فكرة الصالون الدولي للكتاب هذه السنة كانت امتدادا للمهرجان الثقافي الإفريقي، من خلال استقدام أقلام افريقية وعربية ".. شاركت في صنع النص والكلمة واللحن في جويلية الماضي مثل "أوجين إيبودي"، "أحمد يوسف"، طه عدنان.. كما كان استحضارا لأدباء فارقوا الجزائر دون أن تفارقهم، وتوقفوا عن الإبداع دون إن يتوقف إبداعهم.. ياسين كاتب، كان على موعد مع تكريم خاص في ذكرى وفاته العشرين، والضبط يوم 28 أكتوبر الماضي، وهو اليوم الذي توفي فيه عام 1989، بعد أن أثرى الرصيد المسرحي الجزائري والعربي بالعديد من الأعمال تأليفا وإخراجا، وبالخصوص بعد توليه إدارة المسرح الجهوي بمدينة بلعباس عام 1978، بعد 6 سنوات من النشاط في فرقة "مسرح البحر"، ليؤسس –على غرار غارسيا لوركا" الذي تأثر به ياسين كاتب كثيرا- فرقة مسرحية، لأنه كان مثير الارتياب بالثقافة، ولأن الشعب كان في معظمه أميا، وهو الجمهور الذي كان ياسين يريد أن يتوجه إليه بفنه.. ولذلك، أنتج "نجمة" القصيدة، و"نجمة" الرواية، و"حربي الألفي سنة"، والجثة المطوقة".. وغير ذلك. فرانسيس جانسون أيضا استحضر روحا وثورة وإنسانا.. وهو الذي عملت وسائل الإعلام الفرنسية دوما على تغييبه عن شاشات التلفزيون واستديوهات الإذاعة وكتب التاريخ.. وإدخاله بوابة النسيان قسرا، ربما هو الخوف الرسمي –ربما حتى اليساري- من اتهام الحكومة الفرنسية بالسماح للجيش الفرنسي بممارسة التعذيب الوحشي، الذي تسعى السلطات الفرنسية إلى مسحه من الذاكرة.. وربما لان تغييب جانسون يعني تغييب الذاكرة الدموية لفرنسا، لكونه كان من اكبر المدافعين عن شرعية المقاومة الجزائرية، ومعارضا قويا للتعذيب في الجزائر. انه صوت لا يطالب فقط بإدانة التعذيب -كما قالت "ماري بيار أولوي"- وإنما يطالب قبل كل شيء بإدانة حرب الجزائر، وجميع الحروب الاستعمارية. وحتى لا ينسى الناس فضل "محمد بوخبزة" عليهم، كان لهذا الاسم المنسي المستحضر مكان في الصالون، وهو الرجل الذي ضحى بحياته ثمنا للتساؤلات التي كانت تؤرقه، وثمنا للأجوبة التي توصل إليها، بعد أن برهن في شتى المناسبات والمجالات عن كفاءته كعالم ملتزم سياسيا، وكسياسي متمكن علميا، وبعد أن قدم جسده للتعذيب الوحشي ثمنا لمواقفه الثابتة إلى جانب الثورة الجزائرية، وهو لم يتعد 16 سنة بعد، وقبل أن يغادر الجزائر عام 1981، كان قد ترك عشرات الدراسات التي استعانت بها الجائر في توجيه اشكالياتها السكانية وحلها. عيسات صادق أيضا كان مستحضرا من غيابة الجسدي الأبدي، وهو الصحفي الكاتب، صاحب المؤلفات العديدة التي لامست الواقع الجزائري مباشرة، الى جانب عمر البرناوي، المتوفي منذ فترة قصيرة جدا، والذي كان متنفسه كله في الإذاعة، وكان متنفسا جيدا للإذاعة نفسها، منذ 1957 عندما كان ممثلا لصوت الجزائر المكافحة من اجل استقلالها الوطني، والتي انتقل منها الى الصحافة المكتوبة، ليؤسس "ألوان" التي كانت حدثا ثقافيا متنوعا خلال سنوات.