انطلقت، ظهر امس الأحد، بالعاصمة القطرية الدوحة اجتماعات وزراء الخارجية العرب التحضيرية للقمة العربية العادية الرابعة والعشرين، والمزمع عقدها في 26 و27 من الشهر الجاري، حيث يبحث المجتمعون عددا من الملفات الشائكة. ويبدأ الوزراء العرب اجتماعاتهم، وهم يحملون ملفات قد لا تلقى الكثير من التوافق في ظل اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية تعصف بالمنطقة، كما يواجه المجتمعون تركة قمة بغداد من العام الماضي، حيث يرى مراقبون أن العراق "لم يضطلع بمهامه كما ينبغي" بوصفه رئيسا دوريا للجامعة العربية آنذاك. ويأتي الملف السوري على رأس جدول أعمال وزراء الخارجية، حيث يتضمن البحث في إمكانية منح مقعد دمشق في الجامعة للائتلاف المعارض وخصوصا بعد انتخابه غسان هيتو رئيسا للحكومة الانتقالية، بالرغم من عدم تشكيله حتى الآن كما دعاه وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم بالقاهرة هيئة تنفيذية لتسلم المقعد. ويقول مراقبون إن هذا الموضوع قد يكون محل تباين بين الدول العربية، فمع أن أغلبها يؤيد هذا التوجه، إلا أن بعضها يتخذ مواقف أخرى، مثل اعتماد لبنان سياسة "النأي بالنفس"، بينما يبقى موقفا الجزائر والعراق أقرب للتحفظ. وفي الجانب الإنساني، تبرز معاناة أكثر من مليون لاجئ سوري يتوزعون على الدول المجاورة، حيث يبحث الوزراء آليات تقديم مساعدات إنسانية وإغاثية لهم، وخصوصا بعد أن رفعت قمة الدوحة شعار "صوت الحق مع الشعب السوري والفلسطيني". ومن جهة أخرى، يتطرق الوزراء إلى القضية الفلسطينية والجمود الذي يخيم على عملية السلام وزيادة وتيرة الاستيطان بشكل لافت، ناهيك عن نتائج زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية وانعكاساتها على عملية السلام. ولن تغيب بطبيعة الحال عن أجواء الاجتماع الأزمات الأمنية والاقتصادية المتلاحقة التي تمر بها دول "الربيع العربي"، إضافة إلى جلسات الحوار الوطني في اليمن، والأزمة السياسية التي يمر بها العراق بعد أسابيع على اندلاع احتجاجات متواصلة على سياسة رئيس الحكومة نوري المالكي "الإقصائية والتهميشية" حسب المتظاهرين. ومن المواضيع المطروحة أيضا على مائدة البحث إعادة هيكلة الجامعة العربية وفقا لوثيقة العهد والميثاق التي اقترحتها السعودية وأقرت في قمة تونس عام 2004، إضافة إلى مقترحات مصرية طرحت في قمم سابقة تتعلق بإعادة الهيكلة. خطابات تتحدث عن الإصلاح تجنبا للخلاف أزمة سوريا صارت أهم من قضية فلسطين هيمنت الثورة السورية والقضية الفلسطينية وإعادة هيكلة جامعة الدول العربية ومراجعة ميثاقها وتحويلها لمؤسسة للشعوب العربية لا لحكامها فقط، على كلمات المؤتمرين في الاجتماع الوزاري العربي التحضيري للقمة العربية في دورتها ال24 المزمع عقدها يومي 26 و27 من الشهر الجاري بالعاصمة القطرية الدوحة. وبعد تسلمه رئاسة القمة العربية من وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، أكد رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أن القضية السورية لا تحتمل التسويف ولا التأجيل، وتتطلب توحيد الموقف وتستوجب الحسم والحزم لمعالجتها من النواحي الأمنية والسياسية والإنسانية لأن تداعياتها تطال المنطقة برمتها. وقال الأمير عبد العزيز بين عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي إن نظام الرئيس بشار الأسد ومنذ أكثر من عامين "يستمر في مماطلاته وتسويفه وإمعانه في سياسة القتل والتدمير بمساعدة بعض الأطراف الذي زادت معه حدة الأعمال العسكرية وتقلصت بسببه فرص الحل السياسي". ورحب المسؤول السعودي بقرار الجامعة شغل مقعد سوريا من قبل المعارضة الذي "يشكل نقطة تحول بالغة الدلالة في إضفاء الشرعية الدولية على الائتلاف الذي أصبح الممثل الشرعي للشعب السوري". في السياق، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن بلاده أيدت ودعمت كافة التطلعات المشروعة للشعب السوري في الحرية والديمقراطية وحقه في رسم مستقبله وإدانة أعمال العنف والقتل وإيقاف نزيف الدماء والتمسك بالحل السياسي والسلمي ودعم الحوار الوطني. وأضاف أن العراق رفض التدخل الأجنبي في الأزمة السورية حفاظا على وحدة سوريا وسلامة شعبها، كما دعم مهمة المبعوث العربي الدولي المشترك لسوريا الأخضر الإبراهيمي من أجل عملية الانتقال السياسي، مؤكدا أن العراق لن يكون مع أي "دكتاتورية" مهما كانت عناوينها واتجاهاتها. في السياق، أشار الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى أن الثورة السورية بدأت سلمية، ولكن "إصرار النظام وعناده وعدم استجابته لمطالب الشعب بالتغيير والإصلاح، واستخدامه البطش والقمع ونزيف الدم كان السبب وراء الوضع الكارثي الذي يحل بالبلاد". وأعرب الأمين العام عن أمله بأن تُحل الأزمة بالطرق السلمية، وأوضح أنه يجب التركيز على مجلس الأمن الذي يجب أن يصدر قرارا ملزما بوقف النار وإرسال قوات حفظ سلام والاستفادة من التطورات الإيجابية على المعارضة السورية وأن يستأنف الإبراهيمي جهوده للوصول إلى حل سلمي. كما دعا لتحرك عربي سريع لمساعدة اللاجئين السوريين، والاستعداد لمشاريع إعادة الإعمار في سوريا. وفي القضية الفلسطينية، أكد زيباري فلفت أن على الدول العربية "العمل لاقتلاع جذور الإرهاب والابتعاد عن الفتاوى المحرضة على الفتنة وإثارة النعرات الطائفية"، ودعا إلى "الوقوف ضد الفتاوى التكفيرية"، مشددا على دعم بلاده لمبادرة السلام ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية واسترجاع أرضه وإقامة دولته وعاصمتها القدسالشرقية. من جهته، دعا العربي لضرورة العمل المنسق والجاد لإلزام الأطراف الفلسطينية تحمل مسؤوليتها في تحقيق المصالحة دون إبطاء، وتوفير الدعم المالي العربي للشعب والحكومة الفلسطينيين لدعم صموده على أرضه. وكشف العربي عن مشاورات مع الجانب الأميركي لتحديد موعد زيارة وفد من الجامعة لواشنطن في الأسبوع الأخير من الشهر المقبل للقاء المسؤولين الأميركيين والاتفاق على كيفية الوصول لحل للقضية الفلسطينية، وأمل أن يتم الاتفاق في الاجتماع الوزاري على تشكيل الوفد الذي يقوم بهذه الزيارة. أما رأس الدبلوماسية العراقي، فأشار إلى أن بلاده أخذت على عاتقها تنفيذ مقررات القمة والمضي قدما نحو آفاق تحقق تطلعات الشعوب العربية التي تنظر بأمل لمؤسسة القمة في سبيل خدمة الإنسان العربي. في الموضوع ذاته ذكر العربي، أن جدول أعمال هذه القمة يمثل بداية حقيقية لتطوير أسلوب الجامعة، لأنه يقتصر على عدد محدود من العناوين البارزة والمهمة بداية بالقضية الفلسطينية والوضع السوري وتطوير الأداء الاقتصادي العربي المشترك وتطوير الجامعة بحد ذاتها التي يجب أن تواكب وتلبي تطلعات الشعوب العربية والتطور الديمقراطي الذي تشهده الدول العربية. بعد دعوة الجزائر ومصر.. قمة الدوحة تبحث آليات عمل جديدة بن حلي: الجامعة يجب أن تتطور لتواكب العصر وتقترب أكثر من مشاغل المواطن العربي وهمومه منذ اللحظة الأولى لبدء الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية ال24 بالدوحة بدا أن ملف هيكلة الجامعة يحتل مكانا بارزا على أجندة هذه القمة التي تزامنت مع تفاعلات بالمنطقة أحدثتها رياح التغيير بدول الربيع العربي وتأزم الوضع في سوريا وجمود سلام الشرق الأوسط، وتنامي الدعوات لتأكيد حقوق المواطن العربي في الحريات والحقوق. وقد كشفت أزمات عربية متلاحقة عن حالة من العجز لدى جامعة الدول العربية بدت معها مكتوفة الأيدي لافتقارها إلى آليات واضحة للتحرك على كثير من الأصعدة مع عدم القدرة على اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب، وتحويل القرارات إلى حقائق على أرض الواقع بما يلبي طموحات الشعوب العربية ويواكب التغيرات المتلاحقة. فشل فكرة نشر مراقبين عرب في سوريا كانت آخر المحاولات التي نبهت لضرورة وجود آلية فاعلة لتسوية النزاعات والأزمات والتي سبق إليها على سبيل المثال الاتحاد الأفريقي. وكانت مصر قد قدمت في عهد نظامها السابق بقيادة حسني مبارك مبادرة لإصلاح وتطوير الجامعة عام 2003 وكذلك السعودية التي اعتبرت ما عرف إعلاميا بوثيقة العهد التي أقرت عام 2004 أساسا لهيكلة الجامعة. وفي هذا السياق، قال أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة، بوضوح بالجلسات التمهيدية لقمة الدوحة، إن الجامعة يجب أن تتطور لتواكب العصر وتقترب أكثر من مشاغل المواطن العربي وهمومه خاصة المتعلقة بالتنمية. كما شدد على أن الجامعة "يجب أن تعيد الاهتمام بالحريات وبحقوق المواطن العربي وبكرامته لتكون انعكاسا حقيقا لما يتطلع إليه الناس". واعتبر بن حلي أن تطوير الجامعة العربية أصبح ضرورة قائلا "إذا لم تواكب الجامعة التغيرات ستكون بدون شك مقصرة". وقبل نحو عام شكل الأمين العام للجامعة نبيل العربي لجنة مستقلة برئاسة الأخضر الإبراهيمي لبحث الإصلاحات المقترحة، والتي تستند بجزء كبير منها إلى وثيقة العهد السعودية التي أقرت بقمة تونس عام 2004، بالإضافة لمبادرة مصر عام 2003. ودعا العربي لإعادة هيكلة الجامعة لضمان العمل العربي المشترك وإعادة النظر بجميع الاتفاقيات السابقة قبل إصدار أي قرار، معتبرا أن الجامعة مقبلة على تحديات كبيرة. وكانت المبادرة المصرية قد حددت عدة محاور نقطة انطلاق تشمل تنقية الأجواء العربية والتكامل الاقتصادي العربي وتشكيل برلمان عربي وإقامة نظام للأمن القومي العربي، مع دعم المنظمات العربية المتخصصة. وتشمل المبادرة المصرية أيضا، وصول الجامعة للمجتمع المدني العربي ومؤسساته وتعديل نظام التصويت بأجهزة الجامعة، مع اعتماد أسلوب الدبلوماسية الجماعية. أما وزير خارجية السعودية سعود الفيصل فقد اقترح تشكيل لجنة غير سياسية لتطوير الجامعة في إطار المبادئ المنصوص عليها بوثيقة العهد والميثاق التي تم إقرارها بالقمة ال 16 في تونس والتي وقعت عليها جميع الدول العربية. ودعا الفيصل، أمام اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب بدورته ال139 بالقاهرة، فريق العمل، إلى البحث بكل تجرد في المسببات التي أدت لتكبيل العمل العربي المشترك ووضع الخطط والهياكل للنهوض به من جميع جوانبه السياسية والتنظيمية. واعتبر الفيصل أن "وثيقة العهد والميثاق" هي "الأساس الأمثل" الذي ينبغي الانطلاق منه لتطوير الجامعة شكلا وموضوعا. وشدد على أن إعادة هيكلة منظمة العمل العربي المشترك ومسألة التعيينات وزيادة ميزانية الجامعة لا بد أن ترتكز على عدة عناصر منها تقديم تصور كامل لتطوير منظومة العمل المشترك بما فيها التطوير المالي والإداري. الحراك الشعبي العربي ولعل ما يحدث بدول الربيع العربي يكشف عن ضرورة أن تشمل الآليات المقترحة نزع السلطوية ومحاولة دمج الشعوب وتفعيلها بالحراك الاجتماعي والسياسي والثقافي، وبالتالي إخراجها من حالة الاحباط وفقدان الثقة. في هذا الإطار وصفت وثيقة العهد الواقع العربي بالمرير، وطالبت ببعث اليقظة في نفوس الأمة حتى تكون قادرة على مجابهة التحديات وصولا إلى نموذج مثل مجلس الاتحاد الأوروبي. في هذا السياق أيضا، جاء استحداث منصب نائب الأمين العام للجامعة بهيكل الأمانة العامة لأول مرة في إطار تنفيذ قرار قمة بغداد الأخيرة بتفويض الأمين العام للجامعة بإعادة الهيكلة. ومع تتابع الأزمات ورياح التغيير بالمنطقة، بدا أن بند الإجماع باتخاذ القرارات لم يعد مجديا، وأن اتفاقية الدفاع العربي المشترك تم تجاهلها وظهرت الحاجة لتفعيلها وإنشاء قوة عسكرية مسلحة بأحدث الأسلحة لتكون قوة رادعة لحماية الشعب العربي. كما برزت الحاجة لوحدة اقتصادية حقيقية "لا ورقية" لتحقيق التكامل العربي. وتعليقا على ذلك، يقول سالم عبد الغني الكاتب المتخصص بشؤون الجامعة العربية بصحيفة الأهرام المصرية إنه من الضروري أن ينظر القادة والزعماء العرب بأهمية بالغة لتفعيل مجلس السلم والأمن العربي كآلية هامة وفعالة لمواجهة ما يتعرض له العالم العربي من تهديدات خطيرة "تنذر بكوارث". واعتبر عبد الغني أن إعادة الثقة للشباب العربي الذي يقود الحراك والتغيير بالدول العربية مسألة مهمة، مشيرا إلى فجوة كبيرة أحدثتها الجامعة وقراراتها التي لا تري النور وتظل حبرا علي الورق. ويشير بهذا الصدد إلى أن تطوير هياكل الجامعة وتحويلها من منظمات الجيل الثاني إلي الجيل الثالث، على غرار الاتحاد الأفريقي الذي حل محل منظمة الوحدة الأفريقية من أهم موضوعات قمة الدوحة. كما يشير إلى "خطوات متأخرة" من الجامعة لإنشاء منظمة عربية لحقوق الانسان، ويطالب في الوقت نفسه بتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في العمل الأهلي العربي المشترك. مقعد سوريا بالجامعة للمعارضة نقلت، أمس، مواقع إلكترونية عربية بان وزراء الخارجية العرب قرروا منح المقعد السوري في جامعة الدول العربية للمعارضة السورية ممثلة بائتلاف قوى الثورة والمعارضة وبالحكومة المؤقتة التي شكلها الائتلاف. في الوقت الذي أعلن رئيس الائتلاف معاذ الخطيب استقالته. فقد قرر وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التحضيري للقمة العربية في دورتها العادية الرابعة والعشرين والتي ستعقد، الثلاثاء والأربعاء المقبلين، في العاصمة القطرية الدوحة منح المقعد السوري في الجامعة العربية للمعارضة السورية ممثلة بائتلاف قوى الثورة والمعارضة وبالحكومة المؤقتة التي شكلها الائتلاف. وقال مراسل الجزيرة عبد الفتاح فايد إن المعارضة السورية ستشغل مقعد سوريا على مستوى الزعماء في القمة. وأضاف أن هناك أنباء عن مشاركة رئيس أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس. وكان الملف السوري حاضراً في كلمات الافتتاح حيث قال رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني إن القضية السورية تستوجب الحزم والحسم وإنها لا تحتمل أي تأجيل أو تسويف لأن تداعياتها الخطيرة لا تطال سوريا فقط وإنما المنطقة بأسرها. من جانبه، أشار وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إلى أن تحفظ بلاده إزاء مشاركة الائتلاف السوري في أعمال القمة كممثل رسمي كان موقفا مبدئيا وليس تهميشا له.