الجميع يعرف الجزائر في العالم على أنها بلد المليون ونصف مليون شهيد ضحوا بالنفس والنفيس من أجل استقلال ترابها ورفع رايتها في سماء حرة في بلد سيد، والدولة الفتية التي أقيمت غداة الاستقلال لم تجحف في حق الشهداء، حيث وفرت لأبنائهم وأراملهم العديد من الامتيازات المالية والمعنوية عرفانا لما صنعه شهداء ثورتنا الباسلة، غير أن بعضا من هؤلاء لم يشرفوا تاريخ أبائهم وجعلوا من استشهادهم سجلا تجاريا في زمان كل شيء فيه يباع ويشترى،لا يمر عام بالجزائر إلا وانشقت منظمة جديدة عن منظمة أخرى ترفع راية الشهداء والدفاع عن أبنائهم وأراملهم ومبادئ ثورة نوفمبر الخالدة، وتأسست تنسيقية أخرى ورابطة أو فدرالية تهتم بالدفاع عن حقوق هؤلاء وكان الأمر يتعلق بمواطنين من الدرجة الأولى وكأن الدولة قد قصرت في حقهم، والغريب في أمر هذه المنظمات الفلكلورية أن دورها يقتصر على وضع أكاليل من الورد على أضرحة الشهداء وتلاوة فاتحة الكتاب في كل مناسبة تاريخية وصرف الملايير في الزردات والاحتفالات، وكأن هذه البروتوكولات قد جاءت في بيان أول نوفمبر أو أن الشهداء قد أوصوا بها، أما عن أساس وجود هذه المنظمات فقد أصبحت هيئات شرفية بحتة، حيث لا ترفع أي مطالب إلى الحكومة أو الوزارة الوصية، ولا تريد شيئا من السلطة. من جانب أخر، أصبحت هذه المنظمات أبواقا للأحزاب السياسية إن لم نقل أنها غنائم يتقاسمها الأحزاب، حيث فاز حزب التجمع الوطني الديموقراطي بمنظمة المجاهدين، فيما احتفظت جبهة التحرير الوطني بالمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، في حين نالت الجبهة الوطنية الجزائرية التنسيقية الوطنية لأبناء الشهداء والمنشقة على المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء .