يلاحظ الزائر لمدينة بني صاف، تلك المدخنة التي تعلو مصنع الإسمنت تنبعث منها الأطنان من الغبار مشكلة سحابة سوداء في سماء هذه المدينة الساحلية وما جاورها من تجمعات سكنية وأراضي فلاحية صالحة للزراعة تغيّر لونها بفعل غبار الطين والكلس الذي يتراكم يوميا على هاته المساحات التي تندثر سنويا بفعل السموم التي تحتويها هذه المواد المنبعثة من عملية إنتاج الإسمنت من المصنع الذي يعد نواة أساسية بالولاية وكذا الولايات المجاورة. فالغازات المنبعثة من أعلى المدخنة صارت تشكل خطرا على كل حي سواء كان إنسانا أو نباتا أو حيوانا. وقد أثبتت الفحوصات الطبية أن هذه الغازات وما يصاحبها من أتربة متطايرة، تصيب الجهاز التنفسي وغيرها من الأعضاء القابلة للتأثر. وقد تؤدي إلى الربو وسرطان الرئة، ناهيك عن 3600 هكتار من الأراضي الفلاحية التي تموت موتا بطيئا.. وكان "مجمع فرعون" السعودي الذي دخل في شراكة مع مؤسسة صناعة الإسمنت، قد أبرم عقدا يلتزم بموجبه بمسايرة شروط الإنتاج بإقدامه على تجديد مصفاة الفرن ؛ غير أن هذا الإجراء لم يعط النتائج التي كان ينتظرها المختصون، بل يتأكد من يوم لآخر أن ظاهرة تسرب الغازات والنفايات السامة لاتزال تراوح مكانها لعدم وجود متابعة يومية للظاهرة ورقابة للمصفاة بصفة دورية. للتذكير، فإن مصنع الإسمنت لبني صاف يتواجد على بعد 4 كلم من المدينة ويتربع على مساحة 44 هكتارا، شرع في الإنتاج ابتداء من سنة 1979 بإنتاج سنوي يقدر ب1 مليون طن سنويا ويد عاملة بلغت 769 عامل.