ليست الحدود الشرقية وحدها التي تشكل نقطة استقطاب لآلاف رؤوس الماشية، خاصة الموجهة كأضاحي لعيد الأضحى القادم، فقد تحولت عدة مناطق من الشريط الحدود الغربي والجنوب الغربي، إلى مركز عبور لقطعان الماشية المهيأة لعيد الأضحى، حيث قفز سعرها إلى أزيد من 30 ألف دينار، في وقت بدأت مؤشرات ارتفاع أسعار الأعلاف تؤثر على استقرار رؤوس الماشية، وتدفع بالموالين إلى الرضوخ للمضاربين والمهربين، خشية انهيار أسعار الماشية بسبب حدة الارتفاع المسجل في أسعار الأعلاف. تشهد مناطق ولاية النعامة وبعض الجهات من حدود ولاية تلمسان، اللتان تضمان أكثر من نصف مليون رأس، حركة متزايدة للموالين وأصحاب الآلاف من رؤوس الماشية، الذين يتنقلون بحثا عن أسواق داخلية جوارية، يمكن أن تستوعب العدد الهائل من القطعان، ويؤكد العديد من كبار الموالين في تصريحات ل"الوطني"، أن الإنتاج الحيواني بالمنطقة، يكفي لتلبية متطلبات السوق الوطنية برمتها، لكن غياب آليات تضمن للموالين أسعارا تفضيلية، لا تتأثر بالمتغيرات وتحمي إنتاجهم ونشاطهم في تربية الماشية، كلها عوامل، تفتح الباب واسعا أمام المضاربة، وتدخّل وسطاء لشراء الآلاف من رؤوس الماشية وتوجيهها نحو مناطق معلومة وأخرى مجهولة، وتؤكد تلك التصريحات، أن بعض الموالين يسجلون أرقاما قياسية في تربية الماشية، تقدر بآلاف الرؤوس، لكن تقلبات السوق الوطنية، والتلاعبات المسجلة من طرف أصحاب المطاحن الخاصة التي تبيع الأعلاف، كلها عوامل تؤثر في استقرار الماشية الموجهة للأضحية بالسوق الوطنية. وفي هذا السياق، سبق وأن قام أشخاص العام الماضي، قبيل عيد الأضحى، بشراء آلاف الرؤوس من الماشية، وتوجيهها نحو ولايات تيارت والمسلية، كما تم توجيه بعضها إلى ولايات شرقية، على مقربة من الحدود الجزائريةالتونسية، مما يؤكد وجود شبكات قوية، تعمل على تهريب الماشية، بعد شراء الأضاحي من غرب البلاد وشرقها، قبل تجميعها في مناطق وولايات حدودية بشرق البلاد، لتهريبها نحو تونس. لكن حدة تهريب الماشية هذا العام ترتفع من يوم لآخر نحو المملكة المغربية، حيث إن الوضع الحالي في السوق الوطنية، يدفع بالموالين إلى بيعها للمهربين والمضاربين، نتيجة التلاعب في أسعار الأعلاف، التي ارتفعت بالجنوب الغربي من 1800 دينار للقنطار الواحد، إلى 2700 دينار للقنطار الواحد هذا الأسبوع، في وقت كانت بنحو 2100 دينار الأسبوع الماضي. هذا التطور، يسهل بشكل أو بآخر للمهربين مهمة اقتناء الماشية وتهريبها إلى المغرب، حيث يزداد الطلب على الأضاحي الجزائرية، التي "تُسمّن" في مجمعات خاصة، ثم تباع على الحدود المشتركة بين الجزائر والمغرب، لتوجه إلى المغاربة، وكذا إلى الفنادق الفخمة في شرق وغرب المملكة، خاصة وان الماعز يهرب نحو المغرب بشكل شبه يومي، مما أدى إلى ارتفاع سعره إلى قرابة 10 آلاف دينار بعدما كان لا يتجاوز 6 آلاف دينار. من جانب آخر، لازالت عمليات سرقة الماشية وتهريبها نحو المغرب مستمرة، حيث أحصت مصالح حرس الحدود، تسجيل سرقة أزيد من 3 آلاف و500 رأس العام الماضي، كما عالجت مصالح الأمن وتحديدا الدرك الوطني، 320 قضية مرتبطة بتهريب الماشية، وأوقفت 154 شخصا متورطا في هذه العمليات، التي تغذيها عوامل السوق وتحكم مافيا التهريب والمضاربين في الأسعار.