وزير النقل وكل ما يتعلق بالحافلات والشاحنات والسيارات الطيارة، والتي تدب في الأرض، وأيضا إشارات المرور، رفض مناقشة أي إجراء من شأنه التخفيف من الإجراءات الحادة التي تخص قانون المرور، معتبرا أن القانون سيظل إلى أبد الآبدين. ورغم أن الحديث الطويل العريض الذي جاء على لسان أكثر من مسؤول في مجال النقل، وحتى البرلمان، بأن قانون المرور الذي جاء به "تو" وزير النقل حقق مراده من خلال انخفاض حوادث المرور، إلا أن أغنية جديدة تعد آخر صرعة في التصريحات "الغنائية" تفيد بأن الحوادث لم تتقلص بالشكل المطلوب والمخالفات ما زالت كما في عهدها البائد. والأكثر من هذا، فإن هذا القانون تسبب في خراب بيوت بعدما أحيل الكثير من "الشوافرة" أرباب العائلات على البطالة بسبب سحب رخص السواقة التي تعد مصدر رزقهم، واليوم تدرس لجنة النقل في البرلمان إعادة النظر في هذه القوانين التي بدأت تظهر أنها مبالغا فيها، خاصة وأن سحب رخصة السواقة صارت تسحب لأبسط خطأ، ليقف الناس أصحاب السيارات في الأخير أمام لجنة يترجونها العفو. المشكلة اليوم ليست في كثرة المخالفات، ولا حتى في قانون المرور الجديد أو القديم، ولكن في الظروف التي جعلت السائقين يرتكبون مخالفات، فطوابير السيارات التي تمتد لكلومترات تجعل أي سائق يرتكب مخالفة ويسير في الخط المعاكس ويتجاوز الخط الأبيض المستمر، والطرق الضيقة والمحفورة تجعل الناس يخرجون عن سيطرتهم ويرتكبون مخالفات. ولسنا شعبا مجنونا حتى نكون من أكبر الدول من حيث حوادث المرور، ولكن ثمة ظروف أبرزها ضيق الطرقات والتجمعات السكانية في منطقة واحدة، وغيرها من الظروف التي لا يريد الوزير النظر إليها ويفضل الحلول السهلة، والتي من شأنها أن تعلق السائقين في الجزائر إلى أبد الآبدين. أما معاليه، فهو لن يوقفه شرطي ولن يسجل له مخالفة ولن تسحب له رخصة سواقة، ولن يجد زحاما في الطريق، لأن الطرق تفتح له كلما أراد معاليه المرور، ولا ضير إن انتظر الناس اليوم بطوله في طوابير تجعل بعضهم يقومون بعمليات تجاوز وخرق للقانون، أقل ما يقال عنها إنها انتحارية.. لذا، المشكل ليس في القانون الذي يرفض "تو" تغييره، ولكن في الظروف التي تجعل أي سائق يخالف قانون المرور. وبعد أن قطع "تو" شك عمار، فإن "تو" لن يصحح أخطاء عمار.