في الوقت الذي أرادت بعض الأطراف السياسية والإعلامية إعطاء هذه الانتفاضة طابع أكتوبر من أجل توسيع رقعة الأحداث إلى باقي بلدية العاصمة. ونحن على بعد خطوات من احتفالات الفاتح نوفمبر، كان أبناء ديار الشمس البالغ عددهم نحو 20 ألف نسمة يطالبون بتنحية المير وفتح تحقيقات بشأن فضائح توزيع السكنات الاجتماعية، يحوزون بشأنها على أسماء لعازبات ومطلقات وأسماء زوجات المير العرفية، كنّ قد استفدن من مساكن، في حين حرم منها أغلب المتزوجين من أبناء ديار الشمس التي لم تدخل ديارهم منذ الاستقلال. "الأمة العربية" اخترقت جدار الصمت المضروب على خلفيات مطالب هؤلاء المعذبين في الأرض، القاضية بتنحية المير. مطلب تجاهلته السلطات، معتبرين الأمر خال من الصحة. في هذا السياق، كانت "الأمة العربية" حاضرة في مسرح الأحداث باستعمال وسائلها الخاصة، حيث اكتشف أنه رغم المشادات العنيفة بين المتظاهرين ورجال الأمن التي تمركزت بكثافة خوفا من انتشار رقعة المظاهرات التي وصلت يوم أمس إلى حد إغلاق الطريق الذي يفصل بئر مراد رايس ورويسو، بعد أن كانت كل المؤشرات تدل على هدوء الوضع الذي ازداد تعفنا يوم أمس، فبداية من الساعة الرابعة مساء كان العشرات من المواطنين ورجلات الأمن ضحايا فضائح منتخبي أميار المدنية، لأنه لو كانت الأمور تجري حسب قوانين الجمهورية، لما كان أبناء الجزائر يتعاركون بسبب أخطاء مسؤولين اعتادوا على نشر الفتن. مير المدنية، موفق عبد الرزاق، الذي كان سكان البلدية ينهضون باكرا للظفر بلقاء معه ولا يتمكنون من ذلك، كان هو من زرع بذرة الفتنة في أوساط ديار الشمس الذين حسب مجموعة منهم التقت بهم "الأمة العربية" ليلا بمقر سكانهم أن هذا الأخير هو من سمح لإخوانهم ببناء المساكن القصديرية. وعندما أرادت مصالحه برفقة مصالح الأمن تهديمها، استنجدوا به من أجل التدخل، إلا أن هذا الأخير حسبهم لما جاء وهو في حالة سكر برفقة فتاة شرع في إهانتهم، مما جعلهم يردون عليه بالحجارة، ومن هنا بدأت الأحداث تتفاعل حتى تحوّلت إلى مظاهرات كادت تقلب الأمر رأسا على عقب، وهنا علق أحدهم "لا يوجد دخان بلا نار، لقد صبرنا على كل الإهانات وكنا كالفئران نعيش في شبه مقبرة ولم نقم بأي إخلال بالنظام العام"، ولكن حسبه "أن يقدم المير على شتمنا بهذه الطريقة، فهذا الأمر لا نقبله". كشفت مصادر موثوق بها ل "الأمة العربية"، أن طريقة تحريض سكان ديار الشمس وبعض سكان ديار السعادة على رفع لواء التمرد ضد السلطة، كان مخططا له منذ مدة باعتبار الحي من أسخن الأحيان على مستوى العاصمة، والدليل حسبه ما حدث بوهران عندما تم ترحيل سكان سيدي الهواري مند سنتين تقريبا. شهادة موثقة أكدت أن خلفيات إشعال نار الفتنة كان يهدف إلى حرق مقر البلدية ومرافق أخرى تحتوي على أرشيف من الأدلة، تورط المير وبعض البارونات في فضائح تحويل المال العام وعقد الصفقات المشبوهة التى كشفت أن إحدى المقاهي القريبة من مقر البلدية تحوّل إلى مركز إداري لعقد مثل هذه الصفقات، حتى أنه أصبح بنكا موازيا يشتغل في صرف عملة الأورو والدولار، صاحبه لديه نفوذ مع عدة أشخاص نافذين أذلوا سكان ديار الشمس وباقي سكان البلدية، حتى أن بعض الوجوه الوزارية وقفنا على زيارتها للمكان المشبوه، تمكنا من الوقوف على علاقتها المصلحية برواد الفساد بهذه البلدية التى تسير ضمن نطاق ثلاثي خطير كوّن شبكة من العلاقات الخاصة لتوفير الحماية له ولأصحابه في إطار استمرار "مجازرهم العقارية" والسكانية والمشروعية التي تعوّد عن طريقها على سرقة المال العام التي وفت لهم حصانات متعددة. "الأمة العربية" التي تمكنت من زيارة حي ديار الشمس ليلا لمعرفة حالة العائلات التي رفضت التهميش وسلطة متعددي الزوجات، ونحن ندخل الحي سمعنا هتافات المتظاهرين "الجيش الشعب معك يا بوتفليقة". وعن سبب إطلاقهم لهذا الشعار، كشف لنا أحدهم بأن السكان يطالبون الرئيس بالتدخل شخصيا لتنحية المير وحاشيته، مع فتح تحقيق حول التجاوزات الخطيرة التي ارتكبها المير، لأنه حسبه لا يعقل أن يبقى هذا الشخص على رأس المسؤولية وهو من أعلن الحرب على أبناء الشهداء والمجاهدين وباقي فئات الشعب، بحرمانهم من حقوقهم المشروعة، فأصبح يمنح لعائلته وعشيرته ومعارفه كل الامتيازات، بما فيها المحلات والسكانات وعقد الصفقات المشبوهة مع المقاولين، كانت الصحافة حسبهم قد كشفت بعض من هذه التجاوزات، إلا أن هذا الأخير لم يتزعزع من كرسي الإمارة، لأن حسبهم هناك حماية خاصة له، لأنه ليس هو الحاكم الفعلي لهذه البلدية، بل يديرها عبر لاسلكي أحد الأشخاص الذي أوصله إلى هذا المنصب. زيارتنا لحي ديار الشمس الذي وقفنا بشأنه على وجود حالة إهمال وتهميش، وكأن سكانه لا يقيمون ببلدية لا تبعد على الرئاسة بنحو 3 كلم، أكثر من نصف السكان يعيشون في مساكن من نوع أف 1، في الوقت الذي تحصلت فيه العازبات والمطلقات على مساكن من نوع أف 3 وأف 4، كان المير قد منحها لهن لحاجة في نفس إبليس. في هذا السياق، اكتشفنا أن عائلات ديار السعادة كانوا منذ فجر الاستقلال يعانون الاستعمار الإداري المسلط عليهم من أمراء البلدية المتعاقبين على كرسي المدنية، الذين حوّلوا المئات من السكنات إلى وجهات مجهولة، كقضية الحمام القديم الذي كان جسرا لإسكان أشخاص غرباء عن البلدية، يتم ترسيم إقامتهم مقابل 10 إلى 20 مليون سنتيم، ليتم ترحيلهم إلى مساكن جديدة. خطة مكنت هؤلاء المسؤولين من جعل هذا الحمام محل عدة سرقات لمساكن الفقراء، ومنهم سكان ديار الشمس الذين يعيشون منذ مدة طويلة في ضيق لا يوصف، جعل أبناءهم ينامون "بالدالة" وآخرين جعلوا من الفنادق مساكن لهم بعد أن تزوج أبناؤهم ولم تعد مساكن الأف 1 التي شيّدها الاستعمار تسع لإقامة عائلات بلغ عدد أفرادها أكثر من عشرة، نصفه تزوج، ليقتسم أربعة أمتار مربعة مع باقي أفراد عائلته. هؤلاء اضطرهم هذا الوضع المزري إلى الإقدام على بناء مساكن قصديرية لتوفير شيء من الراحة لعائلته. في هذا السياق، كشفت لنا مصادرنا الموثوق بها أنه تم إغلاق ملعب كرة القدم من طرف مير البلدية في وجه الشباب ليتم إسكان معلم وزوجته بأحد إماكنه، وهو أمر غير منطقي كذلك. فعندما نقف على أن كل أقبية مساكن ديار الشمس وبعض ديار السعادة أصبحت إقامة لسكان البلدية، فهل يمكن أن نطالب من هؤلاء أن يقوموا بواجباتهم، في الوقت الذي تنهك حرمتهم وكرامتهم من طرف أمثال مير المدنية التي كانت إحدى معاقل الثورة الجزائرية. مظاهرات المدنية ومن قبلها مظاهرات وهران وبريان، كشفت تقارير موثقة أن أشخاصا لهم مصالح كانوا وراء استفزاز مصالح الأمن بعد إن اندسوا في صفوف المتظاهرين الذين دخلوا في مواجهات مع رجال الأمن، خلّفت ضحايا من كلا الطرفين وعلى المواطنين أن يفهموا بأن دور رجال الأمن هو حماية الممتلكات، وأمن الأشخاص مهمة لا يمكن التشكيك فيها عندما يتدخل هؤلاء في مثل هده المواقف التى لا يتمنون أن يكونوا فيها، ولكن واجب المهنة جعلهم هدفا، في حين كان الأولى بالسلطات عندما تحدث مثل هذه الأمور أن تقدم على إقصاء هؤلاء الذين كانت تصرفاتهم وممارساتهم الإدارية وقودا للفتن.