فهل ينتظر أن يسلخ الحلاق جلد رأسه عن جمجمته،؟ لن يفعلها الحلاق على كل حال لأن الحلاق والزمن مآلهما الزوال، وان كان الحلاق ستتوقف به الحياة وكذلك الزمن سينتهي يوما فالأكيد أن الآخرين سينتهون قبل الزمن وقبل الحلاق، وسيتذكر الحلاق أصحاب "فعايل" الخير، ويتذكر الزمن الرجال الذين صنعوا التاريخ أما الباقي فسيمرون كأنهم لم يكونوا أبدا وما أكثرهم .