يحرص الكثير من أصحاب رؤوس الأموال في سوريا على إخراج أموالهم من البلاد التي تشهد وضعا سياسيا واقتصاديا غامضا خشية على مصيرها في ظل الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها منذ مارس الماضي. فقد نقلت صحيفة فايننشال تايمز اللندنية عن رجل أعمال سوري فضل عدم الكشف عن هويته أن الأموال يجري تهريبها من سوريا عبر الحدود إلى لبنان بشكل مستمر. كما ذكرت نقلا عن رجل أعمال آخر أن أموالا سورية يتم إخفاؤها في السوق الرمادية -سوق بين لبنان وسوريا مخصصة للتعاملات التي توصف بأنها غير رسمية- القائمة منذ مدة طويلة. ولفتت الصحيفة إلى تقارير رسمية سورية أفادت تمكن السلطات من ضبط كميات من الليرة السورية خلال الشهر الماضي قدرت قيمتها بأكثر من 100 ألف دولار أثناء محاولة تهريبها عبر الحدود إلى لبنان. وقدر الاقتصادي السوري سمير سيفان المقيم في دبي حجم الأموال التي تم نقلها خارج سوريا بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار منذ اندلاع الأحداث، مشيرا إلى أن حدوث ذلك يعد متوقعا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا حيث تواجه الليرة السورية ضغوطا أدت إلى تراجع قيمتها، كما تؤدي الأوضاع إلى نفور الاستثمارات. وذكر أن أسهل السبل لإخراج الأموال من سوريا هو تهريبها إلى لبنان، بسبب وجود قنوات قائمة هناك. واعتبرت الصحيفة أن هروب الأموال من سوريا يعد مؤشرا واضحا على الضغوط المالية والاقتصادية المتزايدة التي يواجهها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بعد شهور من الاضطرابات في البلاد. وخلال الشهور الماضية مني الاقتصاد السوري بتراجع كبير وخاصة في إيراداته من النقد الأجنبي الذي جاء بشكل رئيسي نتيجة تنفيذ عقوبات الاتحاد الأوروبي وإيقاف شراء النفط السوري. ومن الأسباب الرئيسية التي قللت النقد الأجنبي في البلاد تراجع القطاع السياحي بشكل كبير. وتفيد تقديرات أن الليرة السورية فقدت نحو 10% من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء منذ بداية الاضطرابات. ورغم تردد اللبنانيين في الحديث عن الأموال السورية أشارت الصحيفة إلى أن صاحب مكتب صرافة في بيروت أكد أن مكتبه يتعامل حاليا بما بين 400 و500 ألف ليرة سورية (بين ثمانية آلاف وعشرة آلاف دولار) في اليوم، بالمقارنة مع 100 إلى 200 ألف ليرة سورية (ما بين ألفين وأربعة آلاف دولار) قبل الأزمة في سوريا.