حيث توارثت هذه الحرفة عن الأجداد، أين طورت الوسائل والطرق التي يشوى عليها لحم الخروف وبقيت تحتفظ ب "طبونة" الفحم وبعد الملحقات الأخرى وهي الآن تستقطب الزبائن من مختلف الأقطار على مدار السنة. ففي برحال، ليس هناك أفضل من الغداء بشواء اللحم ومشتقاته وكل ما تكرمت به المشواة التي لها تقنياتها وأسرارها الذي أضحى رمزا للمدينة التي تلتهب يوميا بدخان الفحم وتعبق الشوارع ببعض المعطرات العشبية. فزائر برحال، أول ما يلفت انتباهه في الطرقات الفرعية للمنطقة وفي الشارع الرئيسي هواة إعداد الشواء وجميعهم يتقنونها ويقدمونها للزبون بطريقتهم الخاصة وبأطباق متنوعة تمتد إلى مختلف أعضاء الخروف، وعلى الزبون أن يختار بين شواء اللحم أو الكبد أو القطع المختلفة كاللحوم التي تتبل بإكليل الجبل والزعتر وبعض المنكهات الأخرى وهناك من يقدمها بشكل آخر أو ما يعرف باسم اللحم المفروم الذي يتم طهيه بالبخار ويوضع في "فصعة" من الفخار، أين تتمازج نكهة الخروف برائحة الفحم وهو وجه آخر لمثل هذه الأطباق الشعبية التي لم تعد أكلة عادية فقط، بل أضحت حرفة تدر ربحا وفيرا على العائلات البسيطة. وبالرغم من تشابه طرق تحضير الشواء في نظر الزبائن، إلا أن أحد رؤساء المطاعم أكد ل "الفجر" أن هناك سرا في هذا الشأن يحتفظون به ولا يكشفونه لأحد.. ورغم إلحاحنا، اكتفى صاحبنا بالتلميح بأن الأمر يتعلق بنوعية الخرفان التي يذبحونها بأنفسهم؛ حيث يختارون أجودها، خاصة التي تعيش في جبال الإيدوغ وبحيرة فتزارة والتي تتغذى على نبات الضرو والغابة. والشائع أن أصحاب المحلات يستعملون لحم الخروف الجبلي الذي يكثر عليه الطلب بدلا من لحم الأبقار. غيرنا الوجهة نحو إحدى الزوايا الأخرى للتعرف أكثر على هذه الحرفة حيث اكتشفنا أنهم يستخدمون نوعا اخر من الفحم يعود أصله لأشجار الفلين والصنوبر بالإضافة إلى فنيات التعامل مع المشواة التي تبقى أسرارها هذه الأكلة التي تستهوي عادة مستعملي الطريق الوطني رقم 44 خاصة المسافرين وسائقي الشاحنات الذين اعتادوا برمجة نزولهم ببرحال لتناول ما جادت به مشواة هذه المنطقة. وعليه يبقى دخان المشواة عنوانا لكل الزائرين، خاصة منهم المسؤولين الذين يفضلون الشواء على الجمر والسياحة الجبلية بعنابة.