مرة أخرى يخرج الناس ليقطعوا الطرق بالمتاريس ويشعلون النار في الإطارات، لم يكونوا من ولايات داخلية لم يصلها الماء أو شبكة الكهرباء، ولكنهم من قلب العاصمة، بشر مثلهم مثل خلق الله صبروا منذ الاستقلال إلى اليوم من أجل أن ينالوا بيتا لائقا، ولكن مضت عقود وتوالدت أجيال وبقوا محشورين في مساكن أشبه بالمحتشد. وحين ينفجر الناس غضبا ينزل الولاة والأميار، مخاطبين الناس بالتعقل وضبط النفس والدعوة للحوار، وقبل هذا كانوا طرشانا وعميانا. مشكلة المواطن في أمثال هؤلاء الذين يدعون إلى الحوار بعدما "تخلا" ويسقط الجرحى والقتلى، مشكلة المواطن في مير يوزع السكنات على الخليلات، وعلى الأصحاب، ويقفل باب مكتبه على الناس. وحين يثور الناس، يطالبونهم بالتعقل ويدعونهم للحوار. كان على قوات الأمن أن تعتقل من تسببوا في هذه الفتنة وتفتح تحقيقا في السكنات التي استولت عليها "مدام دليلة" بعقد أمضاه المير وحاشيته، كان على السلطات المختصة أن ترفع تقاريرها وتكشف الفساد الذي صار سمة الأميار في البلديات، بدلا من دعوة الناس للتعقل بعدما تفلت العقول وتنفجر الأوضاع. ففي الوقت الذي يحصل فيه البعض على سكن في كل بلدية بسهولة ويسر، يقبع بؤساء "هوغو" منذ الاستقلال وبعضهم قبل الثورة في غيتوهات ينتظرون ليلة القدر وأن تشرق عليهم الشمس يوما، أبعد هذا نسأل لماذا يتجنس الناس بجنسيات أخرى، ولماذا تتضاعف الحرڤة حتى في فصل الشتاء؟