سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المرأة والمشاركة السياسية..حقائب وزارية من الوزن الخفيف، تمثيل ضعيف بالمجالس المنتخبة، والية واحدة منذ 10 سنوات وإقصاء تام بالمركزية النقابية في أول بلد عربي تترشح فيه امرأة للرئاسيات
قليل من النائبات في البرلمان، قليل من الوزيرات، قليل وقليل جدا من رئيسات الأحزاب وقليل جدا جدا من الدبلوماسيات، مقابل الكثير من القاضيات، الكثير من الشرطيات، الكثير والكثير جدا من الطبيبات والكثير جدا جدا من المدرسات. هي المعادلة إذن غير المتوازنة لحضور المرأة في المجتمع على جميع الصعد، فلقد تمكّنت من اكتساح قطاعات وظيفية هامة لكنها بالمقابل لا تزال تسجل حضورا محتشما في الحياة السياسية ومراكز اتخاذ القرار. في جزائر 2009 لدينا: الوزيرة، السيناتورة، النائبة، الوالية، رئيسة الحزب، رئيسة البلدية، ولدينا أيضا أول امرأة تترشح للرئاسيات في تاريخ العالم العربي، لكن بالرغم من كل هذا يبقى مجتمعنا مجتمعا ذكوريا، ويبقى حضور المرأة في الساحة السياسية ضعيفا جدا نظرا لبعض العوائق التي تحدّها من الوصول إلى دوائر صنع القرار، فأين يكمن الخلل؟ هي اللعبة السياسية التي تصمم أن تبقى مغلقة وبين أيدي الرجال، ذاك أن الترشح للمناصب السياسية في الجزائر يتم من خلال الأحزاب واهتمام المرأة بالنشاط السياسي متأخر بالقياس إلى مستواها التعليمي الذي أهّلها لتبوؤ وظائف سامية في النشاط العام، كما أن عدد النساء الناشطات بالأحزاب قليل مقارنة بالرجال، وقليلات جدا جدا منهن من يتواجدن في مراكز قيادية داخل الحزب، وهو ما يصعّب وصولهن إلى المناصب الانتخابية على مختلف المستويات، والوضع العام إذن ما هو إلا انعكاس لموقع المرأة في التشكيلات الحزبية. المرأة الوزيرة "حضور أكثر مما هو وزن" تسجل حضورا دائما بالطاقم الحكومي مع كل تعديل وزاري، إلا أنه وإلى غاية يومنا هذا لم تتسلم امرأة حقيبة وزارية من الوزن الثقيل كالداخلية، الخارجية أو الاقتصاد، ويلاحظ أن موقع المرأة في الحكومة تراجع مقارنة بالسنوات الماضية وبأنها لم تحافظ على التحول الكبير الذي حدث عقب الاستقلال، إذ ترأست المرأة في الماضي وزارات من الوزن المتوسط –إن صح التعبير- كزهور ونيسي "وزارة التربية"، نفيسة لاليام "وزارة الصحة"، ليلى عسلاوي "وزارة الشباب والرياضة"، وبدل المحافظة على هذه الحقائب والطموح إلى ما هو أثقل، تراجع دور المرأة الوزيرة ليصبح مجرد حضور فقط أكثر مما هو وزن، واكتفت بتعيينها على رأس الوزارات المنتدبة لدى الوزراء الرجال كالوزرات المنتدبة المكلفة إما بترقية البحث الجامعي أو الاتصال أو الجالية المقيمة بالخارج أو الأسرة وقضايا المرأة، هذا باستثناء وزارة الثقافة التي تمكّنت خليدة تومي من الحفاظ عليها من سلطة زميلها الرجل بالرغم من التعديلات الوزارية الكثيرة التي حدثت. المرأة في المجالس المنتخبة "حضور ضعيف بالأحزاب الوطنية وإقصاء تام بالإسلامية" بالرغم من أن نسبة تواجد المرأة بالبرلمان سجلت ارتفاعا طفيفا في تشريعيات 2007 قارب 8٪ مقارنة بالسنوات الماضية، إلا أن حضورها لا يزال ضعيفا جدا مقارنة بالتعددية الحزبية المتواجدة في الساحة السياسية. ويرجع هذا إلى عدم وجود مساواة في تمثيل المرأة داخل الأحزاب السياسية وتضييق كبير عليها بالهيئات المنتخبة والمؤسسات التشريعية. لقد أفرزت الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في 17 ماي 2007 عن وصول 389 نائب إلى قبة البرلمان ممثلين ل 22 حزبا، منهم 30 امرأة فقط ممثلات ل11 حزب، بمعنى أن عدد النواب الرجال ال359 هو ضعف عدد النائبات 12 مرة وأن نصف الأحزاب الممثلة في البرلمان لم يكن للمرأة فيها حظ تقلّد منصب "نائبة شعب". باستثناء حزب العمال الذي عادل تقريبا بين عدد النائبات والنواب (11 نائبة و15 نائب) فإن جميع الأحزاب الأخرى هضمت إن لم نقل هدرت حق المرأة في الوصول إلى قصر زيغود يوسف، فجبهة التحرير الوطني خصصت 11 مقعدا للنساء من بين 136 مقعد التي حازت عليها، أي بعملية حسابية بسيطة نجد أن عدد النواب الرجال بالحزب هو 125 وهو ضعف عدد النساء 11 مرة تقريبا، أما حزب التجمع الوطني الديمقراطي فاكتفى بتمثيل امرأة واحدة فقط إلى جانب 61 نائبا رجلا، ونشير هنا إلى أن المكتب الوطني للحزب يضم 3 نساء من بين 17 عضوا، وحتى أحزاب اليسار التي تنادي بالديمقراطية والمساواة ممثلة في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية لم يعط المرأة حقها من خلال مقعد واحد فقط من نصيب نائبة من ولاية تيزي وزو مقابل 18 مقعد لنواب رجال، أما الأحزاب الإسلامية كحركة مجتمع السلم فإنها مسحت المرأة كليا من على الخريطة البرلمانية واستحوذ الرجل فيها على 51 مقعدا –من يدري فربما لأنهم قوّامون- في حين اكتفت 6 أحزاب أخرى بما فيها الأحرار بتخصيص مقعد واحد للمرأة من بين 50 مقعدا كانت من نصيبها في البرلمان، أما الأحزاب ال11 المتبقية والمشاركة في البرلمان فإنها لم تمكّن المرأة أصلا من احتلال مراتب متقدمة في الحزب توصلها إلى البرلمان. التمثيل النسوي في المجلس الشعبي الوطني –تشريعيات 2007- الحزب عدد الأعضاء عدد النساء الأفالان 136 11 الأرندي 62 01 حمس 51 00 الأحرار 33 01 حزب العمال 26 11 الأرسيدي 19 01 حركة الشبيبة والديمقراطية 05 01 حركة الوفاق الوطني 04 01 حركة الإنفتاح 03 01 الجبهة الوطنية للأحرار من أجل الوئام 03 01 الحركة الوطنية للأمل 02 01 نسب تمثيل المرأة في البرلمان السنوات النسبة المئوية 1997 3.2 ٪ 2002 6 ٪ 2007 8 ٪ ونفس الوضع إن لم نقل بأنه أخطر بالنسبة للمجالس المنتخبة الولائية والبلدية، إذ تشير الأرقام إلى أن هناك تضييقا خطيرا للتمثيل النسوي بالرغم من ارتفاع أعداد المترشحات وذلك راجع كما أوردنا إلى عدم المساواة داخل الأحزاب السياسية وعدم تمكين المرأة من تبوؤ المناصب القيادية فيها، وحتى النساء الواليات فعددهن لم يتجاوز المرأة الواحدة منذ تعيينها الأول في 1999 ممثلة في السيدة زرهوني، إذ لم تشهد الجزائر تعيين امرأة والية أخرى منذ 10 سنوات، وحتى أعلى تنظيم نقابي ممثل في المركزية النقابية لم يضم مكتبه التنفيذي في تاريخه امرأة واحدة بين أعضائه. عدد النساء في المجالس الشعبية الولائية السنوات عدد المترشحات عدد المنتخبات 1997 905 62 2002 2684 113 عدد النساء في المجالس الشعبية البلدية السنوات عدد المترشحات عدد المنتخبات 1997 1281 85 2002 3679 147 إن هذا الوضع جعل اجتماع لجنة المرأة للبلدان العربية المنعقد مؤخرا بالأردن يصف مشاركة المرأة في الحياة السياسية الجزائرية ب"السوداوي" وهو ما سيتضمنه التقرير الذي سيعرض على هيئة الأممالمتحدة. وفي انتظار ما سينتج عن الهيئة الدولية، تبقى الآمال الجزائرية في فتح دوائر صنع القرار أمام العنصر النسوي كبيرة، وآمال أكبر لما ستفرزه الانتخابات الرئاسية القادمة والتعديلات الوزارية لإتاحة فرص أكثر للمرأة الجزائرية التي أثبتت قدرتها وكسبت رهانات في مجالات عدة. زايدة حميدة جزائريات صنعن الحدث السياسي:"زهور ونيسي" المثقفة الهادئة أول امرأة يعهد إليها منصب وزاري في جانفي 1982، حيث عيّنت كاتبة دولة مكلفة بشؤون المرأة في حكومة محمد بن أحمد عبد الغني، ثم وزيرة الحماية الاجتماعية في حكومة عبد الحميد براهيمي عام 1984 وبعدها وزيرة التربية الوطنية في التعديل الوزاري 18 فيفري 1986. قبل توليها المناصب الوزارية، كانت ونيسي رئيسة مجلة المرأة الجزائرية ونائبة بالمجلس الشعبي الوطني في الفترة ما بين 1977 و1982، كما شاركت في تأسيس الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات. "لويزة حنون" المرأة الحديدية أول امرأة عربية تترأس حزبا سياسيا في بداية التسعينيات وأول امرأة عربية تترشح للانتخابات الرئاسية في أفريل 2004، وأبرز امرأة على الساحة السياسية في وقتنا الحالي. دخلت ابنة مدينة جيجل النضال السياسي في صفوف المنظمة الاشتراكية العمالية، شاركت في تأسيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان عام 1985، وبتأسيس حزب العمال في جوان 1990 عيّنت ناطقا رسميا، ليعاد انتخابها لتكون الأمينة العامة للحزب ونائبة عنه بالبرلمان للمرة الثالثة على التوالي منذ تشريعيات 5 جوان 1997. "فاطمة قاسمي" امرأة الصحراء الأولى أول امرأة من الجنوب تدخل قبة البرلمان في 17 ماي 2007، إذ وفي سابقة هي الأولى من نوعها تنوب ابنة مدينة بشار عن نساء الجنوب في المجلس الشعبي الوطني ضمن قوائم حزب التجمع الوطني الديمقراطي. قاسمي هي مسؤولة بالفرع الولائي للاتحاد الوطني للنساء الجزائرياتببشار منذ 20 سنة، ومحافظة ولائية للأرندي ببشار منذ أوت 2005، تمكّنت من تصدر قائمة الحزب خلال تشريعيات 2007 وهو الأمر الذي أهّلها لأن تكون المرأة الوحيدة في الأرندي التي تحجز مقعدا لها من بين 62 مقعدا التي حصل عليها الحزب الفتي.