أجبرت قوات حفظ السلام الإفريقية حركة الشباب الصومالية المتشددة على التخلي عن حملتها للسيطرة على العاصمة مقديشو لكن تقهقر المقاتلين ينهي بالكاد سفك الدماء في البلاد، وقد تبدأ بعده موجة من الهجمات الانتحارية بأسلوب تنظيم القاعدة. وبعدما خرجت مواكب الشاحنات الصغيرة المزودة بالأسلحة الآلية لحركة الشباب من مقديشو عقد الرئيس الصومالي شيخ شريف احمد الذي يقتصر حكمه على العاصمة وتدعمه قوات من اوغندا وبوروندي قوامها تسعة الاف فرد مؤتمرا صحفيا لاعلان النصر. وأكد المقاتلون الذين مازالوا يسيطرون على معظم أنحاء الجنوب أنهم سيؤجلون قتالهم الى حين. وقال الشيخ علي محمود راجي المتحدث باسم الحركة لاذاعة محلية "لن نترككم لكننا غيرنا أساليبنا." ويقول الكثير من الصوماليين والخبراء ان من السابق لأوانه ان تعلن الحكومة انتصارها. وفي دولة ليست بها حكومة مركزية منذ فترة طويلة وتعاني من المجاعة بسبب أسوأ موجة جفاف منذ عقود لايزال السلام احتمالا بعيدا. لكن الخلافات بين زعماء حركة الشباب التي فاقمها تعاملهم مع المجاعة قد توفر فرصة لتخفيف هيمنة الجماعة على المناطق التي تسيطر عليها. وضيقت سلسلة من الحملات هذا العام قادتها قوة حفظ السلام الإفريقية بالاشتراك مع الجيش الصومالي الخناق تدريجيا على قوات حركة الشباب في مقديشو. وفي الشهر الماضي فقد المقاتلون السيطرة على سوق البكارة بالعاصمة وهو عصب عملياتهم في مقديشو ومصدر رئيسي للدخل. ولم يترك هذا لهم سوى بضعة أحياء معظمها خالية وليست لها أهمية استراتيجية تذكر.وكشفت هذه الخسائر عن خلافات في قيادة حركة الشباب بين جناح دولي يؤثر عليه مقاتلون اجانب يفضلون اساليب حرب العصابات مثل التفجيرات الانتحارية واخرين ينتهجون استراتيجية عسكرية تقليدية تنطوي على السيطرة على الاراضي. ويشير انسحاب حركة الشباب من مقديشو الى أن الفصيل الدولي هو الذي انتصر في هذه الجولة.وقال افيار علمي من قسم الشؤون الدولية بجامعة قطر "لو كان هذا هو الوضع فربما يترك (مقاتلو) الشباب مدنا أخرى خاضعة لسيطرتهم مثل بيدوة وافجويي ويذوبون بين السكان ويلجأون الى حرب العصابات والتفجيرات والاغتيالات او الهجمات الانتحارية." ومنذ عام 2007 لم تتجاوز سيطرة احمد الاراضي التي تسيطر عليها قوات حفظ السلام. ويقول خبراء في شؤون منطقة القرن الافريقي ان الفوز بمقديشو قد يوسع من نطاق نفوذ الحكومة لكن لا توجد ضمانات تذكر لان يتحقق هذا السلام في مناطق أخرى.بل ان البعض يشكك في قدرة الحكومة على ملء الفراغ في السلطة في الاحياء التي تركتها حركة الشباب ويحذرون من أن ميليشيا أخرى قد تملاه.وقال المحلل الصومالي حمزة محمد انه كان على احمد "أن يدلي بالتصريح وأن يبدو مسيطرا... لا توجد منطقة وحيدة في مقديشو تسيطر عليها القوات الحكومية بمفردها." ولايزال المتشددون يتمتعون بسيطرة على معظم وسط وجنوب الصومال ولهم مصادر أخرى للدخل من بينها الضرائب من الموانيء وحصة في بعض الفدى التي تحصل عليها عصابات القراصنة. لكن حركة الشباب تواجه ايضا رأب الخلافات الداخلية التي أبرزتها المجاعة التي يعانيها الجنوب حيث يحتاج 2.8 مليون شخص مساعدات غذائية والا واجهوا خطر الموت جوعا. وفي اوائل الشهر الماضي رفعت حركة الشباب فيما يبدو حظرا على المساعدات الغذائية مما يظهر تراجعها عن موقفها. ويقول جيه بيتر فام من مؤسسة اتلانتيك كاونسيل البحثية الامريكية ان شرعية الحركة تضررت بسبب محاولات منع الناس من الفرار من المناطق بحثا عن الطعام. وأضاف "الجوع المستمر كشف انقسامات بين القيادة المتشددة لحركة الشباب التي تنكر هذه الازمة وترفض السماح بدخول المساعدات وقوات الميليشيا القائمة على العشائر في مناطق مختلفة... والتي أعلنت رغبتها في السماح بدخول المساعدات الانسانية." وتحرم المجاعة حركة الشباب من دخلها وتقوض الاعداد المتاحة لتجندها لصفوفها لان مئات الجوعى يفرون الى مقديشو وكينيا واثيوبيا. ويقول مارك شرودر من شركة ستراتفور لتحليل معلومات المخابرات العالمية ان تراجع الشرعية قد يوفر لحكومة الصومال والقوى الغربية فرصة. وأضاف أن هناك "عناصر اجنبية تحاول معرفة كيفية استغلال المجاعة لتقويض حركة الشباب ليس بالضرورة عسكريا وانما سياسيا."وهكذا هو الوضع في الصومال.مجاعة.قرصنة وحرب اهلية لارابح فيها ولاخاسر من ابناء الشعب الصومالي.