320 فلاح و50 بائعا ومسؤولي مؤسسات في السجن بسبب "الأسمدة" دعا أحد منتجي الأسمدة والمخصبات الفلاحية إلى مراجعة ما وصفه "بالإجراءات التعسفية" في توزيع هذه المواد، والتي تقيد نقل هذه المواد إلى المستثمرات الفلاحية، وتفرض سلسلة عريضة من الترخيصات من مختلف الإدارات العمومية، لدواع "أمنية". وأوضح المدير العام لمؤسسة "أغريفارت" Agrifert "علي ثابت"، في ندوة صحفية، أن السلطات العمومية تعتبر الأسمدة ضمن خانة "المواد المتفجرة الخطيرة"، رغم أن الأمر يتعلق بصنف واحد فقط، من بين 50 صنفا، وهي مادة "النيترات". والأغرب من ذلك أنها تضع الأسمدة الطبيعية و"الغضار" ضمن خانة "المتفجرات"، مع أنها ليست أصلا بمواد كيمائية. وقام مرسوم 451 الصادر في 2003 بتصنيف تسع مجموعات من المواد المتفجرة، من بينها الأسمدة. وفرض هذا التنظيم جملة من التدابير التي تخص استيراد، وإنتاج، وتوزيع هذه المواد، من بينها فرض حراسة أمنية من الدرك الوطني أثناء نقلها. والغريب في الأمر، أن انتقال الأسمدة من المصنع إلى الأراضي الفلاحية يخضع أيضا إلى مرافقة خاصة من الدرك، مع أن المخابر العلمية تؤكد أنها مواد غير قابلة "للتفجير"، ولا يمكن علميا استغلالها في إنتاج مواد متفجرة، باعتبار أن المكونات الأساسية القابلة للانفجار، وهي "الأمونياك" و"النيترات"، ممنوعة من الاستيراد والإنتاج أساسا. ويتسبب فرض هذه الحراسة في مضاعفة تكاليف النقل بحوالي 20 مرة، مما يرفع أسعار الأسمدة، فضلا عن عرقلة وصولها بشكل سريع، وتقليص نشاط المتعاملين الأربع الناشطين في مجال إنتاج وتوزيع الأسمدة. وبحسب شهادات أحد الفلاحين، فإن مصالح الأمن والدرك الوطني، التي تصر على اعتبار الأسمدة "مواد متفجرة خطيرة"، تتشدد في اقتناء الفلاحين لهذه المواد، وتقوم بتوعدهم، في حالة وقوعها بين يدي أشخاص آخرين أجانب عن المجال الزراعي. ومن جهة أخرى، يفرض التنظيم المعمول به على موزعي الأسمدة وبائعي التجزئة، الحصول على ترخيص بعد مرورها على سلسة من ثمانية هيئات، من إدارات ومصالح أمنية، من بينها وزارات الطاقة، والدفاع، والداخلية، والشرطة، والدرك، وغيرها. وأدت هذه الوضعية إلى نفور الفلاحين، من استخدام الأسمدة، بالنظر للضغوط الأمنية المتعلقة باقتنائها، رغم أن السلطات الوصية على القطاع الفلاحي تقدم دعما ماليا معتبرا لتعميم استخدامها. كما تسببت هذه الوضعية في تقلص عدد بائعي التجزئة لهذه المواد، بالنظر لتعقد الإجراءات للحصول على تراخيص بالبيع، فضلا عن اعتبار الكثير من المتعاملين لهذا المجال "مجازفة كبيرة". وعزز هذا الشعور، دخول 320 فلاح، و50 من بائعي التجزئة للسجن، بحجة توزيع أو "تسريب" الأسمدة إلى أشخاص لا ينتمون إلى القطاع الفلاحي، مما يضعهم في خانة المتاجرين والمروجين "للمواد المتفجرة". وقال المدير العام لمؤسسة "أغريفريت" أن الفلاحين وبائعي الأسمدة تحولوا، بين ليلة وضحاها، إلى "إرهابيين"، دون علمهم، مع الإشارة إلى أن ثلاثا من كوادر مؤسسته توجد خلف القضبان، منذ أكثر من شهرين، في قضية تتعلق بنقل الأسمدة من دون مرافقة الدرك. وقال مندوب مبيعات شركة "جيتين" Giten الفرنسية، "ألان رومان" أن توزيع الأسمدة في جميع الأسواق الأوربية، بما فيها "النيترات"، لا يخضع إلى أي من التدابير الأمنية الموجودة في الجزائر. واتهم المدير "أطرافا خفية" بمحاولة زعرعة قطاع إنتاج الأسمدة، لمجابهة دعم الدولة لاستخدام هذه المواد، ضمن مؤامرة ضد الفلاحة الجزائرية، بحسب تحليل المدير الذي أضاف كذلك، أن أسعار الأسمدة في الجزائر تضاعفت 3 مرات، بسبب هذه العراقيل، مع أنها تراجعت في السوق العالمي بنحو 9 مرات.