عثرت"الأمة العربية" في خرجتها الميدانية وذلك قصد إنجاز ربورتاج حول واقع الكفاح الثوري بالتخوم الحدودية بالولاية الخامسة وبالضبط بمنطقة تلمسان على رفاة شهداء تعود إلى معركة بوسدرة الشهيرة التي شهدتها المنطقة بتاريخ 26 جانفي 1957 حسبما أكده شهود عيان من المنطقة عايشوا تلك الحقبة، مما يمهد الطريق للجهات المختصة وعلى رأسها وزير المجاهدين شخصيا للتدخل من أجل التعجيل بحفظ كرامة الشهداء بإظهارهم وإعادة دفنهم من جديد لأنه كان أجدر بها أن تقوم بالمهمة في وقت سابق طالما مرت أكثر من 53 سنة عن معركة بوسدرة التي نفذ عقبها الجيش الفرنسي مجزرة تطلب دفن ضحاياها 3 أيام كاملة. وقفت "الأمة العربية" على الشائعات التي تداولت أخبارا عن تواجد رفاة شهداء بمطامير منتشرة على طول "وادي بلال" جنوبي بلدية سيدي مجاهد حيث تم العثور على جماجم وعظام داخل مطمورتين الأولى غير بعيد عن المكان المعروف لدى الأوساط الثورية بمركز "قسيلات حامد" الذي تحول إلى رميم بعدما وضعه المجاهد المرحوم تحت تصرف الثوار قبل أن يتم قصفه خلال معركة "بوسدرة" إستشهاد 3 فصائل بأكملها التابعة لقيادة البطل "برمضان" التي تعد حسب مجاهدي المنطقة والشخصيات التي عايشت الحقبة الثورية المجزرة التي تسببت في إستشهاد 3 فصائل تابعة لقيادة البطل "برمضان" الذي إستشهد على إثرها 78 مكافح وذلك بتاريخ 26 جانفي 1957، حيث تكفل مرشد مهمة " الأمة العربية" السيد "ب،بن موسى" بإيصالنا إلى سفح جبل بوعبدوس وعلى بعد أمتار من منجم "ملال" المعروف بتسمية "المعدن" أين توجد حجرة منقوش عليها إسم أحد أسود قبيلة "أولاد نهار" التي فازت بثقة القيادة قبل إندلاع الثورة لتحظى بشرف مهمة تأمين القيادة الثورية التي يذكر نجل الشهيد "أونان عبد القادر" الذي قضى نحبه بزنزانة العار بسيدي مجاهد متأثرا بمخلفات السجن الأرضي الجماعي الذي قضى فيه أكثر من 6 أشهر وسط القاذورات التي زادت من يقين الرجال ودفعتهم إلى تخصيص مكان طاهر للعبادة في إنتظار الإستشهاد الذي جاء تباعا حيث يروي عمي "محمد شريف" الطاعن في السن و الذي أنهكه داء السكري مما تسبب في بتر ساقه اليمنى، وقائع الجرائم التي إرتكبها جيش السفاح "دابا" بإيعاز من الحركى لتقتيل أبناء المنطقة دون هوادة ونفس الأمر يؤكده رفيقه "بن موسى" عن الأعمال الإجرامية التي أدت فيما بعد إلى '' التهجير" نحو محتشد "راقب المحلى" الذي ظل الجنود يقتربون منه بعد تمويه فرنسا بإرتداء الحايك أثناء العبور ضمن قطعان المواشي وكأن الأمر يتعلق برعي الأغنام ليشير عمي "بن موسى" إلى موقعة إقتحام الجيش الفرنسي لمخبأ الشهيد "محمد القطبي" الذي حول مسكنه العائلي إلى مركز إيواء المجاهدين الذي كشفته الكلاب المدربة للجيش الفرنسي الذي تفطن لمخططات التستر على الثوار بتظاهر زوجة الشهيد بالإشتغال في الخياطة بينما تجلس على مخبأ أٍرضي مغطى بحصيرة للسيدة التي ودعت زوجها فور مداهمة الجيش الفرنسي والعثور على المخبأ ليتم إعتقال الشهيد الذي يحفظ التاريخ موقفا يستحق ان يصور في فيلم جدير بالحصول على جوائز عالمية حيث باشرت إحدى بنات المنطقة إلى النكاية في أحد الحركى الذي أمرها بإهانة الجندي بفعل يسيء إليه غير أنها حضنته في جو أخوي وهزت الشارع بالزغردة على الشهيد وقائع محزنة ومؤسفة يسردها عمي "بن موسى" واحد من أبرز ثوار المنطقة الذي تمت تصفيته على الفور، مما اضاف مزيد من الأسى لعمي "بن موسى" والرجل يستعيد ذكريات إنتشال جثث شهداء "بوسدرة" بعد ساعات من السير رفقة "الأمة العربية" عبر الأدغال التي عراها الحريق الأخير قبل سنتين لتنكشف المخابيء التي إعتمد عليها جيش التحرير الوطني، حيث يبدو للعيان مخارج تهوية "المحلات" التي كانت ترمى أتربتها بالوادي حتى تجرفها المياه تفاديا لأعين الجيش الفرنسي، حيث يروي شاهد العيان للأمة العربية إنجازات الثوار ومن ورائهم القواعد الخلفية التي ظلت وفية للعهد بدفع الإشتراكات بصفة منتظمة للثورة التي كانت لها الكلمة في تلك المنطقة التي دوت بها أمواج الأثير وهي تنقل الأخبار اليومية عبر إذاعة الجزائر الحرة بصوت المرحوم "عيسى مسعودي" إذ يحفظ عمي "بن موسى" ملخصات المواجيز الإخبارية عن ظهر قلب إلى حد الساعة حيث يشعر المرء بإحساس غريب وهو يسمع اللغة البريئة للشيخ الذي يبلغ من العمر 70 سنة غير أنه يضفي جوا خاصا على الأدغال بالأناشيد الحماسية والثورية غير أن تغيرا رهيب يلاحظ على محياه وهو يتذكر الإهمال الذي يطال رموز الثورة والأمة بينما يتنعم عديد من أعدائها بالأمس في خيرات الجزائر التي حررها رجال يشهد تضحياتهم الجبل الأخضروهو الشاهد الآخر عن الموقة التي إنجر عنها حرق الأكواخ ومنازل السكان في خطوة إنتقامية للجيش الفرنسي من الأعمال التطوعية للنساء قبل الرجال لتموين الثورة بالغذاء والمؤونة والمعلومات، فيما تحتفظ ديار "بني حبيب" بنصيبها من أجساد الشهداء الذين لا تزال رفاتهم مردومة بمطمورة كانت مخصصة لحفظ الحبوب غير أن ألسنة النيران إضطرت أهالي لمنطقة إلى إكرام شهادئهم بالدفن في المطامر بعد الضغط الرهيب للجيش الفرنسي لمدة 3 أيام كاملة قضاها السكان المتشردون في إحصاء قتلى موقعة "بوسدرة" التي دفعت السلطات الإستعمارية إلى ترحيل العائلات التي احرقت خيمها وعانت أكثر من 72 ساعة تحت رحمة الحصار والنار دون أكل ولا شرب ولا قطعة قماش تقي النساء والأطفال برد الشتاء كما تؤكد ذلك شاهدة العيان على الحادثة السيدة "أ.يامنة" 77 سنة التي رافقت "الأمة العربية" أثناء المهمة التي إستدعت التنقل عبر الأحراش والأدغال التي كانت خلال العشرية السوداء معقلا للإرهابيين غير أن مجرد الشك بتواجد رفاة للشهداء أزالت كل المخاوف من الاخطار التي قد تنجر عن العمل الذي أزاحت الأمة العربية على إثره الغموض الذي ظل دون تفسير، حيث تحصلت "الأمة العربية" بعد إتصال بمديرية المجاهدين لولاية تلمسان على إجابات تتعلق بعدم الحصول على أي مراسلة رسمية بذات الصدد، مديرية المجاهدين ومصلحة التراث التاريخي والثقافي بتلمسان تكتفيان بعدم تلقيهم بأية مراسلات رسمية حيث إكتفت مصلحة التراث التاريخي والثقافي بالتصريح بأن آخر عمليات إظهار رفاة الشهداء كانت شهر جانفي 2009، على العكس تماما مما يعرفه كل جزائري عن حق الشهيد على الأمة من التقدير والإحترام الذي يعد مطلبا شرعيا تشهد له الكلمة التاريخية للأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السيد سعيد عبادو بتاريخ 18 مارس 1999 أثناء تمثيله للحكومة خلال جلسة مناقشة مسودة قانون المجاهد والشهيد 99/07 بصفته وزير القطاع في تلك المرحلة، المتمحورة حول: " الإلتزام بتمجيد الشهداء وتكريم ذويهم و تكريم المجاهدين يعد دلالة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بأن الإنسان الذي يضحي في سبيل هذا الوطن لابد على الدولة و المجتمع أن يهتما به ويمجداه أما إذا أهملناه فإننا لن نجد مرة أخرى من يدافع عن البلاد إن هي تعرضت لأي خطر". ليلي ذلك المصادقة على ذات القانون الذي تؤكد المادة 12 منه أن: " الشهيد هو رمز الأمة وفخرها، يحظى بالتمجيد والعرفان من المجتمع، وتسهر الدولة على تخليده في كل المناسبات، وتعليم القيم والمثل التي جاهد منها للأجيال" ليتعزز المطلب دستوريا بالمادة 62 من الدستور التي تم تعديل إحدى فقراتها من عبارة : "تضمن الدّولة احترام رموز الثّورة، وأرواح الشهداء، وكرامة ذويهم، والمجاهدين" لتصبح:' الدولة تضمن احترام رموز الثورة وذكرى الشهداء، وكرامة ذوي الحقوق والمجاهدين، على اعتبار أن التاريخ هو الذاكرة والرصيد المشترك بين كل الجزائريين ". مما يعكس ضرورة الإهتمام التام برمز الأمة الجزائرية التي دفعت زكاة أبنائها للظفر بالحرية التي لم يكن الإستعمار الفرنسي ليهبها لأبناء الوطن بالمجان بل أعيت المقاومة الباسلة عبر التراب الوطني الحكومات الفرنسية التي بان فشلها من خلال السقوط المتتالي للأسماء الثقيلة التي وجدت نفسها عاجزة عن تحقيق طموحات عملاق عالمي من حجم فرنسا التي تحولت إلى قزم أمام أسود الجزائر الذين دفعتهم أمهاتهم طواعية إلى محاربة "العدوة" وطردها ذليلة صاغرة من الأرض المطهرة، حيث يؤكد دليل الأمة العربية في مهمة التأكد من تواجد الرفاة التي أكد أنها تعود لشهداء الثورة التحريرية لأن المطامير المتواجدة في أماكن حساسة لا يتسنى لأي كان الوصول إليها إضافة إلى أن تواجدها أمر طبيعي بالنظر إلى هجرة سكان "بوسدرة" للمنطقة نحو محتشدات "راقب المحلى" التابعة لمنطقة الكاف المعروفة حاليا بتسمية عين تغاليمت عقب المعركة مباشرة ما يعني أنهم وجدوا أنفسهم مجبرين على طلب الإذن من السلطات الإستعمارية للترخيص بالخروج إلى الأسواق أو العمل لفترة لا يجب أن تفوق 48 ساعة في إطار إجراءات الإقامة الجبرية التي فرضت على السكان العيش في محتشدات محاطة بالأسلاك التي تحولت إلى تسمية للأطفال المولودين في المحتشدات التي كانت تخضع للمراقبة المنتظمة إذ الإبادة الجماعية لإفراد حجتهم الوحيدة أنهم جزائريون قد يؤدي تواجد شخص إضافي في لمخيم إلى إبادة أفراده بالكلية غير أن ذلك لم يثن عزائم عشاق الثورة حيث تؤكد خالتي "يامنة" أن النسوة كن مضطرات إلى نقل الخبز إلى الثوار الذين لم يكن لهم الخيار عن تناوله وقد إختلط بعرق الدواب طالما يتم دسه تحت "الحلس" أو "البردعة" التي كان ظاهرها الحلفاء والحطب وباطنها الغذاء وكافة المستلزمات التي توفرها القواعد الخلفية للثورة التي لم تتأخر في آداء الواجب النضالي الذي إضطر السلطات الإستعمارية إلى معاقبة أعين الثورة بالسجن بمطمورة العار التي بني على أنقاضها إكمالية سيدي مجاهد الحالية. الدور الأخير من الواجب الذي قامت به الأمة العربية تجاه شهداء الثورة من خلال التنقل إلى مكان تواجد الرفاة وإعلام السلطات بشأنها لإنتشالها من دائرة "الإهانة" والإهمال في عهد جزائر العزة والكرامة يبقى من صلاحيات وزارة المجاهدين المطالبة بالتحرك فورا لتدارك الفضيحة التي تتحول إلى جناية في حق تاريخ الجزائر ورموزه بمرور الوقت.