سيدتي الفاضلة لأنك في مقام الوالدة، أسألك النظر في أمري والبت فيه في أقرب فرصة، لأنني أتخبط في متاهة عسر عليّ الخروج منها، فبعدما كنت الفتاة الجادة ذات العزيمة التي لا تحبطها المشاكل، أمسيت بلا إرادة أشبه تماما المخلوق الآلي الذي تسيّره البرامج وفق نُظمها، كذلك أشعر بحالي بعدما أضعت على نفسي فرصة تحصيل النتائج المرضية في الفصل الأول، مثلما كنت أفعل دائما وأحظى بالثناء من طرف أساتذتي بالجامعة، ها أنا اليوم ومنذ انتهاء عطلة الشتاء، أعيش نفس الظروف ونفس الأسباب التي لا محالة ستؤدي إلى نفس النتائج. سيدتي الفاضلة، العلة فيما يحدث لي شاب استحوذ على عقلي وقلبي وملك كياني وسكن نفسي في صمت، مما جعلني أعاني الويل لأنني لا أعرف أي نوع من المشاعر يُكنها لي، نعم تعلقت به ولا أستطيع تصور الحياة دونه، هذه المشاعر الجارفة جعلتني أهمل كل ما في حياتي، دراستي وعباداتي وعلاقاتي مع الأهل والأقارب والأصدقاء، عاصفة قوية أتت على عقلي وخربته فجعلته عاجزا تمام العجز عن التفكر والتدبير، فهل يا ترى كل من ذاق طعم الحب أجده يعاني مثل معاناتي؟ أليس هذا الشعور خارج عن نطاق القدرة البشرية؟ أليست القلوب بيد الله يقلبها كيف ما شاء؟ أليس ميل المرأة لرجل فطرة لا نملك تغييرها؟ أجيبيني سيدتي وساعديني كي أجمع شتات نفسي المبعثرة، بعدما سرت في طريق لا أ درك نهايته؟ دنيا/ المدية الرد: عزيزتي أمرك واضح وسبب انشغالك ظاهر لا يحتاج التنقيب عليه، ألم تفهمي بعد أن الانشغال بذلك الشاب أخذ جل اهتمامك فشتت تركيزك، مما انعكس سلبا على دراستك، وهذا أكبر دليل على صحة الحكمة القائلة «صاحب البالين كذاب»، نعم عزيزتي ميل المرأة للرجل وميل هذا الأخير لبنات حواء أمر جُبل عليه كلا من الجنسين، لكن ضمن الأطر الصحيحة التي شرعها لنا الإسلام، ديننا الذي لم يتكلم عن الهوى أبدا ومن حاد عن طريقه ضاع، مثله كمثل من يرغب في الظلام الحالك أن يمرر الخيط الأسود عبر ثقب الإبرة، فما تعانين منه أمر عارض قد يكون إعجاب أو استلطاف، وحتى هذه المشاعر يجب أن يضبطها ضابط الأخلاق، فإن كان هذا الشاب ممن يرضى دينه وخلقه، فإنه سيتصرف كالشرفاء ليطرق باب بيت أهلك بحثا عن الجواب، وإذا كان العكس، وجب عليك التخلص من هذا الوهم الذي سيقودك إلى حقيقة هي غضب وسخط الله عليك، لكل هذه الأسباب بات لزاما عليك استهجان الأمر وليس استحسانه، خشية أن يزيّنه لك الشيطان، إذا عليك بقطع حبل الأفكار التي تطارد خواطرك، وتقرّبي من الله من خلال الذكر والصلاة، واسأليه أن يلهمك رشدك وأن يسهل أمرك، وأن يكتب لك النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. ردت نور