”الجزيرة” في خدمة أمير قطر الذي عاد إلى المربع المعادي للمقاومة أبدى عميد الأسرى العرب رفضا في اعتماد مصلح ”الثورات العربية”، دون أن يمنعه ذلك من وصف ما يحدث بأنه ربيع عربي ليس في منأى عن التدخل الأجنبي· وحذر في حواره مع ”البلاد”، على هامش بيعه لكتابه ”قصتي” بالإهداء في المعرض الدولي للكتاب، من وقوع الشارع العربي فريسة لأطماع الغرب، كما حذر الجزائر من خطر ما أسماه القاعدة العسكرية الغربية في ليبيا، وأكد أن الإرهاب في الجزائر يخدم، من حيث يشعر أو لا يشعر، أجندة أجنبية· من جهة أخرى، أبدى القنطار تضامنا كبيرا مع النظام السوري واستنكر دور قناة ”الجزيرة” فيما يحدث· سمير القنطار غني عن كل تعريف في العالمين العربي والإسلامي، فماهي قراءته للثورات العربية؟ أنا لا أسمي ما يحدث ثورات لأن الثورة يجب أن تحمل في مضمونها تغيير الواقع السياسي والاجتماعي يعني أن تطرح جدول أعمال جديد على المجتمع وعلى الأمة، بحيث يكون في جدول الأعمال هذا أولويات القضية الفلسطينية، وإلا فلا تعتبر عندي ثورة· هناك تغيير يحصل في العالم العربي وينبغي أن يتم العمل على تحويل ما يحدث إلى ثورة كما وقع في مصر، عندما حوصرت السفارة الصهيونية في القاهرة ووضعت قضية الصراع العربي الصهيوني في قلب تحرك الشباب المصري، لكن الشيء المؤسف والمؤلم جدا أن الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية تحاول احتواء هذا التغيير ومنعه من التحول إلى ثورة من خلال اعتمادها على الدكتاتوريات العربية في توجيه، أو تحريف المسار في المجتمعات العربية التي تشهد حراكا· ثم هناك محاولة لاستغلال واقع معين· فمثلا في سوريا هناك حاجة للإصلاحات والرئيس بشار الأسد أبدى استعدادا للقيام بإصلاحات بعيدة المدى، فكانت هناك محاولة لاستغلال التعطش والحاجة إلى الإصلاح داخل سوريا لأجل التدخل وإثارة الفتنة وتوسيع الشرخ بين المذاهب والطوائف وخلق الفوضى·· طيب، تتحدث عن حاجة إلى الإصلاح في العالم العربي· وفي المقابل ترفض أن تسمي ما يحدث ثورة وتحذر من التدخل الأجنبي كيف يوازن سمير القنطار بين أطراف هذه المعادلة؟! دعنا نلقي نظرة على ما حدث ويحدث في ليبيا· حدث حراك من أجل تغيير الواقع والإصلاح ليكون ثمة قدرة على التنفس وإبداء الرأي والعدالة في توزيع الثروة، غير أن التدخل الأجنبي من خلال ”الناتو” كان سافرا وتحولت الحركة المطلبية الإصلاحية في ليبيا إلى جبهة قتال مساندة من قبل الغرب وأصبح للغرب اليد العليا والكلمة الفصل وهو الذي سيفرض نمط السلطة في ليبيا هذا كله يمثل احتواء للربيع العربي بالاستناد إلى الدكتاتوريات وإلى بعض دول الخليج والأنظمة التي رعاها الغرب: فحسني مبارك صنيعة الغرب وعبد الله صالح نفس الشيء···! لكن: ما هو المطلوب من الشعوب العربية، وهي ترزح بين مطرقة القمع وسندان الحاجة الحيوية والإنسانية إلى الإصلاح؟ المطلوب أن تقوم بحراك داخلي ينبع من قيم المجتمع لفرض الإصلاحات وتغيير الواقع السياسي في البلد ووضع مصلحة الأمة العربية من خلال جدول أعمال يضع في أولى أولوياته الصراع العربي الإسرائيلي·· معرفة عدونا من صديقنا عالميا·· كل هذا يجعل من الممكن أن تحدث إصلاحات داخلية، فإذا سمع الحكام لنبض الشارع ورغبته ولبى حاجة الشعوب الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية عندها يقع التغيير· كيف تفسر الحملة الشرسة على الجزائر والدعوة إلى ”ثورة” فيها· في نظركم هل الجزائر في قائمة الدول المستهدفة؟! أنا لا أستبعد استهداف الجزائر·· لماذا؟! لأن الوضع حاليا في الجزائر أضحى أخطر مما كان عليه في الماضي فالحدود الليبية الجزائرية على شساعتها وصعوبة مراقبتها أضحت مفتوحة على قاعدة غربية، أنا أسميها بهذا الشكل، فالغرب اليوم في ليبيا موجود بقوة وهم لم يقدموا هذا الدعم لجمال أعين الحركة التغييرية في ليبيا، بل ليرسخوا وجودا لهم على الحدود مع الجزائر، وليكون لهم موطئ قدم راسخ في شمال إفريقيا· وبالتالي على الشعب الجزائري أن يكون منتبها وحذرا خاصة وأنه صاحب تاريخ عريق في المقاومة ومقارعة الاستعمار، فإذا كانت ثمة حاجة للإصلاح فليسارع لإنجازه ولا يسمحوا، تحت أي عذر مهما كان، أن يدخل الغرب إلى الجزائر وأن يخلق الفتنة بين الجزائريين وهذا شيء مهم جدا·· طيب، دعنا نتحدث عن الشأن السوري والتهم الموجهة لحزب الله وإيران بدعم نظام الأسد ! أنا التقيت مع الرئيس بشار الأسد· ومن خلال لقاءاتي معه وجدت أن هذا الرجل صاحب رؤية إصلاحية شاملة· وأهم شيء عنده هو الصراع العربي الإسرائيلي، كما أنه يقول إن سوريا في حاجة إلى إصلاحات كبيرة جدا وقد أعلن سلسلة من الإصلاحات في إطار برنامج بعيد المدى· والأخطاء الواقعة لا يمكن أن ينكرها أحد كما لا يمكن إنكار الضرورة إلى التغيير، لكن أن يتم استغلال هذا الأمر لتحويل سوريا إلى دولة طائفية متصارعة ومفككة ومتخلفة على خط الممانعة والمقاومة في الصراع العربي الإسرائيلي فهذا هو الأمر الخطير، خاصة أن سوريا وإيران كان لهما الفضل الكبير في دعم المقاومة في لبنان··سواء الدعم الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام أو دعم آخر لم تتحدث عنه· أما الحديث عن تدخل حزب الله في الشأن السوري والادعاء أن جنود حزب الله متواجدون في سوريا لقمع الشعب فهذا مجرد كلام لا أساس له من الصحة، لأن سوريا لديها من الطاقة البشرية ومن الجيش ومن قوى الأمن ما يكفي، والنظام السوري لديه من التأييد الشعبي ما يكفيه لمواجهة الأزمة التي تمر بها سوريا اليوم· أما حزب الله فلا يتدخل في الشأن السوري وهو منشغل بتحضير الحرب القادمة مع العدو· حزب الله يعمل ليل نهار لتجهيز الجبهة·· لأننا نتوقع أن تأتي حرب علينا وستكون قاسية جدا! لكن هذه الاتهامات متكررة ومن قيادات سورية مشهود لها بالنضال والصدق· كلهم أكدوا تورط جنود حزب الله في قمع المتظاهرين في سوريا؟! كما سبق أن قلت لك: هذا كلام فارغ· وحزب الله منشغل بثلاثة أمور: القضية الفلسطينية فهو يبذل الكثير مما لا يعرفه العالم في تعزيز المقاومة في غزة وفي دعم صمودها وقدرتها على مواجهة العدو الصهيوني· والهم الثاني عند حزب الله هو الوحدة الإسلامية خاصة أمام سعي الغرب إلى إيجاد صراع مذهبي داخل الأمة الإسلامية· والهم الثالث هو ألا يدخل الغرب على خط الربيع العربي ليحول التغيير إلى مزيد من السيطرة الغربية على الأمة العربية والإسلامية· فحزب الله ينصح، ويعطي رأيه حتى لا يتحول الربيع العربي إلى خريف يكرس في المنطقة مزيدا من النفوذ الغربي· ؟ ألا ترى أن سماحة السيد نصر الله يفترض أن يحدد موقفه من سوريا بوضوح؟! أنا أقول لك إن موقف سماحة السيد واضح جدا فقد أعلن بوضوح أنه لا يتدخل وليس لدينا مقاتل واحد في سوريا لأن سوريا لا تحتاج والرئيس بشار الأسد يحضى ب70 في المائة من تأييد الشعب السوري·· إن لم يكن أكثر، وإذا وقعت انتخابات فهو سيحصد الأغلبية وبالتالي فحزب الله لا يسمح لنفسه أن يتدخل في أي شأن داخلي هو ينصح ويعلن موقفا، إلخ· أنت، الآن، تقول ما يناقض تماما ما يراه بأم عينه المشاهد العربي عبر قناة الجزيرة وغيرها··! هل قناة الجزيرة عرضت مقاتلين لحزب الله في سوريا؟! أجزم أنها لم تعرض ذلك! دعني أقول: أنا كنت في سوريا قبل أسبوع· للأسف قناة الجزيرة- ونحن كنا في الماضي مسحورين بهذه القناة- لكن في النهاية هي قناة في خدمة نظام أمير قطر وهذا الأخير نعلم أن لديه علاقات مشعبة جدا·· من أمريكا إلى إسرائيل حتى أنه كانت لديه علاقات مع المقاومة فهو رجل يحاول الإمساك بكل الخيوط لكنه في النهاية لا يستطيع القيام بذلك كله، فهو لا يستطيع أن يستمر في المنطقة الرمادية فعاد إلى المنطقة السوداء المعادية لخط المقاومة ونهجها بعدما حاول أن يخرج منها إلى المنطقة الرمادية بأن يقيم علاقات مع الغرب وإسرائيل ويغازل المقاومة وقوى الممانع· لكن هذا الوضع لا يستوي في المنطقة العربية· فأمير قطر ونظامه كان في المنطقة السوداء المعادية للمقاومة وقوى الممانعة ثم انتقل إلى المنطقة الرمادية وهاهو اليوم يعود إلى المنطقة السوداء، وإلا فكيف تحدث أحداث خطيرة جدا في البحرين، في اليمن ولكن الجزيرة لا نسمع لها صوتا ولا نشاهد لها صورة، وتبقى الجزيرة فاتحة أعينها على سوريا وشغلها الشاغل هو سوريا··وليبيا! هم يجتهدون في نقل صوت المنظرين والحديث عن الثورة·· أية ثورة هذه التي يدعمها الناتو· أنا لا أستطيع الإيمان بثورة تأتي على ظهر دبابة غربية، هذا لا يعني أنني أقف دون انتقادات لما كان حاصلا في عهد لقذافي في ليبيا، لكن هذا لا يعطيني الحق أن أستعين بالغرب: إذا خيرتني بين الغرب وإسرائيل وبين القذافي·· فسأختار القذافي ألف مرة! هناك مقدمو برامج ومذيعون استقالوا من الجزيرة وعلى رأسهم صديق غسان بن جدو، فما هي -برأيكم- الخلفيات والأسباب؟! واضح جدا أنهم اعتبروا، في البدء، الجزيرة قناة حرة، موضوعية، غير مسخرة لأي طرف· لكن عندما تحولت إلى شاشة معادية وتريد إسقاط أنظمة ومنها سوريا الرافضة للتسويات الاستسلامية وأنصاف الحلول والانهزامية فكل هذا دفع بهؤلاء للاستقالة ف”كولن باول” عندما زار بشار الأسد بعد سقوط بغداد قدم له ثمانية شروط وهو يقول له نحن وصلنا إلى حدود سوريا عليك أن تلتزم بثمانية شروط لتبقى محافظا على وجودك ومنها التخلي عن دعم المقاومة فكان رد بشار: أنا لا أقبل هذه الشروط، والآن ينتقمون من سوريا لأن دورها كان كبيرا في الحرب الأخيرة على لبنان· فسوريا دعمت المقاومة بشكل كبير وما قيل في الإعلام لا يمثل إلا جزءا· وحافظت على المقاومة الفلسطينية في دمشق فلهذا سخروا كل الإمكانات العربية والجزيرة والأموال وعبد الحليم خدام ورفعت الأسد وغيرها من الوسائل التي سخروها لإسقاط سوريا وتفتيتها والقضاء على المقاومة· كيف تقرأ مبادرة محمود عباس الرامية لإعلان الدولة الفلسطيطبة في منظمة الأممالمتحدة؟ هذا لا يغير شيئا، فهم أعلنوا في الجزائر عام 88 إقامة الدولة الفلسطينية لكن بقي ذلك حبرا على ورق، حتى لو أخذوا مقعدا في الأممالمتحدة فهذا لن يغير من معاناة الشعب الفلسطيني شيئا وهو تحت نير الاحتلال ويواجه يوميا بمصادرة أراضيه وانتشار المستوطنات ومواصلة حصار غزة· وما بقي من مساحة 22 في المائة التي يريد عباس أن يعلن فيها دولته·· الكثير منها مقتطع وفي بعضها مستوطنات صهيوني· فإذا أراد عباس أن يقيم دولة، فعليه أن يقيمها بقوة السلاح·· فالحكومة المؤقتة للشعب الجزائري لو اكتفت بالأممالمتحدة ولم يقاوم جيش التحرير الوطني على الأرض لما كان ثمة استقلال للجزائر· فجيش التحرير هو الذي أحرز الاستقلال وبعد ذلك جاء نضال الحكومة المؤقتة·· أنت مقاوم وعميد الأسرى العرب، كيف تفسر ظاهرة الإرهاب وتوجيه بعض الجزائريين لأسلحتهم إلى صدور جزائريين مثلهم؟! هذه مسألة يعاني منها العالم العربي والأمة الإسلامية جمعاء، على مدار العقدين الأخيرين· فمن المعيب أن يسمح الجزائري لنفسه بأن يوجه سلاحه نحو صدر أخيه، فهذا شيء مناقض للقيم والأخلاق وكل المعايير الدينية والإنسانية· ولكن يجب البحث في أسبابها وهذه الأسباب ليست جزائرية حصرا بل هي تتعلق بواقع الأمة بشكل عام فعندما يتعلم الشاب العربي أن الأمة لها تاريخ مجيد ثم ينظر إلى الواقع فيجده متخلفا مليئا بالهزائم والإحباط عندها يصل إلى خيارين متناقضين: إما أن يهرب إلى الوراء أي يلجأ إلى حضارات أخرى يتبناها ويذوب في مشروع مجتمعها، أو أن يهرب إلى الأمام أي إلى الإرهاب، ظنا منه أنه سبيل تغيير الواقع وكلاهما خطأ· وهنا يأتي دور المؤسسات التعليمية والرسمية لتصحيح المسار بالتعبير عن تاريخه وأصالته وعراقته فضلا عن التوعية من خلال المدرسة والعائلة فالهروب إلى الأمام خطأ بل يجب أن نكون واقعيين في التغيير بطريقة تحفظ وجودنا وتقلص التنافر بيننا· لنكن واضحين: ”القاعدة” صناعة أمريكية صرفة رغم الانفلات فيما بعد، إلا أن هذا لا يعني عدم وجود جماعات خارجية ”تلعب” بهذه العناصر ومخابرات عالمية تدخل على خط هذه الجماعات بطرق مباشرة أو غير مباشرة حتى في الجزائر لتنفذ عمليات هنا وهناك! والإرهاب في الجزائر غير مفصول عن الإرهاب الذي تمارسه القاعدة في دول مختلفة في العالم· وإذا كان ثمة حاجة للإصلاح فليكن عبر الحوار والنقاش وتفعيل دور الشباب· ما هي الرسالة التي أردت أن توجهها من خلال كتابكم الجديد ”قصتي” الموجود في المعرض الدولي للكتاب بالجزائر؟! هو كتاب صدر هذه السنة، يروي مذكرات ثلاثين سنة في السجون الصهيونية منذ أن انطلقت إلى فلسطينالمحتلة في20 أفريل ,1977 حتى يوم تحريري· فهو يؤرخ للعملية التي نفذتها في فلسطين، الأسر، التحقيق، التعذيب، معاناة الأسرى، وكل ما يتعلق بالسجون الصهيونية ومعاناة الفلسطينيين والعرب المتواجدين فيها· كتابي ”قصتي” هو إلقاء ضوء على الكثير من جوانب ظروف الأسرى غير المعروفة لدى الرأي العام العربي والإسلامي ونضالهم ومواجهتهم فيما بينهم وانتماءاتهم وغيرها من الجوانب الأخرى التي لازالت خفية في ملف الأسرى·