لا تزال قضايا مشاريع الدعم الفلاحي وما يكتنفها من غموض ولامبالاة تحرك مجموعة من الفلاحين بمدينة المحمدية بولاية معسكر ممن استفادوا من إعانات الصندوق الوطني للضبط والتنمية الفلاحية المسمى بالتدعيم الفلاحي بعد أن تعرضوا لتحايل مبرمج تورطت في نسجه جهات مسؤولة أوكلت لها مهمة تمويل الفلاحين بمشاتل الحمضيات والزيتون. يأتي ذلك بخلاف ما جاء في دفتر الشروط الذي ينص على ضرورة الاستفادة من أشجار الحمضيات المطابقة للنوعية التي يفترض تسويقها، لكن ذلك حال دون متابعة الأساليب القانونية. المستفيدون من المشروع أي من عملية تسويق المنتوجات الفلاحية المغشوشة كمشاتل البرتقال والزيتون سارعوا إلى تقديم شكاوى إلى المصالح المعنية كمديرية الفلاحة، وتزامن ذلك مع محاولة الممونين القادمين من ولاية البليدة إلى تسوية القضية بالتراضي مع تقديم خدمات مجانية للفلاحين المتضررين نظير تنازل الفلاحين عن شكاويهم وعدم تصعيد الوضع، في إشارة إلى خلفية اعتراف ضمني برداءة المنتوجات التي تم تسويقها. في سياق متصل، سبق لمحكمة المحمدية معالجة إحدى هذه القضايا بإصدار وكيل الجمهورية لمقررة الحفظ موقعة بتاريخ 06 مارس المنقضي عقب شكوى مودعة من قبل أحد الفلاحين مؤرخة في 19 فيفري 2006 تحت رقم 4480 تتضمن تصنيف القضية في إطار القضايا المدنية، وهو ما يراه هؤلاء الفلاحون بمثابة إفلات المتورطين من العقاب، وقد جددوا مراسلاتهم خلال السنة الجارية 2008 معلنين عن تحفظهم من مضمون مقررة الحفظ وفضلوا مراسلة النائب بمجلس قضاء معسكر وإشعاره بتفاصيل القضية، وأن ما قام به الممونون المتورطون يستوجب إخضاعهم لعقوبة السجن لأكثر من 6 سنوات طبقا للمادتين 429 و430 من قانون الإجراءات الجزائية، وأظهرت بعض الوثائق الرسمية المتضمنة شهادة مفتشية المشاكل المعنية بالتسويق التابعة إداريا لمديرية المصالح الفلاحية لولاية البليدة مؤرخة في 22/03/2004 التي تشير إلى صلاحية تسويقها إلى فلاحي سهر هبرة بالمحمدية وسيق ومن ذلك تسويق 3000 مشتلة حمضيات المتنوعة وكميات أخرى في حدود 2000 مشتلة من مادة طامسون و5000 مشتلة زيتون. بينما حدد سعر المشتلة الواحدة ب 200 دينار جزائري. المشاتل المذكورة التي تم تسويقها يوم 29 مارس 2004 فاجأت غالبية المستفيدين من مشروع التدعيم الفلاحي برداءة نوعيتها، إذ إن كمية الحمضيات تبين بعد ذلك أنها مجرد نوعية رديئة تستعمل عادة كسور لإحاطة الحقول الفلاحية ليس إلا، وهي نوعية يطلق عليها إسم "يلوتين"، في حين تبرز صور التحاليل فيما يتعلق بنوعية مشاتل الزيتون التي اهتدى أصحابها إلى وضع ملصقات تعريفية بعبارة "زيتون سيق" أو بالنطق الفرنسي "سيقواز" لإيهام الفلاحين بضرورة اقتناء البضاعة، وهو ما تم فعلا خاصة بعد تلقيهم ضمانات من طرف المصالح الفلاحية لولاية البليدة بواسطة شهادة كشف المطابقة تحت رقم 6881 مؤرخة في 29 مارس 2004، إلا أن النوعية تخص مواصفات زيتون القبائل الكبرى والذي يستعمل عادة في الورشات الخاصة بمعصرة الزيتون، شهادة كشف المطابقة المذكورة حملت توقيع وختم مندوب المصالح الفلاحية (المفتشة الرئيسية "ل.ل") وهو ما دفع بالفلاحين إلى أخذ ذلك مأخذ الجد والثقة، وسبق لهؤلاء الفلاحين المتضررين مراسلة المصالح الفلاحية بولاية معسكر ومندوبيتها على مستوى القسم الفرعي مع دعواهم إلى مطالبة بنك الفلاحة والتنمية الريفية بتقديم توضيحات كون أن هذا الأخير ضمن عملية تسويق المنتوجات المشار إليها آنفا.