ماذا حدث جراء قرصنة موقع "سيريست" وتعطيل شبكة بريد الجزائر؟ عطب إلكتروني يشل الحركة المالية لأكثر من 11 مليون حساب جار عرف أمن المعلوماتية العام نهاية الأسبوع الفارط، خللا مس أحد أهم الجوانب الرئيسية المتعلقة بالشبكة الآلية المركزية ل"بريد الجزائر"، إذ عرفت هذه الأخيرة على مستوى نظامها للإعلام الآلي عطبا وُصِف بالمعتبر منذ يوم الخميس الماضي، وتوقّف كل النظام عن العمل، الشيء الذي جعل من عملية الدخول ل6 ملايين رصيد، التي يشملها نظام بريد الجزائر، غير ممكنة. وفي نفس الوقت تعرّض موقع المركز الوطني للبحث في الإعلام العلمي والتقني "سيريست"، الذي يُعرَفُ عنه أنه مكلف بالرقابة والأمن المعلوماتي والمسؤول الأول عن الأرشفة المؤسساتية لأغلبية الهيئات الهامة التابعة للدولة منها المالية، لقرصنة من طرف "هاكيرز" مجهول أسفرت عن تعطيله طوال نهاية الأسبوع، ما جعل العديد من خبراء المعلوماتية ومختصي مجال الإعلام الآلي يتساءلون عن وجود علاقة لها بعملية قرصنة مالية تكون قد حدثت في نفس الفترة المذكورة وتزامنها خاصة مع العطلة الأسبوعية التي كان فيها "جيش" تقنيي ومهندسي "السيريست" المكلفين بمراقبة مختلف المواقع وإشرافهم على الأمن المعلوماتي العام. ومن جهة أخرى، وحسب ما أشارت إليه بعض المصادر نقلا عن مقربين من بريد الجزائر، لم يتم بعد تحديد العطب إلى غاية صباح أمس. مشيرة أيضا إلى أن "مهندسين من المجمع الفرنسي (بول) يعملون على العطب ليل نهار ولكن لم يتم تحديده بعد". موضحة إمكانية وجود مشكل في عملية تشغيل بروتوكول الأنترنت الجديد، الذي يوجد حاليا قيد الإنجاز بالشراكة مع المجمع الجنوب إفريقي "ديموسيون داتا"، الذي أكّد على عدم تحديد من أين يأتي هذا العطب. وفي الوقت الذي أكدت فيه ذات المصادر، أن "العطب يمكنه أن يُلحِق خسائر معتبرة". مشيرة في السياق نفسه إلى أن "العطب يمكنه أن يوقف تشغيل بعض الأرصدة، ويمكن كذلك أن تتحول بعض المبالغ المالية من رصيد إلى آخر". وحذّرت بعض التحاليل المستوحاة من المعطيات السابقة، من فرضية وجود جريمة اقتصادية جديدة خُطِّط لها بإحكام من طرف مجموعة مجهولة، خاصة وأن ذلك تزامن مع القرصنة التي مسّت موقع المسؤول الأول عن أمن المعلوماتية "سيريست" على الانترنت. مع التذكير والإشارة إلى أن مؤسسة بريد الجزائر عرفت خلال السنوات الأخيرة العديد من الجرائم الاقتصادية في مختلف المراكز البريدية بالقطر الوطني، حيث سجلت اختلاسات بالملايير أغلبها كانت بطريقة تحويل الأموال من أرصدة إلى أرصدة أخرى عبر القرصنة والاحتيال الإلكتروني. ولعل أهم هذه الجرائم الاقتصادية التي حدثت على مستوى مؤسسة بريد الجزائر، تلك التي وقعت مؤخرا بمركز بريد الشراقة بالعاصمة، حيث توبع كل من القابض الرئيسي والمحاسب على مستوى ذات المركز، بتهمة اختلاس وتبديد 30 مليارا، وهذا بعد قيامهما بعملية تحويل أموال قُدرت قيمتها ب29 مليارا و800 مليون سنتيم. وتم اكتشاف عمليات التحويل، التي لم تُبرَزْ في كتابات المحاسبة في أعقاب عملية تفتيش روتينية قامت بها المفتشية العامة لإدارة بريد الجزائر آنذاك، وتَبين من خلال المعاينة والفحص تسجيل الثغرة المالية، وبعد عملية التحريات الكاملة تَبيّن أن الثغرة لم تكن ناتجة عن تلاعب في الحسابات، إذ أن القيد أو التقييد المحاسبي لم يتضمن أي خلل أو تلاعب، بل عن نقص في المبالغ المالية حدث عبر تقنيات متطورة استُهدِفَ فيها النظام الإلكتروني التابع للبريد وتمت بعده عملية التحويل المالي آليا.