من الأخلاق الذميمة التي انتشرت آفتا الغيبة والنميمة، فقد أدى الفراغ الذي يعاني منه كثير من الناس، من رجالٍ ونساء، إلى انكباب الكثير منهم على استغابة الناس، والسعي بينهم بالغيبة والنميمة بدعوى التسلية وتمضية الوقت، وما درى هؤلاء أن آفات اللسان تلك قد تودي بصاحبها إلى النار والعياذ بالله وفي الحديث بما معناه إن الرّجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا لتهوي به في جهنم مسيرة كذا وكذا، وبالتالي فإن الموضوع جلل لا يستهان به أبدا، ومن أراد أن يستبرأ لدينه، وعرضه عليه أن يبتعد عن تلك الآفات ويتجنبها، بل وأن يتجنب كل من يمارسها من الناس، وإذا سمع أحدا يغتاب أوينم بين الناس أن يذكره وينصحه بما ورد من الآيات والأحاديث في ذلك، ومنها قوله الله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ «، وهذه الآية الكريمة تشبه الغيبة كمن يأكل لحم أخيه ميتا، وإن النفوس والطبائع السليمة بلا شك لتأبى ذلك، كما بين النبي صلّى الله عليه وسلم حين مر بجوار قبرين بقوله إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، وكان جريمة أحدهما أنه كان يمشي بالنميمة بين الناس . لكي يبتعد الإنسان المسلم عن آفة الغيبة والنميمة عليه أن يستحضر حرمتهما دائما، عندما تسوّل له نفسه الخوض في أعراض الناس باستغابتهم، أو عندما يهم بأن يسعى بالنميمة بين الناس، وكذلك على الإنسان أن يعلم أن له عرضا، وأنه ينبغي أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، وأن يكره لأخيه ما يكره لنفسه، ومن منا يحب لنفسه أن يغتابه أحد، وبالتّالي وضع الإنسان نفسه موضع أخيه مما يعظم إثم الفعل في نفس الإنسان وتساعده على الإقلاع عنها. من الأمور التي تعيين الإنسان المسلم على أن يبتعد عن الغيبة والنميمة، إشغال النّفس بالطاعات والعمل الصالح النافع، فكثير من الناس يرتكبون تلك الآفات بسبب فراغهم، وبالتالي فإن حسن استغلال الوقت بما أباح الله تعالى هي مما يعين الإنسان على اجتناب ما حرمه تعالى، جعلنا الله جميعا ممّن يجتنبون تلك المعاصي، ويستمعون القول فيتبعون أحسنه.