يعتبر الزواج بين الأقارب من سمات المجتمعات الشرقية على وجه العموم والعربية على وجه الخصوص حيث أكدت دراسة أنجزت مؤخرا أن نسبة الزيجات بين الأقارب في الدول العربية تجاوزت 49 بالمئة. كشفت دراسة ميدانية حديثة أن حالات الزواج بين الأقارب في المجتمعات العربية تعدت نسبة 49 بالمئة من مجموع الزيجات، واختلفت النسب بين مختلف الدول العربية، هذا الأمر الذي يؤكد ارتفاع نسبة زواج الأقارب في المجتمعات العربية، في الوقت الذي تختفي فيه هذه الظاهرة في البلدان الغربية ولا تمثل أكثر من 2 ٪ فقط. وأرجع المختصون تفضيل الكثير من الأسر العربية فكرة زواج الأقارب إلى اعتمادهم على مبدأ "الحفاظ على الترابط الأسري وارتفاع احتمال التفاهم بين الزوجين" باعتبار أنهم من بيئة اجتماعية واحدة وتربية أسرية واحدة، بالإضافة إلى عدم وجود تحريم ديني وشرعي لهذه الحالات من الزيجات التي تعتبر أعرافا في مناطق معينة، هذا فيما يتخذها البعض ذريعة للتخوف من تقسيم الميراث والتركة العائلية في أحيان كثيرة، أو رفضا منهم لدخول شخص غريب على العائلة. بينما يقف المعارضون لفكرة زواج الأقارب والنسبة بينهم موقف الخوف من حدوث شروخ في جدار العائلة نتيجة المشاكل التي قد تنشب بين الزوجين في المستقبل، كما يستند هؤلاء إلى آراء المختصين الطبيين والبحوث الطبية التي أثبتت احتمال إصابة الأبناء بأمراض وراثية تكون خطيرة في بعض الحالات جراء زواج الأقارب خاصة من الأسرة القريبة. زواج الأقارب أاكثر انتشارا في المناطق الداخلية ولمعرفة واقع هذه الظاهرة التي تنتشر هي أيضا في المجتمع الجزائري، اقتربت "الأمة العربية" من بعض المواطنين لمعرفة آرائهم حولها. "سيد علي" أكد لنا بأن واقع الزواج بين الجزائريين فيما بينهم شائع جدا وأن غالبية هذا النوع من الزواج يقع في المناطق الداخلية وفي القرى والمداشر، حيث تحبذ الأسرة أن تقدم ابنتها أو تزوج ابنها بمن تعرفه والذي يكون من أفراد الأسرة الكبرى أو من الأقارب أو حتى الجيران وفي بعض الأحيان ولو تحت ضغط من الوالدين على البنت أو على الشاب على حد سواء. وأضاف "بينما نجد هذا النوع من الزواج يقل في المدن الكبرى"، وقال إنه من المساندين للزواج بين الأقارب لأنه يعزز من ترابط العلاقات مع أبناء العائلة الكبرى فضلا عن سهولة التفاوض في أمور الزواج والمهر بين الأقارب. أما "شفيق" وهو شاب من العاصمة خريج جامعي فقد كشف لنا بأن والديه قد ألزماه بخطبة إحدى قريباته، حيث انطلقا وطلبا يدها من أسرتها، برغم رفضه إلا أنه وجد أن الأمر محسوم فلم يجد بدا من قبول الأمر الواقع. ومن جهتها السيدة "نجاة" أوضحت لنا بأن زواج الأقارب لدى الجزائريين قد تراجع في المدن الكبرى خاصة في السنوات الأخيرة وصار محدودا بالمقارنة بالمناطق النائية حيث يكثر بشكل ملفت. وأضافت أن بعض الأسر الجزائرية وبالنظر لبعض العادات السائدة والتقاليد المتداولة لديهم فإنهم لا يحبذون "الغرباء" بينهم لذا تجد في الغالب أن الذكور في هذه الأسر يسمح لهم أن يتزوجوا من الغريبات عن أسرهم بينما الفتيات فلا يزوجن إلا للأقارب من أسرهن. انتشار العنوسة دليل على تراجع زواج الأقارب في الجزائر وبالنسبة للآنسة "صبرين" فقالت إن ظاهرة الزواج بين الأقارب قد تراجعت في المجتمع الجزائري الذي يشهد تطورا في العلاقات وديناميكية اجتماعية ما جعل من الزواج بين الشباب الأقارب أمرا محدودا. وأضافت "ولقد ساهم في تراجع هذه الظاهرة انتشار ظاهرة "العنوسة" داخل المجتمع الجزائري أيضا، كما أن البعض أصبح يتحاشى الزواج من القريبات خوفا من بعض الأمراض الوراثية، ناهيك عن حالات الطلاق الممكنة الحدوث والتي قد تسبب شرخا ومشاكل وهجرانا لصلة الأرحام وبين أفراد العائلة الكبرى". أما الطبيب "سليم.ح" فكشف لنا بأن هناك احتمالات لتعرّض الأبناء الناجمين عن الزواج بين الأقارب-خاصة للأقارب من الدرجة الثانية كابنة العمة وابنة الخالة- لأمراض وراثية وخاصة النادرة منها، ولكن هذا الأمر من الممكن تجاوزه إذا أقدم المقبلان على الزواج بإجراء بعض الفحوص الطبية الضرورية لأخذ بعض الاحتياطات.