أكد المجاهد وعضو جمعية مجاهدي فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا 1954 1962 عبدالقادر بخوش، أن الثورة الجزائرية تبقى الثورة الوحيدة في العالم التي نقلت ميدان المعركة إلى عقر دار مستعمرها ولم تكن ثورة همجية تستهدف الشعب الفرنسي وإنما كانت ثورة منظمة ضد العساكر الفرنسية وعملائها. واعتبر بخوش في تصريح خص به موقع الإذاعة الجزائرية بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال 57 لاندلاع ثورة أول نوفمبر أن اندلاع الثورة المسلحة في يوم الفاتح من نوفمبر كان نتيجة عمل متكامل. فبعد اجتماع لجنة 22 بالمدنية التي كانت قائمة بالتحضير لتفجير الثورة لاتخاذ التدابير التي يقتضيها الوضع، وانبثق عنها مجموعة الستة للقيام بالتحضيرات النهائية، وتقرر على إثرها اندلاع العمل المسلح من دون ذكر الساعة واليوم بالضبط وتركوها على مستوى سري، حيث كان هناك اتصال عبر جميع الولايات من قبل المسؤولين المعنيين لتصدر لجنة الستة أوامر بإطلاق الرصاصة الأولى على مستوى كل التراب الوطني من الشرق إلى الغرب والجنوب لمباغتة فرنسا التي لم تكن تتوقع اندلاع مثل هذه الثورة نظرا لسرية التحضيرات. وأوضح عبد القادر بخوش أنه مع انطلاق أول رصاصة ثار كل الشعب الجزائري ضد "الحڤرة" والقمع الذي كان يمارسه الإستعمار الغاشم وتجند منذ أول ساعة وانضم إلى صفوف جبهة التحرير حيث سار النضال العسكري على أحسن ما يرام نظرا لالتزام الشعب بتطبيق وطاعة أوامر الجبهة سواء داخل الوطن أو الجالية المتواجدة في الخارج من الأسباب التي أدت إلى توحيد الأفكار والتجنيد. وأضاف: "أتذكر قبل مغادرتي إلى فرنسا في نهاية 54 وبداية سنة 1955 أصدرت اللجنة المنظمة للثورة أوامر بمنع قراءة الجرائد الفرنسية على كل الجزائريين نظرا لما كانت تمارسه فرنسا من كل أنواع التعتيم الإعلامي من خلال عبارات "الفلاقة" و"الإرهابيين"، لذلك حرصت الجبهة على التنظيم المحكم والصرامة في إصدار الأوامر. النضال في الخارج ارتكز على تجنيد الجالية الجزائرية وتصفية العملاء وفي آخر سنة 55 غادرت يضيف المتحدث إلى فرنسا لأواصل نضالي على الرغم من صغر سني، حيث كنت في 16 من عمري حاولت الاتصال بمجاهدين ومسؤولين الذين كانوا يحرصون على عملية تجنيد الجالية الجزائرية للتغلب على المصاليين الذين كانوا هم الأقوياء، ويتابع: "سارت الأمور بصورة حسنة لتوحيد صفوف الجالية وانضمامها تحت لواء جبهة وجيش التحرير الوطني بعدما تأكد لهم أن الجبهة هي من فجرت الثورة وليس المصاليين وتيقننا من انتهاء الزعامة، فمع إعلان ثورة نوفمبر كل جزائري شارك فيها بصفة فردية كمجاهد ضد الاستعمار وليس تحت لواء أي حزب، هذا ما كون الروح الوطنية من خلال تجنيد كل الطاقات من شبان وشيوخ ونساء تحت إشراف جبهة التحرير الوطني لمواجهة الإستعمار الفرنسي بالسلاح". أما فيما يتعلق بمساهمة جمعية مجاهدي فيدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا 1954 1962 تحت إشراف جيش وجبهة التحرير في الثورة، فأوضح عبد القادر بخوش أنه على مستوى هذه الاتحادية "بدأنا النضال من أجل تجنيد جميع الجزائريين والجالية الجزائرية لتنضم إلى جبهة التحرير الوطني وكان ذلك انتصارا كبيرا لنا"، ويضيف: "شرعنا في سنة 1957 في عملية إعادة التنظيم والهيكلة من خلال تكوين الأفواج والخلايا والقسمات والنواحي والولايات في فرنسا وكان هناك تنظيم واحترام متبادل على مستوى السلم التصاعدي لنبدأ بعدها بشن عدة عمليات عسكرية تستهدف بالدرجة الأولى عملاء فرنسا، حيث تم إصدار أوامر من قبل جبهة التحرير الوطني بضرورة تصفية الخونة وعملاء فرنسا، حيث تمت تصفية أحد العملاء في سنة 1957"، وتابع: "حصل لنا الشرف بعد عدة عمليات قمنا بها على مستوى اتحادية فرنسا بتكوين فوج الكومندوس الذي ضم 12 عضوا من 6 ولايات، وقاموا بإجراء عمليات التدريب في المغرب". تخوف فرنسا جعلها تبقي على 80 ألف جندي فرنسي في أرضها هذا، وأبرز بخوش حرص فيدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا على إرباك المستعمر في عقر داره من خلال تنظيم عدة عمليات عسكرية وكذا عمليات أخرى استهدفت حرق النفط الفرنسي وحافلات تقل السلع والبضائع وكذا الغابات، مما أدى إلى تخويف فرنسا لدرجة أنها بعد أوت 1958 قامت بإبقاء على يقارب 80 ألف جندي فرنسي في فرنسا ولم يتم إرسالهم إلى الجزائر وذلك للمحافظة على مراكزها الاقتصادية. وبعد تأسيس الحكومة الجزائرية المؤقتة في 19 سبتمبر 1958 أصبحت هي التي تعطي الأوامر واستشهد بما ما قاله المجاهد الراحل لخضر بن طوبال في حياته الذي كان يراقب عمل اتحادية فرنسا " أن 80 بالمائة من أموال تسيير الحكومة المؤقتة كان مصدرها أموال الجالية الجزائرية في فرنسا". إلتفاف الشعب حول الثورة ساهم في تدويلها وإنجاحها هذا، وقد اعترفت ما يقارب نحو 18 دولة حسب المتحدث بالحكومة المؤقتة الجزائرية والفضل في ذلك يرجع إلى بيان أول نوفمبر الموجه ضد الاستعمار الفرنسي والذي صاغه الأذكياء، حيث أعطى صدى كبير للثورة في الداخل بتكوين مجموعة الستة والثلاثة في الخارج وساهم بشكل كبير في تدويل القضية الجزائرية وإيصال صوتها إلى العالم بأسره من خلال مؤتمر باندونغ الذي انعقد في أفريل 1955 بأندونيسيا وحضره كل من حسين آيت أحمد وأمحمد يزيد اللذين مثلا الجزائر. ويعد هذا الأخير بمثابة انتصار للقضية الجزائرية في المحافل الدولية واعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير ونيل الاستقلال.