عرفت أسعار الماشية ارتفاعا كبيرا، ولعل الارتفاع الذي تنبأ به الجميع يعود لعدد من الأسباب، بدءا بالتوفر الكبير للأعلاف بعد سنوات من الجفاف، وتأتي هذه الوفرة إثر الأمطار المتهاطلة طيلة الشتاء والربيع الماضيين، وهو ما خلف عاما جيدا أو "عام مليح" كما يصفه الموالون، الماشية التي توفرت لها المراعي حفزت الموالين ليسعوا إلى استرجاع ما ضاع منهم خلال السنوات القليلة الماضية، فبرأي الكثير من الموالين إن المربين قد خسروا من رؤوس أغنامهم ما بين النصف والثلث خلال فترات متلاحقة من المواسم السابقة، ويعزى ذلك إلى عدم توفر الكلأ بشكل متزن، إضافة إلى عدم كفاية كل ما سعت الدولة إلى توفيره في وقت سابق،وشهدت الأسواق فترات انتعاش قصيرة لم تمكن من بعثها، ويتعلق الأمر بالأعياد ومواسم الأفراح، ولكن الموالين ظلوا يرزحون تحت تكاليف التربية والنقل، التي قلصت مصادرهم المالية وجعلتهم يلجأون إلى التخلص من عدد كبير من أغنامهم، ويصف الموالون هذه العملية ب "الماشية تأكل بعضها" ويقصدون أن تربية الماشية تتحول إلى عمل غير مربح، بحيث يتم بيع عدد من الرؤوس لضمان الأعلاف للبقية وهكذا دواليك، هذه العملية كانت سببا في تقلص قطعان الماشية لدى الموالين. ووصلت أسعار الماشية إلى حدود 20 ألف دينار للشاة، ويتجاوز سعر الكبش سقف ال35 ألف دينار، وهي أسعار مرشحة للصعود، ويسعى الكثير من الموالين إلى ضمان أكبر عدد من الماشية قبل بدء التحضيرات لعيد الأضحى ما يجعل الأسعار في ذروتها، ولعل أغلب الموالين لا يريدون من خلال امتلاك أعداد أكبر ، الاغتناء بقدر التعويض عن الخسارة التي طالتهم طوال سنوات. ومما يبقي قيمة الماشية مرتفعة مع اقتراب فصل الخريف الذي سيعرف تساقط المطر ، إضافة إلى كونه فترة تكاثر بالنسبة للماشية، حيث تجعل هذه المعطيات الوفرة في الأسواق معطى هامشيا ولا يحدد السعر، عكس كل السلع التي تؤدي وفرتها إلى تراجع أسعارها، ويشكو الموالون من المضاربين في الأسعار سواء داخل أو خارج الأسواق، خاصة اغتنامهم فرصة دخول شهر رمضان. ويقف على خط قريب من الموالين التجار، حيث يستعدون إلى البدء في عملية تعودوا على القيام بها سنويا، وهي المضاربة بالأسعار مع اقتراب عيد الأضحى، ويقوم هؤلاء باقتناء كباش وماشية من أهم الأسواق خاصة الجلفة والبيض والنعامة وغيرها من الولايات السهبية التي تختص بتربية الماشية، ويجمعونها في مرائب ومحلات، وفي بعض الأحيان على جوانب الطريق وحتى في المناطق العمراية والأحياء، ويتمكنون من فرض أسعارهم على المواطن الذي لا يملك إمكانية التنقل إلى سوق المواشي. ويذكر أن أسعار الماشية خلال أشهر ماضية هوت إلى ما دون سعر تغذيتها، حيث بيعت بعض الرؤوس بسعر أقل من سعر القنطار من الشعير، ولا يعرف تحديدا عدد الموالين الحقيقين في الجزائر،رغم أن ولايات كثيرة مثل الجلفة تضم الكثيرين منهم إلا أن الإجراءات لم تسمح بإحصائهم، وتتعامل المصالح الفلاحية والغرف الفلاحية ودواوين توزيع الحبوب والخضر والبقول الجافة بشكل مباشر مع الموالين ولكنها لا تمتلك إحصاءات حقيقية عنهم.