شهدت مدينة غليزان منذ مطلع الثمانينيات و إلى غاية اليوم تدهورا رهيبا على مستوى المرافق العمومية الضرورية لراحة المواطن، في طليعتها و أكثرها أهمية الحديقة العمومية المتواجدة بمركز المدينة التحفة الموروثة من العهدة الاستعمارية كانت بعد الاستقلال الملاذ الوحيد لسكان المدينة لقضاء فترات من الراحة داخل فضاء هذه المتاحة للسياحة المحلية. غير أن هذا المكسب الثري الذي يعتبر الرئة الحقيقية للمدينة اغتيل على أيدي المسؤولين الذين تعاقبوا على المجلس البلدي و ذلك من خلال الغياب التام لسياسة تخطيط عمرانية و لغياب ثقافة سياحية لديهم لصون و حماية مثل تلك المرافق خاصة في عاصمة ولاية تفتقر إلى أدنى هيكل من جغرافيتها من شانه أن يساهم في ترقية المحيط البيئي و الارتقاء إلى تهيئة الإقليم الصحي ,الشيء الذي ترتب عنه بروز ثقافة مضادة غرست روح العدوانية ضد كل مخزون حضاري , فأضحت تلك المتاحة الترفيهية مهملة و منسية تبكي على روح التخلف الثقافي التي لحق بها عبر تعاقب السنين, ومن هذه المنطق تحولت من لوحة فسيفسائية رائعة إلى مشهد مأسوي و منبع لكافة أنواع التفسخ الأخلاقي ,حيث أصبح روادها من الفئات الشبانية المدمنة على اللصوصية وتعاطي المخدرات و عشاق الخمرة والميسر ومنتهكي شهر رمضان المعظم في وضح النهار وباتت بمقتضى ذلك محمية لتلك الشريحة تمارس على مستواها أشكالا من العنف و العنف المضاد , الأمر الذي ساهم بوعي السلطات في تعفن النظام البيئي للحديقة العمومية. قابلها في ذاك استياء و تذمر المواطنين الذين أعلنوا عن حالات رفضهم للوضع القائم و طالبوا في عدة مناسبات من الجهات المعنية ضرورة التحرك من اجل إعادة الاعتبار لهذا السرح الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من ذاكرة الولاية التي أصابها النكوس و التراجع, فأمام الوضع المطالب به سارعت المصالح المحلية بإيعاز من الجهة التنفيذية إلى استدراك الوضع, وذلك بتخصيص أغلفة مالية لمشاريع بدت متألقة في الأمس القريب وتحولت اليوم إلى وباء شكلت لوحة فنية بائسة مزيفة عن أصلها ليبقى أنين الحديقة العمومية وعنينها يشد إليه ضمائر المواطنين بغليزان.