رافع الرئيس التونسي، منصف المرزوقي، لصالح الموقف الجزائري بشأن الأزمة في شمال مالي، مؤكدا أن تونس لها نفس الموقف الجزائري الذي يرى أن الحل العسكري يجب أن يكون آخر خيار. يحدث هذا في وقت يشارك فيه وفد جزائري رفيع المستوى بقيادة عبد القادر مساهل في القمة الاستثنائية لدول غرب إفريقيا بأبوجا. أعلن الرئيس التونسي منصف المرزوقي عبر أعمدة صحيفة »ليبرتي« الناطقة بالفرنسية، في عددها الصادر أمس، عن تأييد تونس للطرح الجزائري بشأن التعامل مع أزمة مالي، مؤكدا في نفس السياق أن الخيار العسكري الذي تلوح به دول غرب إفريقيا بدعم فرنسي يجب أن يكون آخر الخيارات، »نحن نتقاسم نفس المواقف حول المسائل الدولية كما هو الحال بالنسبة لمالي« يقول المرزوقي. وتأتي تصريحات الرئيس منصف المرزوقي الداعمة للموقف الجزائر في وقت تجتمع فيه دول »إيكواس« في قمة استثنائية بأبوجا النيجيرية لحسم مسألة التدخل العسكري قبل إحالة الخطة التي أعدتها قيادة أركان جيوش دول المنظمة في اجتماعها الأسبوع الماضي بباماكو، على مجلس الأمن نهاية الشهر الجاري لاعتمادها في حال إقرار الخيار العسكري، ويمثل الجزائر في القمة الاستثنائية لدول غرب إفريقيا وفد يرأسه الوزير المنتدب للشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، الذي يحمل رسالتين من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الأولى إلى الرئيس الإيفواري، الحسن وتارا، الرئيس الحالي ل »إيكواس« وأخرى للرئيس النيجيري. ويرافع الوفد الجزائري في هذا الاجتماع الحاسم من أجل خطة عملية تقوم على إعادة بناء المؤسسات السياسية الدستورية في مالي وضمان الوحدة الترابية لمالي والتفريق بين الجماعات الإرهابية التي تسيطر على الشمال مثل القاعدة وجماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا والحركات المطلبية كحركة تحرير الأزواد وأنصار الذين، ويجد الوفد الجزائري في هذا الاجتماع نفسه مسلحا بتصريحات قوية للحركتين اللتين أعلنتا رفضهما للإرهاب من جهة وتأكيدهما على براءتهما من أي علاقة مع القاعدة أو جماعة التوحيد والجهاد من جانب آخر. وكان المستشار برئاسة الجمهورية كمال رزاق بارة قد سبق اجتماع أبوجا بتشخيص للوضع في شمال مالي من خلال التأكيد على أن التدخل العسكري في مالي لا فائدة منه في الأوضاع الحالية التي لا تستلزم قوة عسكرية وأن تدويل القضية عن طريق التدخل العسكري سيزيد فقط من تعقيدها. وأضاف بارة: »من الضروري التوصل إلى اتفاق مقبول لتجنب انتشار الأزمة خارج حدود مالي«، مشددا على ضرورة مساعدة هذا البلد على وضع خطة طريق يتفق حولها جميع الفاعلين في باماكو للخروج من الأزمة السياسية، موضحا بأن الجزائر تفرق بين التدخل العسكري الذي لا فائدة منه في الأوضاع الحالية و بين مكافحة الإرهاب. وقال بارة أن الوضع في مالي معقد والأزمة التي تعيشها هذه الدولة متعددة الجوانب، محذرا من أن الأزمة يمكنها أن تنتشر خارج حدود هذا البلد ما لم تتوصل جميع الأطراف المعنية إلى حل سياسي. وحسبه فإن الأزمة في مالي لها نقطتين رئيسيتين، تتمثل في الأزمة السياسية في باماكو التي تسبب فيها الانقلاب في مارس 2012 وأدت إلى صراعات سياسية داخلية أما العنصر الثاني فيتمثل في تحكم مجموعات متمردة و أخرى إرهابية على ثلاث أرباع شمال البلاد. مقترحا جملة من الإجراءات لحل الأزمة. وحسب المتتبعين فإن الوفد الجزائري المشارك في قمة أبوجا سيلقي بكامل ثقله من أجل ترجيح الحل التفاوضي السلمي وانتزاع دعم للخطة الجزائرية التي هي بديلة للحل العسكري. ومعلوم أن القمة الاستثنائية لدول »إيكواس« تعتبر آخر فرصة قبل إحالة الملف على مجلس الأمن نهاية الشهر الجاري لإقرار خطة التدخل العسكري في حال تعثر المساعي الدبلوماسية للجزائر.