ما تزال الأجندة الجديدة التي أقرتها مصالح المراقبة التقنية للسيارات والمركبات برسم الموسم الجاري 2011، تثير سخط وغضب المواطنين من أصحاب السيارات السياحية والنفعية ومركبات الوزن الثقيل، الذين أكدوا ل "الأمة العربية" أن الإدارة العامة لمصالح المراقبة التقنية للسيارات التابعة لوزارة النقل لم تكلف نفسها عناء تفصيل وشرح الأجندة الجديدة للمواطنين عبر وسائل الإعلام الثقيل، المرئي والصحافة المكتوبة والمسموعة، بل اكتفت أواخر ديسمبر الماضي بإعلان بيان عام عن عملية الفحص التقني للسيارات يصفه المواطن ب "المبهم وغير الواضح". ولمعرفة تفاصيل هذه القضية، قامت "الأمة العربية" باستطلاع ميداني استمعت خلاله إلى العديد من المواطنين الذين وجدناهم في طوابير مراكز الفحص. البداية كانت من المركز الوطني للمراقبة والخبرة التقنية للسيارات الكائن ببرج البحري، شرق العاصمة، حيث بدا لنا الوضع من الوهلة الأولى طبيعيا وهادئا، لكن حالة التذمر والسخط كانت لسان حال العديد من أصحاب المركبات وهم على أهبة مغادرة المركز، لأن دورهم لم يحن بعد. سخط وتذمر على طول الخط وقد استوقفنا "عبد الله.ل"، وهو صاحب سيارة نفعية مرقمة 2009، قال "طلبت إجازة يوم من رب العمل من أجل عرض سيارتي على الفحص واستخراج ما يعرف بشهادة السلامة التقنية، وها أنا أعود أدراجي لأن إدارة المركز أبلغتني عبر أعوان الفحص أن دوري لم يحن بعد، وأنا أتساءل عن الأسباب التي حالت دون تفصيل الأجندة للمواطنين يوم إعلانها قبل شهرين تقريبا، وما شدني في الإعلان أن سنة 2011 ستكون مخصصة للسيارات المرقمة سنة أولى في السير 2009، في حين اعتمدت الأجندة على أساس تاريخ استخراج البطاقة الرمادية، وهنا أساءل دائما لماذا لم تشر مصالح المراقبة التقنية لهذه الجزئية المهمة في بيانها؟". أما "فريد.س"، وهو صاحب سيارة مرقمة أيضا في 2009، قال "الوكالة الوطنية للمراقبة والخبرة التقنية للسيارات، اكتفت بإصدار بلاغ عابر عبر الإذاعة الوطنية ووكالة الأنباء الجزائرية الذي نقلته عنها بعض الجرائد العمومية أسبوعين قبل نهاية العام الماضي، وكان غاية في الإبهام والغموض في جوانب عديدة. هذا الغموض هو سبب هذا الارتباك الحاصل في مراكز الفحص التقني. وليت الوضع توقف عند هذا الحد، بل سبّب لهم مشاكل كبيرة وعويصة على مستوى الحواجز الأمنية للشرطة والدرك الوطنيين". أما "جويدة.ي"، وهي أستاذة في طور التعليم المتوسط، قالت أيضا إنها تخلّفت عن العمل، وبعدها فوجئت أن دورها في شهر ماي المقبل، أي في تاريخ استصدار البطاقة الرمادية من طرف مصالح المقاطعة الإدارية لمقر سكناها، وجدناها مستعجلة لمغادرة المركز، وقالت "كان الأجدر بالمسؤولين القائمين على عملية الفحص تفصيل الرزنامة أكثر، فهي تخاطب عموم الجماهير، ومن بينهم الأمّي والفلاح والإطار والبطال.. باختصار، كل فئات المجتمع". وعلى غرار المواطنين الذين تمكنا من استطلاع آرائهم، تساءل آخرون ممن يحملون البطاقات الرمادية المرقمة في 2009، أنهم قصدوا منذ مطلع السنة الجديدة مراكز المراقبة والخبرة التقنية للسيارات، لكنهم لم يتمكنوا من إجراء الفحوصات التقنية لمركباتهم، وبالتالي الحصول على شهادة "السلامة التقنية"، حيث أجلتهم إدارات ذات المراكز إلى غاية التاريخ المدوّن في أعلى يسار واجهة البطاقة الرمادية، وهو من اختصاص مصالح الدائرة الإدارية التي استخرجت البطاقة الرمادية، وليس تاريخ استلام البطاقة الرمادية المدون خلف ذات البطاقة. هذا الغموض هو في الحقيقة السبب الرئيسي لحالة الفوضى المسجلة على مستوى العديد من المراكز. إيرادات بالمليارات وإعلان إشهاري عابر ومعلوم أن الوكالة الوطنية للخبرة والمراقبة التقنية للسيارات، تدر سنويا المليارات من الدنانير، وهي عائدات عمليات الفحص التي تجريها على أكثر من 200 إلى 300 ألف سيارة سنويا، ما بين سيارات سياحية ونفعية ومركبات الوزن الثقيل "الشاحنات نقل البضائع" وحافلات النقل العمومي للمسافرين. وقد شهدت أسعار الفحص ارتفاعا، حيث تتراوح الأسعار حاليا ما بين 950 دج بالنسبة للسيارات السياحية الخفيفة من 5 إلى 7 أحصنة، وتصل إلى أكثر من 2000 دج إلى 3500 دج بالنسبة للمركبات الثقيلة والتي تزيد حمولتها عن 2.5 طن. كل هذه الإيرادات يتساءل المواطن لم تخصص منها الوكالة عشر إيراداتها السنوية من أجل إعلان وتنشيط حملة دعائية وإشهارية واسعة في الصحف الوطنية تستمر أياما. أزمة 2007 تم تجاوزها والمطلوب فتح مراكز جديدة لتلبية الطلب المتزايد يتذكر المواطنون الفترة العصيبة التي عاشتها مراكز الفحص التقني للسيارات في2007 عندما دخل قرار إجبارية المراقبة التقنية للسيارات، الأمر الذي تسبب في تدافع المواطنين نحو المراكز ليشكلوا طوابير طويلة وما تخللها من فوضى كبيرة، نفس السيناريو عاشته أيضا ذات المراكز في سنة 2008 عندما سرت إشاعة إلحاق أصحاب السيارات الجديدة الحائزين على "البطاقات الصفراء" ممن لم يستخرجوا بعد بطاقاتهم الرمادية على مستوى المقاطعات الإدارية، بفئة الملزمين بالمراقبة التقنية للسيارات، لكن مصالح المراقبة التقنية حينها فندت هذه المعلومات ووصفتها بالأخبار المغلوطة. ويطالب المواطن صاحب السيارة المرقمة في 2009 حاليا، بتوضيحات أكثر حول أجندة 2011، لأن هذا الخلط إذا استمر على حاله فسيعيق سير عمل مراكز الفحص بعد تدفق أعداد كبيرة من أصحاب السيارات خلال الأشهر المقبلة. غادرنا مركز الفحص التقني ببرج البحري بالعاصمة، وهو لا يضم إلا طابورا صغيرا ممن تم استلام ملفاتهم، وبالتالي إجراء الفحص التقني في آجاله. من جانب آخر، ما تزال خارطة مراكز الفحص عبر الوطن تعاني عجزا كبيرا بالنظر إلى قلة هذه المراكز مقارنة بالحظيرة الوطنية للسيارات، الأمر الذي يسبب في حالات عديدة اكتظاظ وضغط كبير. وفي هذا الصدد، طالب العديد من المواطنين وزارة النقل اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح وكالات فحص جديدة للاستجابة للطلب المتنامي عن هذه الخدمات الإجبارية من سنة إلى أخرى.