"النهار" اقتربت منهم داخل السجن واطلعت على مختلف الإمكانيات التي وفرت لتطبيق البرامج التعليمة "أريد أن أدرس الحقوق"... "أريد معرفة كل شيء فيما يتعلق بالقانون".. "أود معرفة كل ما يعاقب عليه القانون الجزائري حتى لا أقع ثانية فيما اقترفت".. هذه هي العبارات التي يرددها الناجحون في شهادة البكالوريا والتعليم المتوسط لهذا الموسم بالمؤسسة العقابية "سركاجي"، دخلنا المؤسسة العقابية بباب جديد التي يعرفها الجميع باسم "سركاجي" الذي ارتبط اسمه بسنوات العشرية السوداء باستقبال أخطر المجرمين المتورطين في قضايا الإرهاب وأمراء الجماعات الإرهابية. 200 سجين تلقوا تعليما عن طريق المراسلة منهم 166 ناجحا عند دخولك المبنى الرئيسي للسجن الذي يضم المساجين والزنزانات يشدك صغر المساحة والفضاء المخصص للمساجين. ورغم ضيق هذه المؤسسة العقابية القديمة التي تعود إلى عهد الاستعمار وتستقبل حاليا أكثر من 1200 سجين، إلا أن الإدارة استطاعت توفير قاعات للتعليم والتكوين وهي 4 قاعات صغيرة، منها واحدة مجهزة بأجهزة الإعلام الآلي، إضافة إلى قاعة للمطالعة فيها عناوين عديدة من الكتب يتم العمل بها بنظام المكتبات العادية ويمكن للسجين الطالب استعارة كتاب لمدة 15 يوما. وقد خصصت إدارة السجن مصلحة تشرف على العمل التكويني وهومكتب صغير مهمته السهر على سير البرامج التكوينية المختلفة سواء تعلق الأمر ببرامج محو الأمية أو التكوين والتعليم عن بعد أو التعليم العادي الذي يتم بإشراف أساتذة تم انتدابهم من خلال إمضاء اتفاقيات مع كل من وزارة التربية الوطنية ومراكز التعليم والتكوين المهني عن بعد، وتقوم ذات المصلحة حاليا بتأطير 200 محبوس يتلقون تكوينا في المراحل الأساسية والمستوى المتوسط نجح منهم 166 في المستويات المختلفة. تسجيل أفضل نتيجة في امتحانات شهادة الباكالوريا هذا الموسم وعاشور عبد الرحمن "حالة استثنائية" في الموسم المنصرم المنصرم قدمت المؤسسة العقابية لباب جديد 11 سجينا مترشحا لاجتياز امتحانات شهادة الباكالوريا وفق 6 منهم فقط لنيلها. أما هذا الموسم فقد تم تسجيل 29 مترشحا نجح منهم 22 سجينا، أي بنسبة 76 بالمائة، منهم عاشور عبد الرحمن المتهم الرئيسي في قضية اختلاس 2300 مليار سنتم من البنك الوطني الجزائري. ومايشد اهتمامك وأنت تتحدث مع هؤلاء المساجين الحائزين على شهادة الباكالوريا رغبتهم الموحدة في مواصلة دراستم الجامعية في اختصاص العلوم القانونية والإدارية، لقد تعذر علينا اللقاء بالسجين عاشور عبد الرحمن المتهم الرئيسي في قضية اختلاس 2300 مليار سنتم من البنك الوطني الجزائري، هذا السجين الذي تحصل على شهادة البكالوريا في تخصص الآداب واللغات الأجنبية بمعدل 11.24 اختار هوالآخر كبقية المساجين دراساته العليا في تخصص الحقوق بكلية الحقوق، وقد باشر تسجيلاته الجامعية مثل كل الطلبة، غير أن مدير السجن يشير إلى أنه حالة استثنائية ولم يستفد من العفو لأنه غير محكوم عليه نهائيا". "أريد التخصص في دراسة الحقوق ومعرفة كل شيء يتعلق به" يفضل أغلب الناجحين في شهادة البكالوريا لهذه السنة بالمؤسسة العقابية لسركاجي التسجيل في تخصص الحقوق، استفسرنا حول سر ذلك هل توجيه من طرف إدارة السجن أم هي إرادتهم الخاصة ويقول أحد المساجين الذين تحصلوا على أكبر معدل في تخصص آداب وعلوم إنسانية بمعدل 13.20 لم نستطع الحصول على اسمه وطبيعة العقوبة المتابع بها "مستواي هو السنة الثالثة ثانوي تخصص رياضيات، ترشحت العام الماضي ولم يحالفني الحظ، لكنني ترشحت هذه المرة في تخصص الآداب والعلوم الإنسانية وقد نجحت". ويعتبر هذا السجين أن التعلم بالسجن فرصة لا تعوض يجب استغلالها "ففترة عقوبتي التي فرضت علي ذلك ولا بد من اللجوء إلى التعلم والاهتمام بالدراسة بدل التفكير في أشياء أخرى والدخول في مناوشات مع السجناء الآخرين" ويضيف هذا السجين الذي حكم عليه ب12 سنة سجنا أنه يريد التخصص في دراسة الحقوق "لا لشيء إلا لأنني أريد معرفة القانون وكل شيء يتعلق به "، كل الناجحين في شهاة الباكالوريا سيتم الإفراج عنهم لمواصلة تكوينهم الجامعي إما بالإفراج المشروط أو الاستفادة من العفو الرئاسي أو عن طريق الحرية النصفية أو بانتداب أساتذة في إطار التعليم ضمن جامعة التكوين المتواصل. صاحب أكبر معدل في شهادة التعليم المتوسط : "استفدت من عدة برامج تكوين وأرغب في الالتحاق بالجامعة لأن المكافأة هي الحرية" ويقول السجين الذي تحصل على أحسن معدل في امتحانات شهادة التعليم المتوسط "إن استغلال الوقت المتوفر في الدراسة والتعلم فرصة كبيرة لا تعوض ولا نجدها حتى في الحياة العادية، إضافة إلى أن الناجحين لديهم المكافأة الكبيرة... طبعا إنها الحرية" ويقول هذا السجين إن فترة عقوبته الطويلة بالسجن مكنته من الاستفادة من برامج تكوين متعددة.. "لقد استفدت من العديد من برامج التكوين في الطبخ والإعلام الآلي وحاليا تحصلت على شهادة التعليم الأساسي وأرغب في مواصلة الدراسة الثانوية ونيل شهادة الباكالوريا والالتحاق بالجامعة والتسجيل في تخصص العلوم القانونية والإدارية"، الإدارة استقبلت أكثر من 300 ملف للتسجيل في مختلف التخصصات الموسم المقبل ويشير محمد برجي، مدير المؤسسة العقابية لباب جديد، أن أغلب المتكونين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و40 سنة والكثير منهم يقضي فترة عقوبة طويلة يلجأون خلالها إلى التعلم والتكوين، وتؤكد إدارة السجن أن هذا الموسم كان الأفضل على الإطلاق وترجم كل الجهود التي تم بذلها في التعليم التكوين، حيث لم تتحصل المؤسسة العقابية لسركاجي على مثل هذه النتائج من قبل، فضلا عن الناجحين في المستويات الأخرى والذين بلغ عددهم حوالي 166 سجينا يستفيدون من تعليم عن طريق المراسلة وقد استقبلت إدارة السجن حاليا أكثر من 300 ملف للتسجيل في البكالوريا ومختلف التخصصات التكوينية للموسم المقبل.