ألو.. نعم.. أنا هو المكلف بالإعلام.. ما نهدرش.. اخطوني راني في عطلة... الإجازة الصيفية حق لكل موظف اشتغل كامل السنة، وقد أقر هذه "العطلة الصيفية" القانون الدولي للعمل الذي حدّد مدتها بثلاثين يوما كاملا.. لكن الظاهر في بلادنا أن أغلب الموظفين، إن لم نقل كلهم وعلى رأسهم كبار المسؤولين في الإدارة، يحبذون أخذ العطلة خلال شهر واحد ووحيد، للاستفادة منها الإجازة.. ألا وهو شهر "أوت"؟! وعلى خلفية ذلك يصطدم المواطنون بتعطل الخدمات في مختلف القطاعات ولاسيما في قطاع الصحة، المراكز البريدية والبنوك. هذا ما وقفنا عليه خلال جولتنا الاستطلاعية التي قمنا بها أمس في العاصمة. يفضل كثير من الموظفين والإداريين والإطارات السامية.. وحتى الوزراء، أخذ إجازاتهم في شهر أوت من كل سنة لقضاء "عطلة صيفية " بعيدا عن أجواء الجد والعمل.. بقصد الراحة والاستجمام استعدادا للدخول الاجتماعي المقبل.. لكن هناك بالمقابل فئة أخرى من المواطنين، بحاجة ماسة إلى "العلاج" و"المال" وخدمات أخرى، فتجدهم دائما يبحثون عن أحسن وأجود الخدمات.. ومن يسديها لهم.. إلا أنهم للأسف يتفاجأون بوجود طوابير طويلة تكاد لا تنتهي.. لأن الجميع في عطلة.. ومن لم يقدر على الصبر فعليه بالانتظار إلى غاية شهر سبتمبر المقبل. بوروينة في عطلة 15 يوما.. والموظفون يؤجلون عطلهم إلى تاريخ آخر انطلقنا في حدود العاشرة صباحا من مقر الجريدة بهدف التقرب أكثر من مختلف الإدارات في فصل الصيف، كانت وجهتنا الأولى "بلدية سيدي امحمد" التي تستقبل يوميا العشرات من المواطنين الذين يقصدونها بهدف استخراج الوثائق، خاصة في هذا الظرف، لتصبح بذلك وجهة للطلبة، التلاميذ وحتى الأولياء الذين يأتون لاستخراج الوثائق لأبنائهم بهدف التسجيل في المعاهد والجامعات وحتى مراكز التكوين المهني استعدادا للدخول المدرسي والاجتماعي المقبل... وجدنا كافة عمال المجلس وموظفيه مجندين لخدمة المواطنين، بالرغم من أن العديد منهم يرغب في الهروب والابتعاد عن أجواء العمل والجد في شهر أوت... لكن "بوروينة" فضل هذا الشهر لقضاء عطلته الصيفية لمدة 15 يوما بعيدا عن الأمور والقضايا التي تخص بلديته التي يبدو أنها أنهكته بشكل كبير.. ولدى تقربنا من بعض المواطنين أكدوا لنا أن العديد من العقبات التي كانت تواجههم في السابق بدأت تنزاح وبشكل ملحوظ، خاصة وأنهم قليلا ما أصبحوا يتفاجأون بوجود طوابير طويلة على حد قولهم. غادرنا بلدية سيدي امحمد لنتوجه بعدها إلى المؤسسة الإستشفائية للصحة الجوارية "محمد بوشنافة" بسيدي امحمد، التي يقصدها المرضى من مختلف النواحي بحثا عن العلاج الجسدي وحتى عن العلاج النفسي.. فكانت لنا وقفة هناك. عدد الأطباء يتقلص من 10 إلى 6.. والطبيبات يفضلن العطلة في رمضان دخلنا المؤسسة العمومية للصحة الجوارية محمد بوشنافة في حدود الساعة 11.30 فوجدنا قاعة الانتظار ممتلئة عن آخرها بالمرضى، خاصة الأطفال والنساء، واقتربنا من إحدى الممرضات التي أكدت لنا أن عدد الأطباء في فصل الصيف يتقلص من 10 أطباء إلى 6 لأن أغلبهم يحبذون هذا الشهر لقضاء عطلتهم الصيفية بعيدا عن المركز الاستشفائي، عن الأدوية وحتى عن المرضى، معلنة في السياق ذاته أن المؤسسة من جهتها تعمل جاهدة على توفير الحد الأدنى من الخدمات من خلال تجنيد 3 أطباء في الفترة الصباحية و3 آخرين في الفترة المسائية. في حين تضحي العديد من الطبيبات والممرضات بعطلهن الصيفية ويفضلن البقاء في مناصب عملهن بقصد الاستفادة من عطلة سنوية في شهر رمضان باعتبار أن أغلبهن ربات بيوت. ومن جهة ثانية أوضحت محدثتنا أن المؤسسة تستقبل يوميا الآلاف من الأشخاص الذين يصابوا بجروح خطيرة إثر تعرضهم للضرب والجرح العمدي من قبل أشخاص مجهولين، وكذا مرضى الربو، داء السكري، الضغط الدموي وحالات عديدة من التسممات الغذائية. "ماتاكلوش نحن في عطلة.. انتظروا شهر سبتمبر" هي حالة بعض "السوبيرات" التي كتبت بالبنط العريض.. "نعتذر نحن في عطلة"، في عدد لا بأس به من الشوارع، والأحياء، حيث أبى أصحاب هذه المحلات إلا أن يستفيدوا من إجازتهم خلال شهر أوت، لا لشيء إلا لأن معظم الشعب الجزائري يفضل الاستجمام في فصل الصيف، على الرغم من المناظر الخلابة والمناخ الطيب الذي تتميز به الجزائر في فصول السنة الأخرى حيث يختار الأجانب زيارة الجزائر، خاصة الجنوب الكبير في فصل الشتاء، فتشهد حركة منقطعة النظير من قبل السياح، بمختلف الدول باستثناء الجزائر، التي تشهد سباتا في مختلف الفصول، وتشهد إداراتها ومرافقها سباتا خلال فصل الصيف خاصة، ويتساءل المواطن البسيط ماذا يقصد ليقتني مستلزماته، أم أن عليه أن ينتظر حتى دخول فصل سبتمبر للأكل والشرب. المكلفون بالإعلام بمختلف الإدارات.. "نحن في عطلة.. ولن ندلي بأي تصريح" ارتاينا خلال إنجاز هذا الروبورتاج تسليط الضوء على فئة أخرى من المجتمع، والتي تعتبر أحد أهم مصادر خبر الإعلاميين، إنهم المكلفون بالإعلام والاتصال لدى مختلف الإدارات.. وقد رفضوا الإدلاء بأي تصريح لنا في هذا الشهر، بمبرر أنهم في عطلة سنوية.. ومن ثمة فقد حاولنا الاتصال بالعديد من الوزارات والإدارات للاستفسار عن بعض المواضيع غير أن محاولاتنا باءت كلها بالفشل. وعلى سبيل المثال لا الحصر، اتصلنا بوزارة المالية حيث رد علينا مسؤول الإعلام والاتصال والذي أخبرنا أنه في عطلة ولا يمكنه التصريح، ولما طلبنا منه برمجة لقاء مع أحد المسؤولين بالوزارة الذين يملكون صلاحية التصريح للصحافة، أكد لنا أنهم في عطلة ولن يستأنفوا مهامهم قبل شهر سبتمبر المقبل. نفس الإجابة تلقيناها من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيث رد علينا المكلف بالإعلام والاتصال الذي اتصلنا به مؤخرا، فأوضح لنا هو الآخر من أنه استفاد من إجازة وأن أي استفسار سيؤجل إلى بعد انتهاء عطلته، وعليه فالسؤال الذي نطرحه: هل علينا نحن الصحافيين أن ننتظر إلى غاية انتهاء عطلة "المكلف بالإعلام" لكي نتمكن من الحصول على معلومات واستفسارات تخص الدخول الجامعي المقبل عموما، والتسجيلات الأولية والنهائية على وجه الخصوص والتي تصير في شهر سبتمبر في خبر كان. بينما أخبرتنا مسؤولة العلاقات والاتصال بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات التي اتصلنا بها عبر هاتفها النقال، بأن كافة المديرين بالقطاع قد خرجوا في عطلة سنوية، وبأنه علينا تأجيل مواضيعنا إلى غاية الدخول الاجتماعي المقبل. ومن شركة "اتصالات الجزائر" رد علينا المكلف بالاتصال قائلا إنه لا يمكنه الإدلاء بأية استفسارات تخص قطاعه إلى غاية شهر سبتمبر المقبل، وذلك بعد انتهاء عطلته السنوية التي فضل هو الآخر أن يبرمجها في هذا الشهر. ومقابل ذلك فقد أجرينا اتصال بشركة تسيير مساهمات الدولة لقطاع الإسمنت، حيث ردت السكرتيرة لما طلبنا منها أن تضعنا على الخط مع أحد المسؤولين بالشركة، بأنها وحدها بالشركة وبأن كل المسؤولين أخذوا عطلة... وعليه فإن جميع الخدمات مؤجلة إلى غاية عودة هؤلاء "المسؤولين " بألف خير في الدخول الاجتماعي المقبل. من جهة أخرى حاولنا الاستفسار عن بعض المعلومات بالصندوق الوطني للتوفير والاحتياط، غير أن السكرتيرة أكدت أن كلا من الرئيس المدير العام والمكلف بالإعلام والاتصال للصندوق في عطلة سنوية وسيستأنفان مهامهما في 10 من الشهر الجاري.. فما عليكم أيها الصحافيون إلا الصبر ثم الصبر إلى غاية عودة "مسؤولينا" إلى مناصب عملهم بصحة وسلام... هذه عينة بسيطة عن الهيئات الرسمية والإدارات التي اتصلنا بها مع بداية هذا الشهر للاستفسار عن مواضيع وقضايا حساسة تهم شريحة كبيرة من المواطنين... وكما سردنا عليكم في هذا الاستطلاع فإن كل محاولاتنا باءت بالفشل لأن كل من اتصلنا بهم طلبوا منا الانتظار والصبر إلى غاية انتهاء عطلهم السنوية... وعليه يجدر طرح السؤال في هذا الوضع: هل نحن مضطرون أيضا إلى الخروج في عطلة رفقة المسؤولين.. أم الانتظار إلى غاية الدخول الاجتماعي المقبل، وهل المرضى مضطرون للانتظار أيضا مع أن الموت لا ينتظر والمرض لا يرحم.. وهل المواطن البسيط عليه أن يقضي حاجياته من دول أجنبية، بما أن "السوبيرات" أيضا في عطلة؟