أعلنت الجزائر، امس الاثنين، معارضتها للقرار القاضي بنشر قوات مسلحة إفريقية في شمال مالي لتخليصه من الجماعات المسلحة، وقال عمر بلاني الناطق باسم وزارة الخارجية في تصريح نقله الموقع الإلكتروني الإخباري "كل شيء عن الجزائر" امس إن "الجزائر فضلت الحوار السياسي بين الحكومة المالية وجماعات المتمردين شمال البلاد، وأنه سيكون خطأ استراتيجيا تصميم وفرض التدخل العسكري الذي سينظر إليه إن كان صوابا أو خطأ على انه يهدف إلى كسر الطوارق". وأضاف أن "العواقب ستكون وخيمة ليس لمالي فقط بل لمجموع دول المنطقة لا يجب أن يغيب عنا أن اللائحة 2071 التي تمثل الأساس الوحيد القانوني الشرعي الذي يعتمد عليها المجتمع الدولي تدعو صراحة السلطات المالية وجماعات المتمردين لبدء عملية مفاوضات ذات مصداقية لإيجاد حل سياسي قابل للتطبيق في إطار احترام سيادة هذا البلد". وكانت قمة دول غرب أفريقيا وافقت في اجتماعها بابوجا عاصمة نيجيريا اول أمس الأحد على إرسال قوة قوامها 3300 عسكري إلى شمال مالي بهدف تحريره من قبضة الجماعات المسلحة.وكان كمال رزاق بارة، مستشار الرئيس بوتفليقة للشئون الأمنية، حذر من خطورة التدخل العسكري في مالي، معتبرا أن تدويل القضية عن طريق التدخل العسكري سيزيد فقط من تعقيدها. وقال بارة، فى تصريحات للإذاعة الجزائرية الحكومية السبت الماضي، إنه من الضروري التوصل إلى اتفاق مقبول لتجنب انتشار الأزمة خارج حدود مالي، كما دعا إلى مساعدة مالي على وضع خطة طريق يتفق حولها جميع الفاعلين في باماكو للخروج من الأزمة السياسية. وكان كاتب الدولة المكلف بالشؤون الأفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل شارك نيابة عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في قمة أبوجا لدول غرب أفريقيا، وسلم مساهل رسالة خطية من بوتفليقة إلى رئيس كوت ديفوار والرئيس الحالي ل "الإيكواس" الحسن واتارا، وأخرى إلى رئيس نيجيريا غودلك جوناثان، من دون الكشف عن فحوى الرسالتين، كما أجرى محادثات مع مسؤولين عدة حضروا القمة لشرح الموقف الجزائري. وتتحفظ الجزائر وهي أكبر قوة اقتصادية وعسكرية مجاورة لمالي، على التدخل، وتدعو إلى فسح المجال للتفاوض بين حكومة باماكو وحركات متمردة في الشمال تتبنى مبدأ نبذ التطرف والإرهاب. وكانت وكالة الأناضول كشفت في وقت سابق عن مساعي وساطة تقودها الجزائر بين أطراف الأزمة في مالي لإطلاق مفاوضات مباشرة بينها.وعرفت الجزائر خلال الأشهر الأخيرة حراكًا دبلوماسيًا كثيفًا من خلال زيارات لمسؤولين غربيين، بينهم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، ومفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون، إلى جانب المبعوث الأممي إلى الساحل رومانو برودي. وأكد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، قبيل مغادرته الحكم، قال إن "مفاتيح الحل في مالي بيد الجزائر". ويرى خبراء أن حل الأزمة في مالي لا بد أن يمر عبر الجزائر التي قادت وساطات من سنوات لحل أزمة مالي وكذا نفوذها الاستخباراتي الكبير في المنطقة بحكم تجربتها في مواجهة الارهاب. من جهة أخرى، عبّر الرئيس النيجيري محمدو إيسوفو عن أمله في مشاركة جزائرية ضمن العملية العسكرية المتوقع حدوثها في شمال مالي، وذلك إلى جانب مشاركة نيجيرية وموريتانية من أجل ضمان نجاح التدخل العسكري، أو على الأقل غلق حدودها مؤقتا. وبالنسبة للجزائر يقول الرئيس النيجيري "يمكنها على الأقل أن تقوم بغلق الحدود بينها وبين مالي ليس بصفة دائمة، وإنما بصفة مؤقتة بهدف اجتثاث الإرهابيين من منابعهم الأصلية وهو الحال ذاته بالنسبة لليبيا". وحذّر الرئيس النيجيري الذي يلتقي، اليوم الثلاثاء، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من امتداد تمرد الجهاديين في شمال مالي إلى أوروبا مبرر بذلك العملية العسكرية ضد من اسماهم الجهاديين في شمال مالي، حيث قال "إذا تركناهم يفعلون ما يريدون، فان الجهاديين لن يتوقفوا عند إفريقيا بل إن هدفهم هو أوروبا"، مؤكدا أن عدم التدخل في مالي ستكون له عواقب أكثر خطورة من التدخل، في حد ذاته. حيث قال "الآن لا نملك أي خيار.. يجب أن يقتنع الجانب الفرنسي بضرورة التدخل العسكري من اجل حماية أوروبا ومن اجل وقف امتداد الاضطرابات التي عمّت العالم العربي إلى إفريقيا.