غداة الإحتفال بالذكرى ال 56 لاندلاع الثورة التحريرية المباركة، أصدر المكتب الولائي للتنسيقية الوطنية لأبناء الشهداء بالجزائر العاصمة، بيانا مؤرخا في 3 نوفمبر الجاري، يهدد فيه بتنظيم يوم احتجاجي لأبناء الشهداء يوم 14 نوفمبر 2010 وهذا أمام مقر ولاية الجزائر، للمطالبة ب "حق" أبناء الشهداء في السكن الذي حرموا منه بحسبهم، لأنهم يحملون صفة الشهيد. وإن كنا نوافق هؤلاء على المطالبة بحقوقهم كأبناء لشهدائنا الأبرار، إلا أننا نتساءل عن الدور الحقيقي الذي تلعبه بعض المنظمات التي تدعي تمثيلها لأبناء الشهداء والمجاهدين وأبناء المجاهدين ومعطوبي حرب التحرير..! فخلال شهر مارس الفارط، أقدم ابن شهيد على إضرام النار في جسده بمحكمة الرمشي بتلمسان، احتجاجا على بيع حقه في الامتياز الخاص بأرضية فلاحية بالمزاد العلني، ورغم أن إبن الشهيد هذا قد توفي جراء ذلك إلا أننا لم نسجّل حضور أي من المنظمات المذكورة سالفا لتقديم العزاء حتى لا نقول المطالبة بالتحقيق في المأساة، فابن الشهيد هذا فقد ليس فقط حقه في السكن وإنما حقه في الحياة. وأمثال إبن الشهيد هذا لا يعدّون ولا يحصون، فالعديد من أبناء الشهداء والمجاهدين الحقيقيين، رُمي بهم إلى غياهب الفقر والمذلة ولم يتدخل قوّاد التنظيمات للدفاع عنهم وإنصافهم، في وقت يستفيد فيه المزيفون من المجاهدين وأبناء الشهداء من شتى الامتيازات، ويعيشون بحبوحة غير مسبوقة،إن الارتكاز على الصفات الثورية للحصول على الإمتيازات حتى لا نقول الحقوق، هو من جعل غالبية شبابنا يكفرون بوطنهم، وحتى ثورتهم، لأنهم باتوا يرون أنفسهم مواطنين من الدرجة السفلى بل ولا أحقية لهم في المواطنة الكاملة، وهذا بحد ذاته ما حوّل مكتسبات الثورة المجيدة إلى معاول هدم للمبادئ والأسس التي اندلعت من أجلها، واستشهد في سبيل إنجاحها وتحقيق الاستقلال لكل الجزائريين أكثر من مليون ونصف مليون شهيد، وغالب الظن أن شهداءنا الأبرار لو قُدّر لهم أن يعودوا من جديد لكفروا بالوضع الحالي، وركوب أبنائهم أو من انتسبوا إليهم زورا، مكتسبات الثورة للترفع عن الشعب، واستغلال استشهادهم ودمائهم الطاهرة للسطو على حقوق الغير، فحق السكن هو حق لجميع الجزائريين، والغالبية العظمى من شبابنا وكهولنا وحتى شيوخنا يعيشون في أوضاع اجتماعية أكثر مأساوية من أبناء الشهداء الحقيقيين، لأن الحديث عن المزيّفين له مقام آخر، قد يأتي التعرض إليه في حال ربطه بالمجاهدين المزيفين والمجاهدين الانتهازيين، وأبنائهم، الذين تحوّلوا إلى بارونات للاستيراد، وحلب دماء الشعب، من منطلق أنهم هم من حقّقوا الاستقلال وبالتالي يحقّ لهم استعمار الشعب.. مع كل ما نكنه من تمجيد للأسرة الثورية الحقيقية إلا أننا ومثل جميع المخلصين للجزائر لا يسعنا إلا أن نقول للمتاجرين بمكاسب الثورة المباركة، كفى تشويها للثورة، وكفى ركوبا لها، لأن الشعب الجزائري برمّته هو صانع الثورة وصانع الاستقلال فكفى مزايدات على الجزائريين.