رغم سقوطهم المبكر في بداية البطولة، استعادت المنتخبات الخمسة التي تمثل القارة السمراء في كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا توازنها وشقت طريقها إلى الدور الثاني (دور الثمانية) ببطولة كأس الأمم الأفريقية السابعة والعشرين المقامة حاليا في أنغولا. وحجزت منتخبات غانا وكوت ديفوار ونيجيريا والجزائر والكاميرون مقاعدها في دور الثمانية بعد أن عانت الأمرين في الدور الأول الذي كشف بالفعل عن العديد من السلبيات في جميع هذه المنتخبات والتي أصبحت بحاجة إلى تنظيم صفوفها وترتيب أوراقها مجددا قبل خوض المعترك العالمي منتصف هذا العام. واكتمل عقد دور الثمانية بمنتخبات مصر حامل اللقب وأنجولا صاحب الأرض وزامبيا. ولم يشهد الدور الأول المستوى المتوقع من معظم المنتخبات المشاركة حيث جاء المستوى العام للبطولة هزيلا للغاية وربما كان السبب الرئيسي في ذلك هو تراجع مستوى الفرسان الخمسة الذين يمثلون القارة الإفريقية في كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا وتوجيه اهتمامهم الأكبر لكأس العالم. ولذلك ظهروا جميعا أقل من المستوى المنتظر منهم وإن كان المنتخب الإيفواري أفضلهم حيث استعاد توازنه سريعا في البطولة بعد البداية الهزيلة التي تعادل فيها مع منتخب بوركينا فاسو سلبيا ثم تغلب على نظيره الغاني 1/3 . وأصبح المنتخب الإيفواري (الأفيال) هو الفريق الوحيد من بين الفرسان الخمسة الذي حافظ على سجله خاليا من الهزائم في الدور الأول كما أنه واحد من أربعة منتخبات فقط في البطولة لم تلحق بها الهزيمة في الدور الأول حيث حافظت منتخبات مصر وأنجولا وتونس أيضا على سجلها خاليا من الهزائم وإن خرج الأخير من الدور الأول بعدما سقط في فخ التعادل ثلاث مرات. ورغم تواضع المستوى العام للبطولة ، كان الصراع على أشده بين جميع المنتخبات على بطاقات التأهل للدور الثاني (دور الثمانية) ولم يخرج أي فريق من المنافسة إلا في الجولة الثالثة من مباريات الدور الأول حيث ظل الأمل لدى جميع الفرق قائما حتى اللحظات الأخيرة من الجولة الثالثة في كل مجموعة بعد أن أسفرت الجولتان الأولى والثانية عن تأهل فريقين اثنين فقط لدور الثمانية وهما منتخبا كوت ديفوار ومصر. وكان منتخب طوغو هو الغائب الحاضر في هذه البطولة حيث اضطر الفريق للانسحاب قبل بداية فعاليات البطولة مباشرة بسبب حادث الاعتداء الغاشم الذي تعرضت له حافلة الفريق لدى وصولها إلى مقاطعة كابيندا الأنجولية للمشاركة في البطولة مما أسفر عن مقتل المدرب المساعد للفريق والمسئول الصحفي للبعثة وسائق الحافلة وإصابة عدد من أفراد البعثة بإصابات متباينة كاد بعضها يودي بحياة أفراد آخرين من البعثة. ورغم ذلك ظل المنتخب الطوغولي متواجدا ضمن أجواء البطولة سواء من خلال تعاطف جميع المشاركين معه أو من خلال الموقف الصعب الذي تركه قرار الانسحاب في المجموعة الثانية من البطولة نظرا لاقتصار الصراع على بطاقتي التأهل بين ثلاثة منتخبات فحسب. ومع انسحاب المنتخب الطوغولي من منافسات البطولة شهد الدور الأول 21 مباراة فقط انتهت 14 منها بالفوز وسبع بالتعادل. وشهدت البطولة حتى الآن تسجيل 54 هدفا بمتوسط يقترب من2،6 هدفا في المباراة الواحدة. وجاءت ستة أهداف عن طريق ضربات الجزاء وكان منها هدفان للمنتخب الأنجولي في المباراة الافتتاحية مقابل ضربة جزاء لكل من بنين وغانا ونيجيريا وزامبيا. كما جاءت ثلاثة أهداف عن طريق الخطأ سجل منهم المدافع الموزمبيقي هدفين في مرماه والثالث جاء عن طريق الخطأ من اللاعب الكاميروني أورليان تشيدو في مرمى فريقه. واقتسم الأنجولي فلافيو والمالي سيدو كيتا صدارة قائمة هدافي البطولة برصيد ثلاثة أهداف لكل منهما مقابل هدفين لكل من المصريين عماد متعب وجدو والمالي فريدريك كانوتيه والنيجيري بيتر أوديمونجي والكاميروني صامويل إيتو والزامبي جاكوب مولينغا والأنجولي مانوتشو وباتريك موافوليروا مهاجم مالاوي. وكان المنتخب المصري حامل اللقب هو الأكثر فوزا لأنه الوحيد من بين جميع منتخبات البطولة الذي حقق الفوز في جميع المباريات الثلاث التي خاضها في الدور الأول. وربما كان ذلك هو الرد الأمثل من أحفاد الفراعنة على إخفاقهم في بلوغ نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا نتيجة سقوطهم في المباراة الفاصلة أمام المنتخب الجزائري في السودان. ونجح أحفاد الفراعنة في تحقيق الفوز في المباريات الثلاث على نيجيريا 3/1 وموزمبيق 2/0 وبنين 2/0 ليكون الفريق الوحيد الذي حافظ على مستوى الأداء متقاربا على مدار المباريات الثلاث مع الوضع في الاعتبار أنه خاض المباراة الثالثة أمام بنين بفريق يعتمد بشكل كبير على اللاعبين البدلاء. ولم يقع أي من المنتخبات في فخ الهزيمة في جميع مبارياته بالدور الأول وكان منتخبا بنين وموزمبيق هما الأكثر تعرضا للهزائم حيث مني كل منهما بهزيمتين بينما تعادلا سويا ليكونا مع منتخب بوركينا فاسو الأقل حصدا للنقاط في الدور الأول برصيد نقطة واحدة فحسب لكل منهم. أما أكثر الفرق تعادلا فكان المنتخب التونسي الذي سقط في فخ التعادل في جميع مبارياته الثلاثة بالدور الأول وخرج صفر اليدين من البطولة رغم حصوله على ثلاث نقاط. وكان المنتخب المصري هو الأفضل تهديفا في الدور الأول برصيد سبعة أهداف ليكون هجومه بقيادة عماد متعب ومحمد ناجي (جدو) وأحمد حسن قائد الفريق هو الأفضل في البطولة. كان الفريق الوحيد الآخر الذي سجل سبعة أهداف هو منتخب مالي ولكنه خرج صفر اليدين من البطولة بعدما فشل فريدريك كانوتيه ورفاقه في تجنب الهزيمة 0/1" أمام المنتخب الجزائري رغم التعادل 4/4 مع أنجولا في المباراة الافتتاحية والفوز على مالاوي 1/3 في الجولة الأخيرة. وتفوق منتخبا مصر ومالي بذلك على الهجوم الأنجولي بقيادة فلافيو ومانوتشو حيث سجل أصحاب الأرض ستة أهداف في الدور الأول مقابل خمسة أهداف لكل من الكاميرون وزامبيا ونيجيريا . أما أكثر الفرق التي اهتزت شباكها فكان المنتخب الموزمبيقي برصيد سبعة أهداف جاء منها هدفان عبر مدافعه داريو كان حيث سجل اللاعب هدفا عن طريق الخطأ في مرمى فريقه في كل من مباراتيه أمام بنين ومصر. وكان منتخب بوركينا فاسو الوحيد الذي فشل في تسجيل أي هدف رغم وجود موموني داجانو في خط هجوم الفريق علما بأنه تصدر قائمة هدافي التصفيات برصيد 12 هدفا في 12 مباراة. وكان ثاني أسوأ خط هجوم في البطولة هو هجوم المنتخب الجزائري الذي سجل هدفا وحيدا ولكنه تأهل لدور الثمانية رغم اهتزاز شباكه ثلاث مرات ليكون من أكثر المستفيدين من لائحة البطولة التي تلجأ لنتائج المواجهات المباشرة بين الفرق وليس لفارق الأهداف العام في المجموعة ليتأهل المنتخب الجزائري بذلك على حساب منتخب مالي. واستفاد منتخبا الكاميرون وزامبيا من نفس القاعدة وتأهلا لدور الثمانية على حساب المنتخب الجابوني. وكان المنتخب المصري هو الأفضل على مستوى الدفاع حيث اهتزت شباك الفريق مرة واحدة فقط في ثلاث مباريات ليتفوق بذلك على منتخبي كوت ديفوار وبوركينا فاسو اللذين استقبلت شباك كل منهما هدفا واحدا أيضا ولكن في مباراتين فقط. وفي الوقت الذي لم يظهر فيه معظم المهاجمين البارزين في البطولة مثل الكاميروني صامويل إيتو والأنجولي مانوتشو والإيفواري ديدييه دروجبا والبوركيني داجانو والبنيني رزاق أوموتويسي , ظهرت معظم خطوط الدفاع في منتخبات البطولة بحالة يرثى لها ومنها دفاع المنتخب الكاميروني الذي عانى من أخطاء مدافعه المخضرم ريجبور سونج في أول مباراتين وازداد الوضع سوءا مع غيابه عن التشكيل الأساسي في المباراة الثالثة للفريق. ورغم ظهور معظم المنتخبات الكبيرة بشكل سيئ في الدور الأول كان المنتخب التونسي (نسور قرطاج) هو الوحيد من هذه المنتخبات الذي فشل في العبور لدور الثمانية كما يأتي معه منتخب مالي الذي خرج أيضا من الدور الأول. وفي نفس الوقت وعلى الرغم من خروجهما من الدور الأول للبطولة، لفت منتخبا مالاوي والجابون الأنظار إليهما بشدة في الدور الأول حيث قدما عروضا جيدة وكان بإمكانهما التأهل لدور الثمانية ولكن قلة خبرتهما حالت دون ذلك. وفجر منتخب مالاوي واحدة من المفاجآت عندما تغلب على نظيره الجزائري 3-صفر في الجولة الأولى من مباريات المجموعة الأولى. كما فجر المنتخب الجابوني مفاجأة من العيار الثقيل في الجولة الأولى بالفوز التاريخي "1/0 على أسود الكاميرون. وأكد الفريقان بذلك ومعهما منتخب بوركينا فاسو أنهم قادرون على تحقيق المزيد من المفاجآت في المستقبل مع اكتساب مزيد من الخبرة تؤهلهم للمنافسة مع المنتخبات الكبيرة. أما على مستوى اللعب النظيف ، فلم تشهد البطولة خشونة زائدة من معظم المنتخبات واقتصرت حالات الطرد على ثلاث فقط كانت من نصيب الإيفواري إيمانويل إيبوي والبوركيني مامادو تال والتونسي عمار جمال. ورغم ذلك تغاضى بعض الحكام عن احتساب ضربات جزاء لبعض المنتخبات كما شهدت مباراة الكاميرون مع زامبيا واحدة من أكثر اللعبات إثارة في البطولة عندما سجل الكاميروني إيتو هدفا لفريقه بعدما هيأ الكرة لنفسه بيده داخل منطقة جزاء زامبيا. وإلى جانب الإثارة والمفاجآت التي شهدتها فعاليات الدور الأول أسفرت نتائج هذا الدور عن مواجهات ساخنة في دور الثمانية حيث يلتقي المنتخب الأنجولي صاحب الأرض مع نظيره الغاني أحد المتأهلين لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا كما أوقعت النتائج المنتخبين الجزائري والإيفواري في مواجهة مباشرة بين فريقين من فرسان القارة الأفريقية في كأس العالم. كذلك ستكون المباراة بين منتخبي مصر والكاميرون مواجهة مكررة لنهائي البطولة الماضية عام 2008 بغانا والتي حسمها المنتخب المصري لصالحه بالفوز على أسود الكاميرون 1/0 لتكون المباراة بينهما يوم غد الاثنين مواجهة ثأرية للأسود. بينما ستكون المباراة الأخرى في دور الثمانية والتي تجمع بين منتخبي نيجيريا وزامبيا مواجهة مكررة لنهائي البطولة الأفريقية عام 1994 بتونس والتي فاز فيها المنتخب النيجيري على نظيره الزامبي أما بالنسبة لمباراة اليوم والتي ستجمع المنتخب الوطني الجزائري بنظيرة الإيفواري فستكون الأنظار مشدودة إليها خاصة وأن كلا الفريقين حجزا بطاقة التأهل للمونديال العالمي.