أجمع المتدخلون، خلال اليوم الدراسي الذي نظمته جمعية المعاقين حركيا بسبدو، والذي ناقش موضوع زواج الأقارب بين العلم والدين نهاية الأسبوع المنصرم، على أن هذا النوع من الزواج يضع المجتمع على درجة من الخطورة بسبب الأمراض الوراثية. هذه المورثات التي تكون خفية تنتعش خصوصا عند الأحفاد فتظهر الأعراض للأمراض التي تهدد سلامة المجتمع، في الوقت الذي قصد الإسلام من الزواج هو استمرار النوع الإنساني الصحيح وعمارة الأرض بالخير والصلاح والتعارف بين الشعوب والقبائل. أكد الدكتور أحمد بن شريف في مداخلته بعنوان"زواج القرابة مقاربة اجتماعية وشرعية" أن إشكالية زواج القرابة من الوجهة الإجتماعية لا ترتبط بالمسائل الجينية وإنتقال الأمراض جينيا من خلال السلالات القرابية المتشابهة، فليس هناك أي مبرر يدفع إلى الخوف من الزواج القرابي، مشيرا في نفس السياق إلى كون حضور الموضوع أي زواج القرابة مبعثه التغيير الذي تشهده العلاقات الإجتماعية، أين تتجه العلاقات بين القرابة إلى التراخي، إذ تؤكد الدراسات الأخيرة أن صلات القرابة على مستوى التزوار والتعاون والعلاقات الودية هي في تراجع كبير، والعلاقات التي تنشأ بين سن 20 إلى 40 سنة هي علاقات الصداقة أكثر منها علاقة القرابة. وفي نظر الباحث المحاضر فإن ظاهرة تراجع الروابط الأسرية هي الدافع الأساسي وراء الإثارة الإجتماعية لزواج القرابة. ليتعرض المحاضر إلى مفهوم القرابة اللغوي والإجتماعي والطبي والشرعي، مؤكدا في معرض حديثه أن المجتمعات العربية والإسلامية هي الأكثر تمسكا بزواج القرابة، وخاصة المجتمع الجزائري إذ تبلغ نسبة الزواج بالأقارب 40% . من جهته الأستاذ محمد مبروك، أستاذ بمعهد الحضارة الإسلامية بجامعة وهران، تطرق في مداخلته إلى زواج القرابة بين المؤيدين له ووجة نظر المخالفين، مؤكدا أن الدين الإسلامي لم يمنع الزواج بالأقارب، حيث جعله في حكم الإباحة الشرعية، لكن إذا رجحت مفسدة الزواج بالأقارب على مصلحته. فعلى الطرفين البعد عن الضرر الناجم عن ارتباطهما، مختتما مداخلته بأن الزواج نعمة أنعم الله بها على عباده فلا ينبغي أن يكون سببا في النقمة على فلذات الأكباد، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، داعيا إلى حرية الإختيار والرغبة المشتركة من الطرفين والتركيز على التوعية الصحية وإجراء الفحوصات الطبية الدورية أثناء الحمل. وفضل الدكتور الطبيب الشرعي قروش أسامة تناول موضوع ضرورة الشهادة الطبية قبل الزواج، وشدد على أن تكون صادقة لا شكلية كما يفضل البعض، لأهميتها من أجل تفادي نقل الأمراض الخطيرة للأجيال، وهنا تم طرح مشكل إفشاء سر المريض سواء بالنسبة للرجل أوالمرأة مما قد يعرض الطرفين لإهانة المجتمع، أوبالنسبة للطبيب الذي يصادق على الشهادة الطبية في ظل غياب حماية له من طرف الدولة، وغياب الوعي لدى بعض أفراد المجتمع.