كان المكان موقف الحافلات بباش جراح والساعة تشير إلى حوالي الثامنة صباحا حين لفت أنظارنا شاب في كامل نشاطه الحيوي وحماسه العملي وهو يحضر لإعداد طاولة عمله. تقربنا منه للتحدث معه. هو "كمال" عمره 22 سنة أجاب باستخفاف عن سبب قدومه حيث قال "لاشيء، يعني بطال". وفي دردشة صغيرة معه اكتشفنا أن كمال يعمل بالمنطقة بائعا لشراب الفواكه وذلك من أجل إعانة عائلته الفقيرة والتي تتكون من 7 أفراد والمقيمة بحي النخيل بذات البلدية، مضيفا أنه لا أحد يعمل في أسرته سوى راتب والده الذي لا يكفي حتى لتكاليف الخبز - كما قال - ضف إلى ذلك والدته المريضة التي تعاني من مرض السكري هذا ما يجبرها على أخذ حقن الأنسولين يوميا وهو ما لم يتمكّن الأب من توفيره. وعن عمله هذا قال "كنت أبيع الدخان على طاولة بقارعة الطريق أمام إحدى المقاهي غير أن رجال الشرطة والأمن في كل مرة يلاحقوني ويحجزون السلعة وبصراحة "هذا مخرجش عليّ. لذا ومع حلول فصل الصيف قررت البحث عن عمل أي شيء أحصل من خلاله على بعض الدنانير فلجأت إلى بيع الشراب"، وأما عن الأسعار التي يبيع بها فقال إن الأسعار تتراوح بين 20 دج و30 دج للقارورة الصغيرة من الشراب. وخلال جولتنا وعن طريق الصدفة التقينا داخل حافلة نقل المسافرين الخط الرابط محطة نقل المسافرين "الخروبة" وساحة الشهداء الطفل "إبراهيم" 10 سنوات يحمل صندوقين من التوت وهو يحاول بكل ما له من عزم رفعهما قصد إدخالهما للحافلة والعرق يغمر وجهه والبراءة تملأ عينيه والتعب بادٍ على جسده النحيل. حاولنا التقرب منه بتخوف لكن الطفل إبراهيم تجاوب معنا وتحدث إلينا بكل تلقائية وصراحة، سألناه عمّا يفعله بهذين الصندوقين فأجابنا أنه يبيعه عند باب جامع ليهود بساحة الشهداء. وعن سعر الكأس الواحد للتوت قال إنه يتراوح بين 5دج و10 دج للكأس وأما عن مصدر المادة فأخبرنا أنه يتسلم صندوقين في اليوم من أحد الأشخاص من منطقة القبائل بضواحي تيزي وزو. وقد أخبرنا إبراهيم أنه يتابع دروسه في السنة الرابعة ابتدائي بمدرسة مصطفى بن بولعيد بالحراش، واضطر إلى ممارسة هذا النشاط ليعيل نفسه بقليل من المال تحضيرا للدخول المدرسي المقبل، كون والده لا يستطيع التكفل به وبأخواته الخمسة. و نحن ندردش مع إبراهيم التقينا "كريم" 18 سنة، ترك مقاعد الدراسة منذ سنتين وهو الآن بدون عمل لكنه يحترف بيع الجرائد على الطريق ب"شارع حسيبة بن بوعلي" و"ساحة أول ماي" بحيث قال "كريم" إنه يتحصل على الجرائد من الأكشاك المجاورة ثم يبيعها على الطريق ويتحصل على راتبه من صاحب الكشك الذي أحيانا ما يكون مجحفا في حقه. وعن ظروفه الاجتماعية أخبرنا أنها قاهرة جدا وهي التي أجبرته على العمل لاسيما وأن عائلته فقيرة.