يعتبر الشواء على الجمر أبرز ما تشتهر به منطقة عين تحمامين، التي تبعد عن عاصمة الولاية بمسافة 50كم، حيث تفننت فيها بعض العائلات التي ورثت الحرفة عن الأجداد، وهي الآن تستقطب مئات الزائرين من مختلف الجهات الشرقية على مدار السنة، خاصة في فصل الصيف حيث تشكل السيارات طابورا طويلا أمام المحلات للتمتع بشواء لحم الخروف الجبلي وكل ما تكرمت به المشواة وتقنياتها وأسرارها. فمن أراد أن يكرم ضيفه بڤالمة فما عليه إلا أن يصطحبه إلى الجهة الشرقية، وبالضبط إلى عين تحمامين، التي تلتهب أزقتها الضيقة والمتراصة ببعضها البعض يوميا بدخان المشواة، خاصة في الشارع الرئيسي للمدينة، حيث يصطف العشرات في إعداد هذه الأكلات ويقدمونها للزبون في صحون فخارية وأخرى صنعت من خشب السنديان وشجيرات الصنوبر والخروب، وعلى الزبون أن يختار ما لذ وطاب من لحوم بنكهة الزعتر والإكليل والبهارات، وهناك من يقدمها بشكل آخر يعرف باسم اللحم المفور، والذي يتم طهيه بالبخار، وهو وجه آخر لنكهة اللحم بالمنطقة. يقول "علي"، الذي ورث هذه المهنة عن أجداده إن الشواء لم تكن شهرته تتعدى المنطقة وما جاورها، ثم ذاع صيته لجودة لحم الخروف الجبلي، وقال بأن عائلته تناقلت هذه الحرفة وظلت محافظة عليها إلى يومنا هذا. وأرجع الإقبال الكبير على شواء عين تحمامين إلى نوعية الفحم المستعمل ونوعية الخرفان كذلك التي تعتبر من أحسن الأنواع، ويسميها الكثير بمنطقة "الصفقات" نظرا لعدد الشخصيات الذين مروا عبر عين تحمامين والتي سحرها هذا الشواء اللذيذ. وقد أجمعت إفادات السكان المحليين على جودة ما يقدم من شواء وعلى روعة الطبيعة هناك، وهو ما تأكدنا منه خلال زيارة قادتنا إلى محيط عين تحمامين، فطرقها محفوفة بالأشجار وغابات الدفلى الوافرة الظلال، وهديل الحمام الذي اتخذ من بيوت القرميد مأوى له شكل لوحة جمالية مستوحاة من تقاليد المنطقة. وتبقى عين تحمامين قطبا سياحيا كبيرا لو وجد العناية من قبل السلطات المحلية لنافس العديد من المدن الساحلية.